رشح الفيلم
اللبناني "قضية رقم 23" للفوز بجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، في سابقة من نوعها للسينما اللبنانية اعتبرها مخرج العمل زياد دويري "إنجازا للبنان كله".
وأوضح دويري الموجود في باريس في اتصال أجرته معه وكالة فرانس برس من بيروت أن هذا الترشيح "إنجاز للبنان كلّه وليس لي وللممثلين فحسب".
وتجري أحداث فيلم "قضية رقم 23" في أحد أحياء بيروت حيث تحصل مشادة بين طوني وهو مسيحي لبناني، وياسر وهو لاجئ فلسطيني. وتأخذ المشادة أبعادا أكبر من حجمها، لارتباط جذورها بالحرب الأهلية (1975-1990) في لبنان. وتُرفع القضية إلى المحكمة على وقع تضخيم إعلامي يضع البلد على شفير انفجار.
وأضاف دويري: "هذا الفيلم صغير لكن حلمه كان كبيراً جداً، ووصولنا إلى الأوسكار أفضل دليل على أن لدينا طاقات قادرة على إيصالنا إلى العالمية".
وأكد المخرج: "ما كنا وصلنا إلى هنا، وما كنا تمكنا من تحقيق هذا الإنجاز، لو لم يبدع الممثلون في أدائهم، ولو لم يكن فريق العمل بأكمله قد بذل جهدا فائقا وأعطى الفيلم من كل قلبه، رغم الصعوبات والتهديدات التي ظهرت بعد بدء عرضه في لبنان".
وكان زياد دويري أوقف في مطار بيروت في أيلول/سبتمبر الماضي عند مجيئه للمشاركة في عرض فيلمه هذا بعد حملة على مواقع التواصل الاجتماعي طالبته بـ"الاعتذار" عن تصوير مشاهد من فيلم سابق له في إسرائيل، متهمة إياه بـ"التطبيع" مع الدولة العبرية.
وأفرج عنه وأحيل إلى المحكمة العسكرية التي أخلت سبيله ولم توجه إليه أي تهمة.
وقد صور دويري مشاهد من فيلمه "الصدمة" (2012) المقتبس عن رواية "الاعتداء" للكاتب ياسمينة خضرا، في إسرائيل.
وتدور القصة حول جراح عربي إسرائيلي يعالج المصابين في هجوم انتحاري في تل أبيب ليتبين في النهاية أن منفذة العملية هي زوجته الفلسطينية.
وتعليقا على ترشيح الفيلم، قال وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري لوكالة فرانس برس: "نهنئ
السينما اللبنانية وجميع السينمائيين اللبنانيين بكونه أول فيلم لبناني يصل إلى نهائيات الأوسكار"، مؤكدا: "من الأساس دعمت وزارة الثقافة اللبنانية هذا الفيلم ولا نزال عند موقفنا".
وشدد خوري على أن "لا علاقة لهذا الفيلم بالتطبيع" إذ أن منتجه ومخرجه والممثلين فيه لبنانيون وموضوعه يتعلق بلبنان، "أما ما أثير فيتعلق بفيلم آخر للمخرج، صدر فيه حكم قضائي ببراءته، وانتهى الأمر". واعتبرت الناقدة السينمائية في صحيفة "لوريان لوجور" الناطقة بالفرنسية كوليت خلف لوكالة فرانس برس: "لقد نقل زياد دويري السينما اللبنانية إلى الساحة الدولية".
ولاحظت أن "قضية رقم 23" يتناول "موضوعاً عالمياً مطروحاً في كل زمان ومكان، هو التسامح والمصالحة، وهذا مهم جداً للبنان".
ورأت أن ترشيح الفيلم "يشكل بالنسبة إلى دويري رداً على معارضيه ومنتقديه، نظراً إلى أنه عانى الكثير وخاض معركة منذ بدء عرض الفيلم"، معتبرة أنه "لا حدود للرقابة، وإذا تم تركها، قد تتمدد وتتسع، وتعيد البلد إلى الوراء".
وتنشط في الآونة الأخيرة مجموعات ضغط وأحزاب أبرزها حزب الله، ترصد الأعمال التي يشارك في إنتاجها إسرائيليون لمنع عرضها في الصالات اللبنانية، في إطار مقاطعة الدولة العبرية.
وقد مُنعت في الأشهر الماضية أفلام عدة على هذه الخلفية في لبنان. وإثر الإعلان عن ترشيح الفيلم، تباينت الآراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين مهنئ ومنتقد.
فقال أحد المغردين: "أين الذين يريدون حبس زياد دويري؟ لقد أوصلنا إلى العالمية ورفع اسم لبنان"، فيما غرد آخر منتقدا الترشيح: "هذا لا يعنيني كلبناني، ولن يُخفِ حقيقة أن زياد دويري خالف القانون، وساهم لا بل مارس التطبيع مع العدو الإسرائيلي".
ويتنافس "قضية رقم 23" على جائزة الأوسكار التي توزع في الرابع من آذار/مارس المقبل في هوليوود، مع أربعة أعمال عالمية أخرى من تشيلي وروسيا والسويد والمجر.
ويتواجه مع فيلم "ايه فانتاستيك وومان" للمخرج التشيلي سيباستيان ليليو، و"ذي سكوير" للمخرج السويدي روبن أوستلوند الفائز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي في دورته الأخيرة، إضافة إلى "اون بادي اند سول" للمجرية إيلديكو إينييدي الفائز بجائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي بدورته الأخيرة، و"لافلس" للمخرج الروسي اندري زفياغينتسيف الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان.
وفاز الممثل الفلسطيني كامل الباشا أحد أبطال "قضية رقم 23" بجائزة افضل ممثل في مهرجان البندقية الأخير. وتشهد السينما اللبنانية في السنوات الأخيرة إنتاجا متزايدا وإقبالا جماهيريا محليا وتحصد جوائز في مهرجانات عالمية.