تصاعدت الاحتجاجات الاجتماعية بمدينة جرادة (شرق المغرب) بعد أسبوع من انطلاق شرارتها بسبب ما اعتبره السكان تجاهل الدولة لمطالبهم، في أعقاب وفاة عاملين منجميين انهار عليهما منجم غير قانوني في المنطقة.
الاحتجاجات التي انطلقت السبت الماضي بسبب رفض المواطنين دفن "قتيلي" المنجم من طرف السلطة تحت جنح الظلام، دون صلاة الجنازة كما قال السكان، تحولت إلى مطالب بالعدالة الاجتماعية والمناداة ببديل اقتصادي.
جمعة الغضب
قال محمد شلاي، ناشط إعلامي وجمعوي من جرادة: "اتسم يوم الجمعة بإضراب شامل وتام بمدينة جرادة، وتميز باتساع رقعة الاحتجاجات لتشمل باقي مناطق الإقليم حيث لم تعد الاحتجاجات مقتصرة على مدينة جرادة".
وأضاف شلاي في تصريح لـ"عربي21": "منذ الصباح انطلقت مسيرات على الأقدام من "تكافيت" (20 كلم) و"قنفوذة" (35 كلم عن المدينة) وحاولت القوات الأمنية منعها من الوصول لجرادة لكنها فشلت في ذلك".
وتابع: "في المساء وصلت المسيرات للمدينة، وبالتالي عرفت جرادة أضخم وقفة احتجاجية في تاريخها ورفعت شعارات تؤكد مجددا على المطالبة ببديل اقتصادي، وتدعو لرحيل عامل الإقليم والباشا وكل من له سلطة بالمدينة".
وزاد: "كما رفعت شعارات أخرى للتأكيد على أن الحراك سلمي ولا يتبع لأي نقابة أو جمعية".
اقرأ أيضا: موت شابين ببئر للفحم الحجري يخرج آلاف المغاربة للشارع (شاهد)
وسجل أن "ما ميز هذا اليوم الذي يمكن اعتباره يوم غضب هو أن الاحتجاج انتقل لباقي مدن الجهة، حيث عرفت مدينة وجدة (كبرى مدن الجهة الشرقية) وقفة احتجاجية تضامنية مع حراك جرادة، وأخرى ببوعرفة دعت لها بعض الفعاليات السياسية بالإقليم".
جواب الدولة
وفي أول تحرك عملي للسلطات العمومية حول أحداث جرادة، قال بلاغ بلاغ لولاية المنطقة الشرقية إن الوالي (المحافظ) سيعقد لقاءات تواصلية مع فعاليات المدينة.
وأضاف البلاغ الذي تتوفر "عربي21" على نسخة منه: "في إطار مواكبة الأحداث الجارية بإقليم جرادة، يترأس والي جهة الشرق، وعامل إقليم جرادة، بحضور بعض المسؤولين الجهويين للقطاعات اللاممركزة، لقاءات تواصلية يوم السبت 30 كانون الأول/ ديسمبر 2017، ابتداء من الساعة التاسعة والنصف صباحا بمقر عمالة إقليم جرادة، مع المجلس الإقليمي ومجلس جماعة جرادة، وممثلي الأحزاب السياسية والهيئات النقابية والمجتمع المدني".
وسجل البلاغ أن هذا التحرك وهذه اللقاءات تأتي "تنفيذا لتعليمات وزير الداخلية".
وكان رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، قد أعلن في البرلمان يوم الثلاثاء الأخير، استعداده للجلوس مع النواب البرلمانيين لمدينة جرادة من أجل التباحث حول كيفية التعامل مع مطالب السكان.
وخلافا لحراك منطقة الريف، التي اتهم نشطاؤها بالانفصال ورفع رايات غير وطنية، حرص محتجو مدينة جرادة على رفع الأعلام الوطنية وصور العاهل المغربي، فيما يشبه استباقا منهم لحملة التخوين التي يوجهها بعض الإعلام المغربي لكل الاحتجاجات التي يعرفها المغرب في السنتين الأخيرتين.
يذكر أن مناجم جرادة أغلقت بشكل رسمي في 2001 دون أن توفر الدولة بديلا اقتصاديا لسكان المنطقة، ما دفع مواطني المنطقة إلى العمل غير القانوني في مخلفات المناجم بحثا عن الفحم الحجري لبيعه في السوق السوداء مقابل تأمين دراهم معدودات.
العثماني يخلف ابن كيران على رأس "العدالة والتنمية" المغربي