تحول "
تقاعد البرلمانيين" إلى حجر عثرة في حذاء أحزاب
الأغلبية الحكومية
المغربية، بعد التطورات المتسارعة التي دخلها هذا الملف، بعد أن تسبب في تفجير أول لقاء للآلية السياسية لزعماء أحزاب الأغلبية، بعد أشهر من التوقف.
الطريقة التي عارض بها الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، قرار رئيس
الحكومة ورفضه ضخ أموال عمومية لإنعاش تقاعد البرلمانيين، وكذا مشروع قانون تقدم به فريق العدالة والتنمية، من أجل حذف دعم معاشات البرلمانيين من المال العام، فجرت صراعا داخل الأغلبية لا يتوقع أن يتوقف قريبا، خاصة بعد تصريحات رئيس الحكومة السابق والقيادي في حزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران.
معركة قانونية
صب فريق العدالة والتنمية (يقود الحكومة) في مجلس النواب (الغرفة الأولى) مزيدا من النار المشتعلة أصلا، بعد التصريحات النارية للأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، ضد قادة أحزاب الأغلبية، من خلال تقديم مقترح قانون يهدف إلى تصفية نظام المعاشات.
وتم رسميا في جلسة الاثنين من جلسات مجلس النواب، إحالة مقترح قانون تصفية نظام معاشات البرلمانيين، أثناء افتتاح جلسة مجلس النواب، أثناء حضور رئيس الحكومة، حيث تليه وفق المساطر الجاري بها العمل الإحالة الرسمية على المسطرة التشريعية لمقترح قانون.
وكشف محمد خيي الخمليشي، رئيس لجنة المالية في فريق العدالة والتنمية، أن الإحالة جاءت بعد معركة حامية في أروقة مكتب مجلس النواب، كان الطرف الآخر ممثلا برئيس المجلس الحبيب المالكي (الاتحاد الاشتراكي).
وأضاف محمد خيي الخمليشي في تصريح لـ"
عربي21"، أن "إحالة مقترح القانون كانت من خلال لقاء استثنائي لمكتب المجلس، فتارة كان هناك تماطل، وتارة كانت دعوات حبية لعدم إحالة المقترح على المسطرة التشريعية".
وتابع الخمليشي: "تعلمون أن المالكي (رئيس المجلس) هو من يقود جهود وضع مقترح آخر له علاقة بمعاشات البرلمانيين، وبالتالي كان يطلب في كل مرة منحه مزيدا من الوقت من أجل مقترح آخر".
وشدد الخمليشي: "أعتقد أن مسار منح مزيد من الوقت بلغ منتهاه، لأننا أعلنا قبل ستة أشهر نيتنا وضع هذا المقترح وفي كل مرة نمهل الأطراف الأخرى، لكنها تأتي بمقترحات تبقي على مساهمة الحكومة في مالية الصندوق وهذا ما رفضناه".
واعتبر أن "التداعيات الإعلامية هو نتاج ما رشح من لقاء الأغلبية التي رفضت ما وصفته انفراد الفريق بالحديث باسم الأغلبية في هذا الموضوع لا علاقة لنا به، نحن أصدرنا بلاغا قبل مدة بعد تداول في مكتب الفريق، وانتظرنا مقترحات أثبتت كلها صواب قراءتنا للحل الذي يعني تحرير المالية العمومية من معاشات البرلمانيين".
وفي الجهة المقابلة لرأي فريق العدالة والتنمية، يقف رأي آخر من داخل الأغلبية الحكومية يرى بأن حزب رئيس الحكومة (العدالة والتنمية) يصر على اعتباره حزبا غير معني بحلفاء وشركاء داخل الحكومة وهذا الأمر سيسبب مشاكل لرئيس الحكومة.
مصدر "
عربي21" الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أصر على أن الأمر متعلق بنقاش وجب أن يأخذ مداه من أجل الحسم فيه، وعلى ضرورة عدم التسرع ومناقشة المقترحات الأخرى.
