أثارت صور تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي ونقلتها وسائل الإعلام حول انتهاكات للمرضى المقيمين في مستشفى العباسية للأمراض النفسية (حكومي) حالة من الغضب والجدل في
مصر.
وكان نشطاء قد تداولوا صورا تظهر إساءة معاملة المريضات داخل المستشفى وتجريدهن من ثيابهن، وقيام الموظفين بضربهن أثناء تحميمهن على الأرض بطريقة غير آدمية في دورات مياه غير مناسبة بالإضافة إلى الإهمال في علاجهن.
واقعة كيدية
وبعد انتشار تلك الصور بادرت وزارة الصحة بإلقاء اللوم على من قام بتسريبها إلى الانترنت، وقالت إن تصوير المرضى في أوضاع غير لائقة أمر متعمد من أحد العاملين بهيئة التمريض للإشارة إلى وجود انتهاكات بالمستشفى.
وأوضح مصدر بالوزارة أنه تمت إحالة جميع المدانين في هذه الواقعة إلى التحقيق لمعرفة من قام بتصوير هذه المشاهد ومعاقبته.
وكانت وزارة الصحة أعلنت، الاثنين الماضي وقف مدير المستشفى و11 فردا من طاقم التمريض عن العمل وإحالتهم للتحقيق بتهمة انتهاك القانون بنشر صور المرضى في الإعلام وانتهاك خصوصية المريض النفسي، وليس بسبب إساءة معاملة المرضى.
وفي مداخلة له مع قناة "النهار" مساء الثلاثاء، انتقد نائب مدير مستشفى العباسية سامي حجاج، وسائل الإعلام وقال إنها شريك في الخطأ لأنها نشرت صور المرضى وانتهكت خصوصيتهم.
من جابنها قالت رئيسة قسم تمريض بالمستشفى جيهان أحمد، إن الواقعة كيدية من جانب عاملة نظافة استغلت عملها وصورت المريضات عاريات ونشرت الصور لتنتقم من إدارة المستشفى.
النيابة تعاين المستشفى
وفي السياق ذاته، أمر النائب العام المستشار نبيل صادق بفتح تحقيق في الواقعة، حيث عاين فريق من النيابة العامة أمس الثلاثاء أقسام المستشفى واستمع لأقوال عدد من العاملين والمرضى.
كما تم تكليف الإدارة العامة لمباحث الإنترنت بوزارة الداخلية بإجراء التحريات حول الواقعة لمعرفة الشخص الذي قام بنشر صور المرضى على الإنترنت.
وكان المتحدث باسم وزارة الصحة قد أعلن، في بيان له أمس الثلاثاء أن الوزير قرر إحالة الواقعة إلى النائب العام، مشيرا إلى أن الوزارة حريصة على خصوصية المرضى النفسيين وعدم انتهاك حقوقهم بأي شكل من الأشكال.
إهمال وضعف إمكانيات
وفي جولة قامت بها "
عربي21" داخل المستشفى المترامي الأطراف، لاحظت عدم العناية بالمرضى وتركهم يهيمون على وجوههم داخل طرقات وحدائق المستشفى بل ومغادرة بعضهم البوابة الرئيسية للمستشفى والخروج للشارع دون رقابة حقيقية من الأطباء أو الممرضين أو مسؤولي الأمن الإداري.
كما يعاني المستشفى من إهمال واضح وضعف كبير في الإمكانيات على الرغم من مرور نحو قرن تقريبا على إنشاء المستشفى الذي يعد أكبر مستشفى متخصص في الأمراض النفسية والعصبية في الشرق الأوسط.
وأكد أطباء وعاملون وجود ممارسات خاطئة وغير آدمية داخل المستشفى من بينها تعديات واعتداءات جسدية ونفسية بحق المرضى من جانب أفراد التمريض وعمال النظافة، فضلا عن تسيب كبير وعدم اهتمام بشؤون المرضى.
استجواب في البرلمان
وتقدم عدد من نواب البرلمان بطلبات إحاطة لوزير الصحة أحمد عماد الدين حول الانتهاكات التي يتعرض لها المرضى داخل مستشفى العباسية.
وطالب عضو مجلس النواب محمد فؤاد بمثول الوزير أمام البرلمان لاستجوابه عن التجاوزات، مؤكدا غياب الدور الرقابي داخل المستشفى وفقا لاعترافات وزارة الصحة.
ورحب "فؤاد" فى بيان صادر عنه الأربعاء، اطلعت عليه "
عربي21"، بتحويل تلك التجاوزات للنائب العام، موضحا أن الواقعة تدل على وجود قصور جسيم ولا يجب اختزالها في البحث عن كيفية خروج هذه الصور إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان علاء عابد، إن اللجنة ستفتح ملف الانتهاكات في مستشفى العباسية للأمراض النفسية على خلفية واقعة تصوير المرضى بشكل غير لائق.
وأضاف عابد، في تصريحات له الثلاثاء، أن اللجنة ستقوم بزيارة المستشفى للاطمئنان على المرضى وعلى مستوى الخدمة المقدمة لهم، مشددا على ضرورة وضع تركيب كاميرات في المستشفى لضمان الحفاظ على حقوق المرضى وعلى طريقة التعامل معهم على مدار اليوم.
كما أعلن النائب شريف الورداني تقدمه بطلب إحاطة آخر لوزير الصحة حول الواقعة ذاتها، مشدداً على ضرورة اتخاذ قرارات صارمة بحق مُرتكبي تلك الانتهاكات ليكونوا عبرة لكل من يخالف حقوق المرضى النفسيين.
وحذر الورداني، في تصريحات صحفية الأربعاء، من تعامل الحكومة مع هذا الإهمال باعتباره تصرف فردي أو واقعة كيدية، مطالبا بحساب كل المقصرين جنائيا وسياسيا، ووقف الأسباب التي أدت إلى تلك المخالفات وتهديد حياة وكرامة المرضى.