مثل إسقاط المقاتلة الروسية من طراز سوخوي 25، السبت، في ريف
إدلب تحولاً بارزاً في موازين القوى على الأرض السورية.
فوفق ما صرحت به وزارة الدفاع الروسية، فإن الطائرة الروسية تم إسقاطها باستخدام صاروخ أرض جو، محمول على الكتف، من طراز متقدم يضاهي
صواريخ ستينغر الشهيرة، مع استبعاد الوزارة أن تكون منظومة كوبرا أو مثيلاتها هي من أسقطت الطائرة؛ نظراً لقدم هذه المنظومات وإدراك سلاح الجو الروسي لمداها، حيث تعمد الطائرات الروسية للتحليق فوق مدى قدرة هذه المنظومات على تحقيق الإصابة.
والسؤال هنا: من أين جاء ذلك الصاروخ المتطور الذي أطاح بعنجهية سلاح الجو الروسي بلمح البصر، وجعل من دبابة السماء "su 25" كتلة لهب وأثراً بعد عين؟
إن المراقب للتطورات الميدانية في
سوريا يلاحظ أن هيمنة وتنافساً دولياً يحكم الواقع الميداني، وقد كان لافتاً سيطرة النظام والمليشيات الإيرانية المساندة له على منطقة شرق سكة قطار الحجاز في ريف إدلب الشرقي والجنوبي، ومن ثم تجاوزت قوات النظام السكة بمساحات غير قليلة، حتى أنها باتت على بعد 14 كيلومترا من مدينة سراقب.
وسراقب بموقعها الاستراتيجي هي بوابة إدلب المدينة، إذ لا تبعد عنها سوى 10 كيلومترات. وهنا يبدو أن اللاعبين الكبار على رقعة الشطرنج هذه قد تغيرت وجوههم واكفهرت. فيبدو أن خطاً أحمر قد تم تجاوزه للتو، فكان لا بد من صفعة على وجه الدب الروسي الذي ما انفك يساند بسلاحه الجوي قوات النظام بغطاء كثيف ومريع من القصف الذي أحرق سراقب قبل غيرها.
ومن نافل القول؛ تذكر عرقلة أخرى قامت بها المليشيات الإيرانية لتوافق دولي كانت
روسيا هي عرابته، بينما رعته العين الأمريكية عن كثب، حيث قصفت تلك المليشيات موقعاً كان من المفترض أن تنشر فيه تركيا قوات مراقبة في تلة العيس بريف حلب الجنوبي، ضمن اتفاق خفض التصعيد، ونتحدث هنا عن أستانة (اتفاق خفض التصعيد).
فوفق أستانة، قسمت محافظة إدلب إلى ثلاث مناطق، المنطقة الأولى شرق سكة قطار الحجاز؛ تحت النفوذ الإيراني وقوات النظام، والمنطقة الثانية، بين سكة قطار الحجاز وأتوستراد دمشق حلب، تحت النفوذ الروسي، مع التوافق على تسليم السلطة لمجالس محلية بسلاح خفيف، بينما المنطقة الثالثة، غرب أتوستراد دمشق حلب، هي تحت النفوذ التركي.
إذن، يمثل استخدام الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف تطوراً استراتيجياً لافتاً في الصراع الدائر منذ سبع سنوات، وعلى ما يبدو هو رسالة شديدة اللهجة، أرسلها من يرسمون مسارات اللعبة الميدانية في سوريا. ونحن نذكر تماماً أن جبروت سلاح الجو السوفييتي قد تم تحطيمه بصواريخ ستينغر في ثمانينات القرن الماضي، عندما كان الاتحاد السوفييتي يحتل أفغانستان.