أثيرت العديد من التكهنات حول الجهة التي تقف وراء التفجير في سيناء الذي استهدف مسجدا، راح ضحيته 305 أشخاص من المدنيين، وإصابة أكثر من مئة، وسط غياب لأي تبن رسمي.
وفي حين عم الغموض المشهد، برزت اتهامات لست جهات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بأنها وراء الحادثة: جماعة الإخوان المسلمين، وجماعة "الأمة القبطية"، وتنظيم الدولة، والقيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح محمد دحلان، والنظام المصري، وإسرائيل.
وترصد "عربي21"، في هذا التقرير حقيقة دوافع كل طرف وإمكانياته في تنفيذ الجريمة وما مصلحته منها؟
النظام وإسرائيل هما الأقرب
من جهته، تناول المحلل الاستراتيجي، عبدالحميد عمران، الموقف، وقال عبر صفحته في "فيسبوك"، بالنسبة لاتهام الإخوان المسلمين: "لا توجد لديهم دوافع لقتل أبناء نفس العقيدة والوطن"، مضيفا: "لو افترضنا خطأ بأنهم يفكرون بذلك، فإنهم لا يملكون قدرة التنفيذ، ولا توجد فائدة تعود عليهم".
وحول اتهام المسيحيين من جماعة (الأمة القبطية)، أكد عمران، أنه "لا توجد لديهم دوافع للقيام بهذا العمل الإجرامي، رغم بعض الخلافات والأطماع الكنسية، ورغم أن لديهم إمكانية التنفيذ، فلا فائدة تعود عليهم".
وعن اتهام تنظيم الدولة، رأى المحلل السياسي والعسكري، أنه "لا يوجد لدى التنظيم دافع لقتل مصلين في المسجد ولكن لديهم مصلحة في استهداف الجنود"، مؤكدا أن "لديهم إمكانية التنفيذ، لكن لا توجد فائدة تعود عليهم، وحتى لا يسيئوا إلى صورتهم السيئة أصلا".
وبالنسبة لما يثار من اتهام لعناصر القيادي الفلسطيني، محمد دحلان، أكد عمران، أن "دحلان يعمل لحساب إسرائيل، وطبقا لتعليماتها وتعليمات من يدفع الثمن، بالتالي لا يوجد لديه دافع شخصي بخلاف دوافع إسرائيل، مع أن لديه إمكانية التنفيذ، فإنه لا فائدة له سوى استمرار الدور السياسي الذي يلعبه".
ولكن الخبير المصري، ذهب إلى أن نظام الحكم في مصر، لديه "دافع، هو الإيغال في التنكيل بالتيار الإسلامي المعارض، ولديه إمكانية التنفيذ بنفسه أو بالتنسيق مع دحلان، وأنه مستفيد بتبرير تنفيذ الإعدامات بحق المعارضين".
ولم يوجه الخبير المصري أي اتهام ولكنه تناول القدرة وإمكانية وجود الدافع والفرصة.
وأضاف أن النظام في مصر "أساء لنفسه حين اتخذ بعض المزايدين نموذجا لمسجد كهدف تدريبي بحفل تخرج الكلية الحربية منتصف 2016"، وفق قوله.
وعن إسرائيل، أكد عمران أن "الدافع لديها موجود أيضا، ببقاء الوضع الأمني الحالي في مصر، غير أنهم يملكون القدرة للتنفيذ بأنفسهم أو بواسطة دحلان، فإن الفائدة لديهم هي إفشال الدولة المصرية وإسقاطها".
دحلان وإسرائيل والمخابرات
واستبعد الكاتب الصحفي أحمد حسن الشرقاوي، قيام تنظيم الدولة بالجريمة، متسائلا عبر "فيسبوك": "كيف يفجر الإرهابيون حاضنتهم الشعبية وأهلهم وذويهم بسيناء؟"، متحدثا عن مصير ضباط محمد دحلان الموجودون في سيناء، مشيرا لاحتمال ضلوعهم بالتفجير.
أما الكاتبة الصحفية مي عزام، فشبهت الطريقة التي تمت بها العملية من تخطيط وتنفيذ على أكثر من مرحلة وانسحاب دون الإمساك بالجناة، بأفلام المخابرات، وقالت عبر صفحتها في "فيسبوك": "الأمر يستحق إعمال العقل والخيال أيضا".
وأشار المحلل السياسي خالد الأصور، إلى دور إسرائيل، منتقدا اتهام الدولة والإخوان في الجريمة، قائلا عبر "فيسبوك": "عدونا إسرائيل ووكلاؤها".
