فتح نقص دواء
البنسلين الحيوي من الصيدليات ومخازن
الأدوية في
مصر الباب أمام جميع الاحتمالات سواء بالتلاعب بحياة المرضى أم بالتواطؤ لتحقيق أرباح خيالية، وكشف عن حجم الإهمال الكبير بصحة المواطنين الذي يصل إلى حد الجريمة، وفق خبراء
الصحة والدواء.
وساهم نقص الدواء في خلق سوق سوداء، وتحول إلى تجارة مربحة؛ بعد أن ارتفع سعره من 9 جنيهات إلى 200 جنيه للعبوة الواحدة، وهو غير متوفر أحيانا بهذا السعر الخيالي في ظل غياب الرقابة وانعدام المسؤولية.
مافيا الأدوية
وأقرت لجنة الصحة بالبرلمان المصري، بوجود مافيا للدواء تتحكم في السوق المصرية؛ تسببت في تراجع مصر في صناعة الدواء، حيث كانت تنتج أكثر من 90% من احتياجاتها ليصبح أقل من 4% فقط في السنوات الأخيرة.
ووعدت وزارة الصحة باتخاذ إجراءات استثنائية لتوفير الأدوية الناقصة ومن بينها حقن البنسلين في الأسواق بجميع محافظات الجمهورية، بحلول الـ20 من كانون الأول/ ديسمبر الحالي.
في حين كشفت شعبة الصيدليات في الغرف التجارية، عن وصول عدد من نواقص الأدوية بلغ 1100 صنف حاليا، من بينها 300 صنف دون بدائل أو مثائل، ومن بين هذه الأدوية: حقن منع الحمل، وقطرات العين، وأدوية الشلل الرعاش.
أهمية البنسلين
والبنسلين هو من الأدوية الضرورية للوقاية من الحمى الروماتيزمية للأطفال المصابين بالتهاب اللوزتين المزمن، وهو منتشر في مصر بشكل كبير، وفق جماعة "أطباء بلا حقوق".
وتقول الموسوعة الطبية، إن للبنسلين فائدة أساسية متمثلة في القضاء على الالتهابات البكتيرية في الجسم، والمتمثلة بالعدوى البكتيرية في الجسم، كما في التهاب اللوزتين ومرض الزهري.
ويقي البنسلين من الإصابة بعدوى الأمراض المترافقة مع ضعف جهاز المناعة، كما هو عند الأشخاص المصابين بفقر الدم المنجلي. ويَمنع كذلك من الإصابة بالأمراض البكتيرية الضارة.
إهمال جسيم أو تواطؤ برشاوى
رئيس لجنة الدفاع عن الحق بوزارة الصحة، محمد حسن، قال لـ"
عربي21" إن "ما يحدث إهمال يصل لحد الإجرام، أو شبهة تواطؤ برشاوى؛ لقد تحولت صناعة الدواء إلى تجارة، وتضاعفت أسعار بعض الأدوية عشر مرات".
وأوضح أن "ما حدث يعود إلى توقف خطوط الإنتاج في شركة النصر للكيماويات الدوائية، ومصر حاليا لم تعد تصنع البنسلين، إنما تستورد المواد الخام وتقوم بتعبئتها، وهذه أول كارثة في الأزمة، ولم يفكر أي مسؤول في وضع حلول لها".
وبيًن أن "الحل الوحيد هو عودة التصنيع، خاصة أن مصر بدأت بتصنيع الدواء منذ ثلاثينيات القرن الماضي، لدرجة أن المضادات الحيوية وعقاقير السلفا لا تصنع في مصر، وهو عار على المنظومة الصحية في ظل غياب السياسة الدوائية والصحية".
وانتقد بشدة طريقة إدارة وزارة الصحة لمنظومة الدواء في مصر، قائلا: "الوزارة لم تأخذ في عين الاعتبار مستوى المخزون الحرج لدواء حيوي مثل البنسلين، ما حدث أن إحدى شركات الأدوية المستحوذة على صناعة هذا الدواء توقفت لسبب غير معلوم عن إنتاجه، في ظل غفلة أو تغافل المسؤولين، وصمتهم، أو تجاهلهم للمشكلة".
الفاشل لا يصنع نجاحا
بدوره؛ وصف عضو مجلس نقابة الأطباء، رشوان شعبان، الأزمة بـ"الغريبة والعجيبة"، وبأنها "تنم عن استهتار بحياة الناس، خاصة الأطفال الذين يعانون من الحمى الروماتزمية المنتشرة في مصر"
وقال لـ"
عربي21": إن نقص دواء البنسلين بهذا الشكل يعد جريمة، ويكشف عن فشل وعشوائية وتخبط، وما يحدث لا يرقى لأن يكون مؤامرة؛ لأن المتآمر أذكى من أن يجعل الأزمة بهذا الشكل الفج؛ لقد وصل سعر الحقنة إلى 200 جنيه، ولم تكن متوفرة لدى البعض بهذا السعر".
وأضاف أن "تكرار نقص أنواع كثيرة من الأدوية من السوق في الفترات الماضية يكشف عن وقوع المسؤولين في غفلة لا يفيقون منها إلا بعد وقوع المشكلة، ويصحو المواطنون على اختفاء صنف من الدواء".
واستبعد عضو مجلس نقابة الأطباء أن تنجح منظومة الصحة في مصر في إنجاح مشروع التأمين الصحي الجديد الذي ينص على توفير التأمين لكل مواطن برسوم شهرية، وتحمل جزء من التكلفة، قائلا: "الفاشل لا يصنع نجاحا".