سياسة عربية

حملة اختفاء قسري في الشرق الليبي.. من يقف وراءها؟

طرابلس ليبيا - جيتي

تكررت في الشرق الليبي عدة حالات اعتقال وإخفاء قسري لبعض الناشطين المدنيين، أغلبهم مناوئون للواء خليفة حفتر وأبنائه وتصرفات قواته.


وكان آخر هذه الحالات اعتقال الناشط الليبي "الأمازيغي"، ربيع الجياش، في مدينة بنغازي (شرقي ليبيا) منذ الثلاثاء الماضي، ولم يكشف عن مكانه حتى الآن أو الجهة المعتقل لديها.

 

وقامت المجموعة ذاتها باعتقال الناشط والمدون جمال الفلاح، عندما جاء للسؤال عن صديقه من الغرب الليبي ربيع الجياش، وتم احتجازه عدة أيام، ثم أفرجت عنه، دون أن تفرج عن الجياش".

 

اعتقال "صوفية"

 

وقامت القوات التابعة للواء خليفة حفتر بخطف ما يقرب من 20 صوفيا في شهر آب/ أغسطس الماضي، في بنغازي (منطقة نفوذ حفتر)، وعلى رأسهم مدير مؤسسة "الطارق" الشبابية للتنمية والتطوير، عبدالمطلوب السرحاني.

 

في سياق آخر، قام مدونون وصفحات مؤيدة لحفتر بالتحريض ضد ناشطين مدنيين وإعلاميين من الشرق الليبي، اتهموهم بمعاداة "الجيش" وبأنهم ملحدون وعلمانيون، مطالبين الجيش (قوات حفتر) بالقبض على أي منهم حال دخوله بنغازي.

 

وطرحت هذه الحملة عدة تكهنات حول دلالة وسر هذا الخطف بهذه الطريقة؟ وهل للفكر "المدخلي" علاقة بهذا التحريض؟ وهل سيقوم حفتر بتصفية خصومه عبر الإخفاء القسري؟

 

طوارئ غير معلنة

 

من جهته، أكد الباحث والكاتب الليبي، عزالدين عقيل، أن "من يقوم بمثل هذه التصرفات هي إحدى جهتين: "الجيش"، وهنا يبدو أننا أمام قانون طوارئ غير معلن عنه، والثانية: أن هناك مجموعات تخترق الجيش، وينفذون أعمالا لتوريط الجيش، بتقديمهم معلومات خاطئة للقيادة العامة، لكن عدم إدانة الجيش لهذه التصرفات يثير الشكوك".

 

وأشار في تصريحات لـ"عربي21"، إلى أنه: "بالتأكيد أن "المداخلة" هم من يقومون بذلك، وهم متحالفون مع حفتر، وهناك تخوف من أن يصبح مصير حفتر النهاية ذاتها للرئيس اليمني علي عبدالله صالح، إذا استمر مسلحو "المداخلة" في ارتكاب أعمالهم"، حسب رأيه.

 

وتابع: "الكرة الآن في ملعب الجيش، وعليه أن يكشف عن مصير هؤلاء الناشطين أو التهم المعتقلون بسببها، لكني لا أعتقد تصفية هؤلاء الشباب، بل هي حملة لإرهاق المنتقدين لتصرفات حفتر وأبنائه".

 

شيطنة "المداخلة"

 

لكن الكاتب والأكاديمي من الشرق الليبي، جبريل العبيدي، رفض من جانبه توصيف "ما يحدث في بنغازي بأنه ظاهرة عامة ممنهجة؛ لأن اختفاء بعض الناشطين كان حالة اعتقال من قبل جهات ضبط عدلية وأمنية، قد يكون مبررها الحالة الأمنية في البلاد وحالة الطوارئ، وما يتبعه من قوانين قد تسهم في الحد من بعض المساحات من الحريات".

 

وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن "أصحاب المنهج السلفي، بعيدا عن تسمية تنظيم الإخوان لهم "بالمداخلة"، إلا أنهم جماعة منضبطة، وتحترم شرعية الدولة، وقاموا بحل كتائبهم العسكرية وانضمامهم أفرادا للجيش، ما يعكس حالة انضباط لدى أفرادها تفتقدها "مليشيات" الدروع وشورى الإخوان"، وفق تعبيره.

 

وأشار العبيدي إلى أن "الأمر كله هدفه الزج بأصحاب المنهج السلفي في مثل هذه الموضوعات؛ بغرض "شيطنتهم"، رغم أنهم ليسوا بجماعة أو حزب، بل ينكرون هذا على أنفسهم وعلى غيرهم".


تحالف "سخيف"

 

وقال المدون الليبي، فرج كريكش، إنه "في حين أن عملية الكرامة (عملية عسكرية يقودها حفتر) زعمت أنها انطلقت من أجل القضاء على عمليات الاغتيالات، فإن النتيجة كانت أن زاد الطين بلة، وأضيف الخطف إلى القتل".

 

وتابع: "بل الأدق أن نقول الآن أن ما يحدث هو خطف نحو القتل، في ظل انتشار مليشيات وعصابات من كل "ماركة" ونوع في تحالف عجيب سخيف بين المخدرات والعمائم وربطات العنق"، كما قال لـ"عربي21".

 

تخبط وتخويف

 

الناشط السياسي من بنغازي، فرج فركاش، أوضح أنه "منذ إنشاء ما يسمى جهاز "مكافحة الإرهاب الإلكتروني" دون استناد على قانون بعينه، ورغم تحذيرات الناطق باسم القيادة العامة بعدم الاستجابة لمثل هذا النوع من "الاستدعاءات"، إلا أن هناك تصاعدا في الاعتقال والإخفاء القسري".

 

وأكد في تصريحه لـ"عربي21"، أن "هذا يدل على الحساسية المفرطة من أي صوت معارض، وعلى التخبط وعدم التنسيق أو فهم القوانين المعمول بها في البلاد، وقيام التيار السلفي بدور "الوصي الديني"، كل هذا سيؤثر على سمعة من يقومون بتأمين بنغازي، خاصة الغرفة الأمنية المشتركة"، حسب كلامه.

 

وقال الصحفي الليبي، عبدالله الكبير، إن "جماعات الفكر السلفي المدخلي قوة مؤثرة في بنغازي، وسبق أن ظهرت بعض قياداتها في تسجيلات مرئية وهي تهدد بقتل من يخالفها"، مضيفا لـ"عربي21" أن "الهدف من هذا الإخفاء القسري هو إسكات كل الأصوات المنادية بمدنية الدولة".

الأكثر قراءة في أسبوع