وأضاف: "أن يكون هناك خائن، مؤكد؛ لكن أن تتهم الجيش والشرطة بالتواطؤ، غلط، أن يتمنى الإخوان زوال النظام"، وقال: "لكن أن تتهمهم بلا دليل، غلط أيضا".
تنظيم الدولة
من جانبه، أكد الباحث المساعد في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصطفى كمال، أنه بالنسبة لجماعة الإخوان، فقد أصدرت بيان إدانة تعلن فيه براءتها من الجريمة.
وأضاف أن احتمال تورط الإخوان "ضعيف"، لأن خصمهم النظام، وليس المجني عليهم، ولا توجد مصلحة لهم في الجريمة.
وعن جماعة (الأمة القبطية)، قال كمال، إن وجودها في سيناء ضعيف، ويعتقد أنها لا تملك إمكانية تنفيذ مثل تلك الجريمة، إلى جانب أنه لا مصلحة لها في إحداث مثل تلك المجزرة.
وأشار إلى أن وضع اسم الجماعة القبطية هو أحد أهداف الاعتداء على المسجد، بزيادة النزاعات داخل سيناء بين المدنيين والجيش والشرطة وأيضا الأقباط والمسلمين.
ويعتقد الباحث المصري، أيضا صعوبة تورط دحلان بالاعتداء، وعدم وجود هدف أو مصلحة أو مكاسب مباشرة له.
وقال: "ليس من الحكمة السياسية أن يكون سببا بمثل تلك عملية في وأد المصالحة الفلسطينية"، موضحا أن الغرض من توجيه ذلك الاتهام هو الإثارة والتشكيك بالدور المصري حول المصالحة، وضرب خطوات القاهرة للعودة وتصدر المشهد بالمنطقة.
وعما يثار حول تورط النظام المصري، قطع كمال، بصعوبة أن يكون له يدا بالمجزرة، مضيفا أنه من الصعب جدا ضرب مدنيين في الوقت الحالي، وقبل الانتخابات الرئاسية.
وأكد أن هذا الطرح من خصوم النظام من جماعة الإخوان المسلمين وتركيا وقطر إلى إيران، وأن الهدف منها هو تقليص الدور الإقليمي الذي تلعبه مصر في الشهور الأربعة الأخيرة بملفات المصالحة بفلسطين وليبيا، وموقفها من الحرب بلبنان.
ورأى كمال أنه ليس من مصلحة إسرائيل أن تثير مشكلات على حدودها، وهي التي تشتكي من إطلاق الصواريخ باتجاهها من سيناء، مضيفا أنها بالفعل مستفيدة من هذا اللغط الحاصل في سيناء، إلا أنها لن تورط نفسها.
وأكد أن تنظيم الدولة هو الأقرب، مشيرا إلى أنه في آذار/ مارس الماضي، أصدر التنظيم إصدارا باسم "نور الشريعة"، أو "الحسبة"، هدد من خلاله الأقباط وأعطاهم مهلة لدفع الجزية، وهدد الصوفية وطالبهم بالبعد عن البدع وزيارة الأضرحة، وبعد هذا الإصدار بشهر، ذبح التنظيم قيادة صوفية بسيناء واثنين آخرين، بحجة تعاونهم مع الجيش.
تحول حركي لتنظيم الدولة
وقال كمال، إن (ولاية سيناء) هو الأقرب باستهداف مسجد قرية الروضة التابع للصوفية وبجواره قرية المزار التي يقع بها عدد من الأضرحة، مشيرا إلى أن العملية ليست تحول نوعي فارق من التنظيم كما يدعي البعض، بل إنه تحول حركي، يشابه ما لحق بمساجد الشيعة والصوفية على مدار 15 عاما في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا ونيجيريا مع بداية (بوكو حرام).
وأوضح أن تنظيم الدولة يمر بمرحلة تمحور جديدة وتحول في أنماط وتكتيكات المقاتلين الذين استفادوا من تجارب العراق وسوريا، ما جعلهم أكثر تطورا وأذكى في الفكر والعقيدة، ويقومون بتفكيك أنفسهم من التنظيمات الكبرى.
ما بدائل معبر رفح مع استمرار تردي الوضع الأمني في سيناء؟
هذا مخطط تحويل حصة من مياه النيل لإسرائيل.. وموعد تنفيذه
هل أجلت الأوضاع الأمنية في سيناء فتح معبر رفح؟