تباينت الآراء حول ما يجرى في تفاصيل اللقاءات التي عُقدت مؤخرا بين المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، ومسؤولين من تركيا، في أعقاب أزمة السفينة الأخيرة.
وكان سلامة التقى مبعوث الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان إلى ليبيا أمر الله إيشلر، قبل أن يجتمع مع أردوغان الثلاثاء في أنقرة.
وأكدت بعثة الأمم المتحدة خلال صفحتها الرسمية على
موقع "تويتر"، أن "اللقاء بين سلامة وإيشلر تناول تبادل وجهات
النظر حول الأوضاع في ليبيا"، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
ويعد اللقاء هو الأول من نوعه بعد أزمة السفينة
القادمة من إحدى الشواطئ التركية، والتي كانت تحمل مواد تستخدم في صناعة
المتفجرات، وثبت مؤخرا أنه "لا علاقة لأنقرة بالسفينة أو مالكها".
اقرأ أيضا: أردوغان يناقش الأزمة الليبية مع المبعوث الأممي "غسان سلامة"
وطالب المبعوث الأممي إلى ليبيا، في وقت سابق بضرورة التحقيق في واقعة السفينة، مؤكدا أن "القرار الدولي بمنع تصدير السلاح
واضح وصريح ولجنة الخبراء الأممية ستقوم بعملها بمهنية وتجرد لإظهار حقيقة سفينة أندروميدا
وغيرها"، حسب رأيه.
في المقابل، هاجم العقيد أحمد المسماري، المتحدث
باسم قوات حفتر، تركيا متهما إياها بالتدخل في شؤون ليبيا ودعم ما أسماه "الإرهاب" في بلاده، قائلا إن "التدخل التركي وضع ليبيا في موقف ضعيف جدا أمام الإرهابيين،
كونها تدعمهم"، وفق كلامه.
وعلى ضوء هذه الاتهامات، تظهر تساؤلات مهمة حول لقاء سلامة بأردوغان ومبعوثه، أبرزها: هل اللقاء رد ضمني على حفتر بأن تركيا تساند العملية السياسية الليبية ولا علاقة لها بالإرهاب؟ وما دورها في هذه العملية؟
دعم تيار سياسي
بدوره، قال عضو البرلمان الليبي صالح فحيمة، إن
"تركيا تستغل فاعليتها في المنطقة بشكل لا يخدم القضية الليبية فهي منذ فترة
تسعى إلى دعم تيار سياسي بعينه للوصول إلى حكم ليبيا"، زاعما أن "حادثة احتجاز الباخرة في اليونان دليل على ذلك".
وأكد فحيمة في حديثه لـ"عربي21" أن "البعثة الأممية تحاول تكثيف دعم الدول التي تريد الاستقرار في ليبيا وأمنها"، مضيفا أن "البعثة لم تهمل جانب التعامل مع الدول التي لها القدرة على لعب دور سلبي في القضية الليبية من باب اتقاء شرها و درء خطرها"، بحسب تعبيره.
وبخصوص لقاء سلامة-إيشلر، قال فحيمة: "اللقاء
قد يكون إيجابيا إذا استطاع سلامة إقناع الأخير بأهمية استقرار الوضع الليبي بالنسبة للمنطقة وللعالم، وأيضا لتركيا بشكل خاص، كون الاستثمار التركي في ليبيا كبير".
دور اقتصادي
من جهته، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة "سكاريا"
التركية خيري عمر، إلى أن "مبعوث أردوغان إلى ليبيا، يتعامل مع ليبيا ككل
وليس كأشخاص، ومنذ البداية تركيا تريد أن يكون تواجدها في ليبيا عبر الأمم المتحدة فقط، وهذا اللقاء يأتي في هذا السياق".
وأوضح عمر في تصريحات لـ"عربي21"، أن
"دور تركيا في ليبيا يتلخص في تقديم دعم اقتصادي لبعض المؤسسات، وربما دعم
سياسي أيضا من أجل الاستقرار، ولا أظن سيكون لها دور في العملية الانتخابية، لأن
سياسة تركيا الخارجية ليست سياسة تدخلية، وهي تتعاون فقط مع الحكومات المعترف بها
دوليا، وسبق أن التقى الرئيس أردوغان بالسراج"، كما قال.
وبخصوص اتهامات حفتر المستمرة لتركيا بدعم
"الإرهاب"، قال عمر: "هذا يأتي استمرارا لخطاب حفتر السياسي، والذي
يتبنى فيه الهجوم دائما على تركيا باعتبارها تساند فصيل مناوئ له حسب زعمه
وإصراره على ذلك".
عدة دلالات
ورأى الصحفي الليبي، محمد علي أن "لقاء سلامة بالمبعوث
التركي إلى ليبيا حمل دلالات عدة منها، إظهار التنسيق والعمل المشترك مع بعثة
الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية والعمل في إطار خارطة الطريق الدولية، وتركيا
كان لها موقف معلن داعم للاتفاق السياسي".
وأضاف علي لـ"عربي21": "لكن أيضا
يبدو أن أنقرة اندفعت نحو التبرؤ من أزمة السفينة التي أثارت جدلا، والتي أظهرت
المعلومات أن من ورائها خصومات سياسية وتصفية حسابات دولية عبر ليبيا كضحية، وهنا
كان الموقف التركي واضحا عندما أبدى ترحيبه بالتحقيق في الأمر"، وفق قوله.
مذكرة دولية موثقة حول جرائم "حفتر".. هل ستحرك ساكنا؟
كيف يمكن أن تتطور عملية عفرين إلى صدام بين تركيا وأمريكا؟
ماذا وراء إنشاء أمريكا قوة أمنية.. وهل تتسبب بصراع مع تركيا؟