سياسة عربية

عام من التضامن الأفريقي مع غزة.. زخم متصاعد للقضية الفلسطينية بالقارة السمراء

استعادت القضية الفلسطينية حضورها وألقها في القارة الأفريقية منذ "طوفان الأقصى"، وذلك بعد تراجعات كبيرة خلال العقود الثلاثة الماضية- عربي21
شكل العام 2024 ذروة التضامن الأفريقي مع غزة والمقاومة، وسط زخم متصاعد للقضية الفلسطينية في القارة السمراء.

ويرى متابعون للشأن الأفريقي أن "طوفان الأقصى" وضع حدا لمساعي "إسرائيل" خلال السنوات الماضية للتغلغل في القارة التي ظلت عصية على التطبيع، "إذ استعادت القضية الفلسطينية حضورها وألقها في القارة الأفريقية منذ طوفان الأقصى، وذلك بعد تراجعات كبيرة خلال العقود الثلاثة الماضية" وفق متابعين.

ومع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة التي يشنها ضد سكان غزة، فقد اتسعت دائرة الاهتمام الأفريقي رسميا وشعبيا بالقضية الفلسطينية، وارتفعت الأصوات في غالبية بلدان القارة، للمطالبة بمحاسبة "إسرائيل" ووقف جريمة حرب الإبادة.



انتصار لغزة والمقاومة
وبالرغم من أن التضامن الأفريقي مع المقاومة الفلسطينية وغزة بدأ منذ الأسابيع الأولى للعدوان الإسرائيلي على القطاع، إلا أن هذا التضامن اتسع بشكل كبير في العام 2024.

وبدأ هذا التضامن حين انتصرت القمة الأفريقية الـ37 لرؤساء وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، للقضية الفلسطينية عبر طرد الوفد الإسرائيلي الذي حاول التسلل لجلسات القمة.

في المقابل، احتفت القمة التي عقدت في أديس أبابا يوم 19 شباط/ فبراير الماضي، بالوفد الفلسطيني الذي كان يرأسه حينها رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية.

القمة التي طرد فيها الوفد الإسرائيلي وتم الاحتفاء بالوفد الفلسطيني، شهدت مداخلات قوية لعدد من القادة والمسؤولين الأفارقة، وصوفها فيها العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه حرب إبادة.

ووصف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي ما تتعرض له غزة بالإبادة الجماعية، وقال إن قرار محكمة العدل الدولية المتعلق بجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل "انتصار لكل الدول المساندة للقضية الفلسطينية".

وتمحورت مقررات القمة حول الوضع في فلسطين وجاءت داعمة للقضية الفلسطينية ومنددة بجرائم الإبادة التي ترتكبها "إسرائيل".

انتصار أفريقيا للقضية الفلسطينية، كان حاضرا أيضا في اجتماعات الأمم المتحدة، حيث لوحظ أنه خلال تصويتات الجمعية العمومية للأمم المتحدة للقرارات المتعلقة بحرب الإبادة الصهيونية لوحظ أنه باستثناء حالة أو حالتين من دول صغيرة جدا انحازت بقية الدول الأفريقية للحق الفلسطيني، وكان أحدث تلك التصويتات التصويت للاعتراف بالدولة الفلسطينية.



احتفاء بحركة حماس
وبعد أشهر من طرد وفد الاحتلال الإسرائيلي من القمة الأفريقية في أديس أبابا، فقد احتفت عدد من دول القارة بوفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأدى وفد من الحركة يرأسه ممثلها في موريتانيا محمد صبحي أبو صقر، زيارة لعدد من الدول الأفريقية خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، قوبلت بترحيب واسع في الدول التي زارها.

وقال أبوصقر في بيان حينها، إن الجهات التي التقاها أجمعت على دعم المقاومة وعلى إدانة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة.

ولفت القيادي في حركة حماس إلى أهمية "مؤازرة جنوب أفريقيا في موقفها المعبر عن الوجدان الأفريقي والضمير الإنساني أمام محكمة العدل الدولية".

وأضاف: "في الوقت الذي خذل فيه القريبون جغرافيا من فلسطين القضية فقد قيّض الله لها من هم قريبون باعتبارات الوجدان والدين وقيم العدل مناصرين ومؤازرين".

وتابع: "عبرت مختلف الجهات المَزورة عن استعدادها لتفعيل أشكال الدعم للقضية، حيث تعهد برلمانيون وأكاديميون بتبني مبادرات لتعزيز التنسيق على مستوى الغرب الأفريقي لدفع الحكومات والشعوب إلى تحمل مسؤولياتها في الدفاع عن شعب فلسطين".



مظاهرات أسبوعية
وعرفت العديد من بلدان القارة طيلة العام 2024 مظاهرات أسبوعية، منددة بالعدوان الإسرائيلي ومطالبة بوقف حرب الإبادة في غزة.

وانتظمت المظاهرات أسبوعيا في المغرب وموريتانيا والسنغال، فيما تخرج من حين لآخر مظاهرات مساندة لغزة في العديد من بلدان القارة الأخرى، وخصوصا في مالي وغامبيا والجزائر وتونس وجنوب أفريقيا.

ورفعت العديد من المسيرات التي خرجت في بلدان القارة الأفريقية خلال الأشهر الماضية شعارات تطالب بدعم مختلف الدول الأفريقية للدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وساهمت وسائل إعلام أفريقية في نقل ما يحدث في غزة للرأي العام الأفريقي، حيث نقلت حجم الدمار الذي يتعرض له القطاع، وتدمير المستشفيات ومنع وصول المساعدات من المياه والغذاء والدواء.

حملات تبرع ودعوات لطرد سفراء
وبالتوازي مع تنظيم المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، فقد نُظمت حملات تبرع لدعم الشعب الفلسطيني وسكان غزة بشكل خاص.

وكان لافتا مبادرات القبائل الموريتانية لدعم المقاومة الفلسطينية، حيث تمكنت القبائل الموريتانية من جمع تبرعات خلال العام 2024 بلغت أكثر من 10 ملايين دولار، فيما تتواصل حملات التبرع هذه.

وتصاعدت الدعوات في عدد من الدول الغربية لطرد سفراء دولة الاحتلال والدول الداعمة له.

وللمرة الأولى وقعت 19 منظمة سنغالية في آب/ أغسطس الماضي، بيانا مشتركا دعت فيه الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي أفاي، إلى "الطرد الفوري لسفير دولة الإبادة الجماعية الإسرائيلي" من البلاد و"إعادة النظر في كافة الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي".



وطالبت هذه المنظمات الرئيس السنغالي بـ"تعليق العلاقات الدبلوماسية إلى الأبد مع الدولة الصهيونية، دولة الفصل العنصري والإبادة الجماعية والعدوان، كما كان الحال من عام 1973 إلى عام 1992".

ورأت المنظمات السنغالية، أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) استطاعت أن تفضح بشكل لاذع أسطورة "التفوق العسكري لجيش الاحتلال، فقد حدد جيش الاحتلال مهلة أقصاها 7 أيام لسحق ومسح حماس إلى الأبد، لكنه لا تزال المقاومة الفلسطينية صامدة رغم مشروع التطهير العرقي والإبادة الجماعية، وكلها جرائم ضد الإنسانية".. وفق المنظمات السنغالية.