يواصل النظام توسيع مناطق سيطرته في ريف إدلب الجنوبي مقتربا من مناطق استراتيجية، حيث تمكن من السيطرة على قرية الخوين التي تقع على بعد 10 كلم من التمانعة.
ويسعى النظام للوصول إلى مطار أبو الظهور العسكري، كما يتطلع للوصول إلى التمانعة ومورك وثم خان شيخون، ويأتي ذلك في ظل تمهيد جوي عنيف تقوم به الطائرات الروسية، إذ وصلت الغارت الروسية إلى أبعد من مناطق الاشتباك مقتربة من إدلب المدينة، بعدما قصفت سراقب وخان السبل.
وصاحب تقدم النظام في هذه المناطق حملة كبيرة من نزوح المدنيين، شملت عشرات القرى والبلدات، وقدرت أعداد النازحين بـ 100 ألف شخص.
وحول السيناريوهات التي يتبعها النظام بغية تحقيق أهدافه في التقدم بمحافظة إدلب، يقول المحلل العسكري والاستراتيجي العميد الركن أحمد رحال: "كانت بداية معارك ريف حماة وإدلب من أجل مؤتمري سوتشي وجنيف".
وأوضح لــ"عربي21" أنه وفقا لبعض التسريبات، فإن مسؤولا روسيا قال إنه سيتم تخفيض منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب إلى الثلث، بمعنى أنهم سيتركون حصة تركيا".
أما من حيث الغاية والأهداف، فقال رحال إن "النظام يريد الوصول إلى مطار أبو الظهور، كما يريد نزع البقع السوداء بمحاولة تطبيق الحل العسكري، فالوضع اليوم خطير، إذ إن هناك فصائل لا تستطيع أن تقاتل، وهناك فصائل لا تثق بتحرير الشام".
وشدد رحال على أن "الإعلان عن غرفة عمليات مشتركة قد تنسق الجهود أكثر".
وأضاف رحال: "يتجه النظام أولا نحو المعرة وخان شيخون، أما اتجاهه الثاني فهو نحو مطار أبي الظهور، وذلك لسببين أولهما قطع الطريق على تركيا التي روجت بعض الأخبار بأنها ستستخدمه كنقطة مراقبة، والسبب الثاني هو الاقتراب من بلدتي كفريا والفوعة والعمل لفك الحصار عنهما".
ولفت إلى أن أفضل الوسائل للتعامل مع هجوم النظام هي التعاون العسكري بين الفصائل، وقال: "المشكلة تكمن في العمل الفردي وهذا خطأ عسكري كبير، فلا بد للفصائل من التعاون فيما بينها لأن أبناء هذه الفصائل هم أهل الأرض ولهم خبرة فيها، ويمكن أن يعرقلوا النظام ويهزموه".
وأشار إلى أن الطيران الروسي مثلا لا يمكن له أن يؤثر فعليا على الفصائل لأنهم أفراد منتشرون، والمواجهة القوية تكون عندما تجتمع الفصائل وتنسق جماعيا، لذا لابد من الانتباه إلى نقطة مهمة وهي أن النظام لا يتحمل الخسائر البشرية في صفوفه بسبب قلة العنصر البشري لديه".
وأكد رحال أن الفصائل تخشى من تحرير الشام التي عقدت الكثير من الصفقات، لذا "على الأخيرة أن تفتح قلبها للفصائل وتتعاون معها، لأن تحرير الشام والفصائل كلهم معرضون لخطر واحد هو النظام ومليشياته".
وعلى صعيد الدور التركي في إدلب، عدّ المحلل العسكري أن ما يحدث يعد ضربا في المواثيق، التي تم الاتفاق عليها في مفاوضات أستانة مع الروس.
ولفت إلى أن "العديد من الأطراف خذلت تركيا ابتداء من أمريكا وأوروبا وحتى الفصائل المقاتلة، خاصة أنها لم تكن على قدر من المسؤولية وتعاملنا مع قضيتها بشكل خاطئ".
وأضاف: "كيف نطالب تركيا بما لم نقم به وعلى الفصائل التعامل مع تركيا ضمن تقاطع المصالح، وليس التعامل الأعمى والانقياد لكل ما يقال".
وشدد على ضرورة تعاون هيئة تحرير الشام مع باقي الفصائل دون وصاية واستيعاب الجميع؛ لأن المرحلة خطرة.
من جهته، عدّ القاضي الشرعي في الثورة السورية عبد الرزاق المهدي، أن غرفة العمليات للفصائل هي محدودة وهي خطوة جيدة.
وقال المهدي في حديث لـ"عربي21": "أمر جيد أن الفصائل بدأت تتحرك وتجيش، لكن لا أظن أن ذلك يجري بجدية، إلا كدفاع ربما، أما مبادرة هجوم فهذا ليس موجودا الآن".
