يواجه الاقتصاد السعودي، أكبر مٌصدر للنفط في العالم، مجموعة معضلات خلال العام المقبل، بينها
النمو الاقتصادي والتضخم والبطالة، وضخامة الإنفاق العسكري في الموازنة.
ومن أبرز معضلات الاقتصاد السعودي في 2018، كيفية النجاح في تحقيق نمو بعد انكماش متوقع في 2017، تزامنا مع تراجع
أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيس في البلاد، مقارنة بمستويات 2014.
وتوقعت الحكومة
السعودية، الثلاثاء الماضي، نمو الاقتصاد المحلي بنسبة 2.7 في المئة العام المقبل، مقارنة بمعدل نمو سالب يبلغ 0.5 في المئة للعام الجاري، جراء انخفاض الإنتاج النفطي.
وكان نمو الاقتصاد السعودي تباطأ إلى 1.7 في المئة في 2016، مقارنة مع 3.5 في المئة في 2015.
ومن بين المعضلات الأخرى أمام الحكومة السعودية، كيفية التعامل مع معدلات تضخم مرتفعة بعد تسجيلها انكماشا العام الماضي.
ارتفاع التضخم
وحقق الرقم القياسي لتكاليف المعيشة (التضخم) نموا سالبا حتى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بمتوسط 0.3 في المئة على أساس سنوي، مقارنة بمتوسط نمو بلغ 3.8 في المئة حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2016.
وتوقعت الحكومة السعودية أن يرتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة بنسبة 5.7 في المئة في 2018، مع تحسن النشاط الاقتصادي، وتطبيق بعض التدابير الإيرادية، وتصحيح أسعار الطاقة.
وتعد معدلات البطالة المرتفعة بين السعوديين أحد التحديات المستمرة أمام الحكومة السعودية، فيما طرأت معضلة جديدة، وهي الإنفاق العسكري الضخم في الموازنة في ظل التطورات الجديدة في المنطقة.
وتوقعت وزارة الاقتصاد السعودية تراجع معدل البطالة بين السعوديين إلى حوالي 12 في المئة العام المقبل، مقابل 12.8 في المئة في نهاية الربع الثاني من العام الجاري.
توقعات متفائلة
وفي حال مواصلة إصلاحات سوق العمل، فإن توقعات المملكة تشير إلى أن البطالة ستتراجع إلى 10.6 في المئة في 2020، بينما تستهدف المملكة في رؤيتها المستقبلية 2030، خفض معدل البطالة بين مواطنيها إلى 7 في المئة.
ورفعت المملكة، منذ ثلاثة أعوام، من وتيرة توطين العديد من القطاعات الاقتصادية؛ بهدف خفض نسب البطالة في صفوف المواطنين.
وتسعى الدولة عبر "التحول الوطني" إلى توفير 450 ألف وظيفة للسعوديين، وإحلال 1.2 مليون وظيفة بالمواطنين بحلول 2020.
وتأتي هذا الإجراءات والخطط الحكومية، في ظل تصاعد معدل البطالة بين السعوديين، في نهاية الربع الثاني من 2017، إلى 12.8 في المئة، مقارنة مع 12.7 في المئة في الربع الأول السابق له.
وأعلنت السعودية عن أضخم موازنة في تاريخها لعام 2018، بإجمالي نفقات يبلغ 978 مليار ريال، يساوي 260.8 مليار دولار، بعجز 195 مليار ريال، يعادل 52 مليار دولار، وإيرادات قيمتها 783 مليار ريال، تساوي نحو 208.8 مليار دولار.
إنفاق توسعي
وقال رئيس الأبحاث في شركة الراجحي المالية في السعودية، مازن السديري، إن الإنفاق العسكري تراجع 6 في المئة مقارنة بعام 2017.
وخصصت الحكومة السعودية قرابة ثلث موازنة عام 2018، حوالي 31.8 في المئة، للقطاعين العسكري والأمني، بقيمة 83 مليار دولار.
وأضاف السديري أنه على الرغم من تراجع موازنة الأمن، إلا أن رقم الإنفاق العسكري يبقى ضخما.
وتواصل السعودية قيادة دول التحالف في الحرب على اليمن ضد الحوثيين، منذ آذار/ مارس 2015، دون وجود تطور لافت أو أفق لنهايتها.
استقرار النفط
من جهته، قال الكاتب الاقتصادي محمد العنقري، إن استقرار أسعار النفط سيكون عاملا مؤثرا في نجاح الحكومة السعودية لمواجهة التحديات.
وأضاف أن اتفاقية خفض الإنتاج تساعد على تحقيق استقرار السوق، ما يدعم وضع الاقتصاد السعودي خلال 2018، في ظل توقعات للنفط بين 60- 63 دولارا للبرميل.
وبدأ الأعضاء في "أوبك" ومنتجون مستقلون بقيادة روسيا، مطلع 2017، خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، لمدة 6 شهور، ثم تم التمديد حتى نهاية آذار/ مارس 2018.
واتفقت منظمة الدول المصدرة للبترول، في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، على تمديد خفض إنتاج النفط 9 أشهر إضافية، تنتهي في كانون الأول/ ديسمبر 2018، وسط خطوات تنفذها المنظمة ومنتجون مستقلون لخفض مخزونات النفط.
وأكد أنه في حال ارتفع التضخم عن التوقعات الحكومية، سيتأثر السكان وإنفاقهم الاستهلاكي، وتكلفة المشروعات وجدواها، إلا أنه يرى أن الحكومة أخذت ذلك في الحسبان.
توقعات النمو
وقال الكاتب الاقتصادي السعودي "فضل البوعينين"، إن الإنفاق الحكومي الضخم، خاصة الرأسمالي، سيدعم النمو الاقتصادي.
وأضاف: "إلا أن التوقعات متفائلة كثيرا.. من المتوقع نمو الاقتصاد، ولكن بنسب أقل من 2.7 في المئة المتوقعة من الحكومة.. كذلك التضخم سيؤثر سلبا على الإنفاق الاستهلاكي للسكان؛ بسبب الضرائب والرسوم التي تعتزم الدولة فرضها".
وبدأت السعودية العام الماضي تطبيق رسوم على العمالة الأجنبية ومرافقيهم، ترتفع تدريجيا حتى 2020.
وتنوي الحكومة فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة على السلع والخدمات مطلع 2018، بعد تطبيق ضريبة السلع الانتقائية في 2017.
واعتبارا من مطلع 2018، ستبدأ الحكومة تحصيل 300- 400 ريال (80- 106 دولار)، شهريا، على كل عامل وافد في المملكة.