واعتبر ذات المصدر أن نقاش هذا الموضوع يجب أن يكون بعيدا عن الأجواء المشحونة، وهذا ما حاولت الآلية السياسية لأحزاب الأغلبية فعله، "لكن الأمر أخذ أبعادا أخرى بعد تصريحات عبد الإله بن كيران الأخيرة والتي هاجم فيها حلفاء حزبه في الحكومة".
وسجل المصدر ذاته، أن الخلاف في التقدير السياسي بين الأحزاب "يحل بالحوار بعيدا عن التسرع كما فعل فريق العدالة والتنمية، أو التجريح كما فعل رئيس الحكومة السابق".
أزمة في الأغلبية
لم يمر اجتماع الآلية السياسية (لقاء الرؤساء) لأحزاب الأغلبية دون أن يخلق أزمة تتصاعد مع مرور الأيام، بعدما رشحت طريقة رفض الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وامتناع رئيس الحكومة عن ضخ أموال عمومية في تقاعد البرلمانيين، و"خرجة" ابن كيران الغاضبة.
في الاجتماع الذي جرى مساء الخميس ما قبل الماضي، انتقد إدريس لشكر ما وصفه بانفراد حزب العدالة والتنمية بمصادرة قرار الأغلبية في قضية تقاعد البرلمانيين، داعيا رئيس الحكومة إلى ضرورة مراجعة موقف الرافض لتقديم دعم عمومي لصندوق تقاعد البرلمانيين.
هذا العرض رفضه رئيس الحكومة، تقول مصادر "
عربي21"، الذي شدد على أنه لن يمنح صندوق تقاعد البرلمانيين شيئا من المال العام، ولو كان آخر قرار يتخذه كرئيس للحكومة.
تطورت الأمور بشكل كبير، عندما انقلب الخلاف إلى مشادات بين رئيس الحكومة ولشكر، وانسحاب وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد (العدالة والتنمية) من اللقاء، ما تسبب في تعطيل اللقاء الذي كان مقررا الخميس الماضي.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث التقط ابن كيران الإشارات الصادرة من لقاء الأغلبية، حيث قال السبت الماضي: "أحيي الأمين العام والفريق البرلماني، بخصوص تقاعد البرلمانيين. رئيس الحكومة رفض دعم صندوق تقاعد البرلمانيين من مال الدولة، والفريق أعد مشروع إصلاح التقاعد من المستحيل سياسيا أن نتراجع على هذا الإصلاح".
وتابع ابن كيران: "بعض أحزاب الأغلبية تحتج بأساليب أقرب إلى البلطجة، لا يمكن لحزب يملك 124 أو 125 برلمانيا، ثم يأتي أحدهم بالكاد أكمل فريقا (20 برلمانيا) ويفرض علينا رأيه".
ورفض ابن كيران الابتزاز الذي يتعرض له حزبه من قبل أحزاب الأغلبية، قائلا: "إذا كانت الحكومة تخاف من الانهيار وتريد الاستمرار بأي ثمن، أقول إنه إذا كان من الضروري أن تنهار الحكومة فنحن مستعدون لهذا الأمر".
لغة ابن كيران القاسية، ومضي فريق العدالة والتنمية في مقترحه القاضي بإلغاء دعم الحكومة لتقاعد البرلمانيين، أعادت الحرارة إلى هواتف زعماء الأغلبية الذين يبحثون عن عقد لقاء عاجل يحلون فيه أزمة تتصاعد وتهدد الحكومة في أول اختبار حقيقي لتحالفها.
هذا، ويقضي المقترح بإنهاء نظام المعاشات وإغلاق الصندوق وتصفية حساباته لاستحالة إصلاحه أو استدامة الصندوق من دون تدخل مباشر من الحكومة عن طريق ضخ الدعم المالي وهو الأمر الذي رفضه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
وكان الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، قد تقدم في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بطلب إلغاء القانون رقم 24.92 الذي يمنح للبرلمانيين معاشات مقابل السنوات التي مثلوا فيها المواطنين في المؤسسة التشريعية، حيث تقدر بحوالي 5 آلاف درهم (500 دولار) عن كل ولاية تشريعية، يتوصل بها كل برلماني مباشرة بعد نهاية ولاية انتدابه.