وفي هذا الصدد، عدّ الناطق باسم فصيل "جيش العزة" النقيب مصطفى المعراتي، أن النظام ومن خلفه روسيا يحاولون تعبيد الطريق إلى مؤتمر سوتشي، وجعل خيار المعارضة الوحيد هو هذا المؤتمر، فخفض التصعيد كان على الورق فقط.
وتساءل المعراتي عن مقررات أستانة وعن الفصائل التي شاركت بها، وقال: "هل كانت شهادة زور؟ وأين الضامنون؟ أم إن الجميع اتفق علينا؟".
ودعا المعراتي في حديث لـ"عربي21": جميع الفصائل إلى "تحمل مسؤلياتهم فما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، وسيناريو الأستانة من بعد سقوط حلب يتكرر في إدلب لخوض غمار سوتشي، يريدون بذلك إعادة إنتاج النظام".
وفي هذا الموضوع، قال القيادي المقرب من الجهاديين الملقب بـ"أبي حذيفة الشامي": إن الفصائل لم تشارك فعليا إلى اليوم، وما تم نشره عن توجه الفصائل إلى ريف حماة وريف إدلب هو استعراض إعلامي تعودنا عليه وبات مكشوفا".
وقال القيادي في حديث لـ"عربي21": "الفصائل التي تخوض المعارك حقيقة هي تحرير الشام وجيش العزة وجيش النصر وجيش إدلب الحر، بالإضافة للتركستان وباقي الفصائل لازالت تأخذ وضعية المتفرج، فهي تعدّ أن هذه المناطق هي مناطق تحرير الشام ويجب عليها أن تقاتل وحدها فيها".
إلى ذلك قال الناشط الثوري خالد الجنوبي، إن الفصائل لا يمكن أن تشارك تحرير الشام في معاركها وتحرير الشام لم تعطها سلاحها الذي أخذته منها، كما أن تحرير الشام لم تستجب للمنادين بالصلح وإطلاق الأسرى وإعادة السلاح ورد المظالم .
وقال الناشط في حديث لـ"عربي21": الوضع الآن خطير، فالنظام على بعد 10 كلم من التمانعة بعد سيطرته على الخوين، كما أنه يبعد عن سنجار 12 كلم، ويفصله عن مطار أبو الظهور العسكري 25 كلم، فالأمر خطير إذا لم يتم تدارك الوضع".
وعلى صعيد الحديث عن تشكيل غرفة مشتركة للفصائل في الشمال السوري، قال قيادي في المعارضة رفض الإفصاح عن اسمه أن الخلافات لا زالت عالقة بين حركة أحرار الشام وحركة نور الدين الزنكي من جانب، وهيئة تحرير الشام من جانب آخر، الأمر الذي منع للآن من مشاركة الأولى في المعارك بكل ثقلها.
وقال القيادي لـ"عربي21" إن "الأحرار" تطالب بإطلاق سراح أسراها لدى "تحرير الشام" لكن من دون أن تتلقى ردا، مبديا استغرابه من عدم التوصل إلى حل مقبول بين الفصائل للخروج من مرحلة الخلافات.
وبحسب القيادي، فإن الاتهامات ما بين الفصائل وصلت إلى درجة "مثيرة للسخرية" لافتا في هذا السياق إلى منع هيئة تحرير الشام لمجموعات من حركة نور الدين الزنكي التمركز على الجبهات، قبل يومين.
وأشار من جانب آخر إلى قيام بعض الفصائل بتفريغ مخازن أسلحتها من مدينة خان شيخون ومن مستودعات مطار أبو الظهور العسكري.
من جهته ألمح مدير المكتب السياسي في "لواء المعتصم" مصطفى سيجري في حديث مع "عربي21"، إلى وقوف أوامر خارجية وراء عدم مشاركة بعض الفصائل بالمعارك التي تجري في ريفي حماة وإدلب.
وقال، نحن اليوم أمام مرحلة يجب أن نغلب فيها مصلحة الثورة السورية على كل المصالح الفصائلية أو الخارجية، مضيفا "اليوم الأطراف الدولية تريد أخذ كل المعارضة إلى سوتشي، وروسيا تصعد عسكريا لهذا الغرض".
ورأى سيجري أن ذلك أفقد المعارضة المساحة للمناورة السياسية، وقال: "لذلك علينا جعل التحرك العسكري كفصائل أولوية".
ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وحتى الآن، سيطر النظام تباعا على بلدات وقرى في ريفي حماة وإدلب، في مسعى منه للوصول إلى مطار "أبو الظهور العسكري" في ريف إدلب الشرقي، الذي لا زال تحت سيطرة المعارضة.
مقتل خمسة أطفال في غارات على إدلب وتواصل النزوح
تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين فصائل الثوار شمال سوريا
قتلى بقصف بالغوطة الشرقية.. وعمليات نزوح مستمرة من إدلب