خصصت صحيفة "الغارديان" افتتاحيتها للحديث عن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمنطقة، وإعلانه من سوريا عن انتصار قواته على تنظيم الدولة.
وتقول الافتتاحية إن "بوتين حقق نجاحا كبيرا في سوريا والشرق الأوسط هذا الأسبوع، وكان الغرض من الزيارة هو أن يظهر قدرته، وأنه صار صاحب اليد العليا ضد الولايات المتحدة في المنطقة، ففي زيارة مفاجئة للقاعدة الجوية الروسية على الساحل السوري عانق رئيس النظام السوري بشار الأسد بطريقة تظهر أنه هو الذي قام بإنقاذه بعد التدخل العسكري عام 2015، وخاطب الجنود الروسيين قائلا إن (أصدقاءكم والوطن الأم ينتظرونكم.. وأنتم عائدون إلى وطنكم منتصرين)".
وتقارن الصحيفة بين اللهجة الانتصارية وما يحدث في الغوطة الشرقية، التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة، التي أعلن فيها بداية العام عن وقف إطلاق النار، ويعيش سكانها تحت الحصار ويجوعون، فرغم اتفاق خفض التوتر، إلا أن الطيران السوري لا يزال يدك المنطقة، مدعوما من الحلفاء الإيرانيين والروس، في محاولة لتحقيق نصر حاسم فيها.
وتعلق الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، قائلة إن "المشهدين: قاعدة حميميم والغوطة، يقدمان صورة عن الحسابات الروسية والواقع الذي ساعد الروس على بنائه، ويجب عدم التعامل مع قرار الرئيس الروسي سحب أعداد كبيرة من قواته بطريقة جدية، حيث أنه وعد في السابق بوعود مماثلة، ولم يفِ بها، خاصة أن الإعلان عن سحب القوات ترافق مع إعلان المتحدث باسم الكرملين أن موسكو ستحتفظ بعدد من القوات لقتال (الإرهابيين)، وتعريف الروس للإرهاب هو مماثل لتعريف النظام، الذي يساوي بين المعارضة السياسية له والإرهاب".
وتقول الصحيفة: "ليس غريبا أن قرار بوتين التحدث عن النصر متعلق بإعلانه عن الترشح مرة ثانية للرئاسة في العام المقبل، فإعادة عدد من القوات الروسية إلى بلادها، حيث تم نشر الجنود إلى جانب المتعهدين الأمنيين الروس، ستكون أخبارا مفرحة وإيجابية للرئيس، وتعزز موقفه السياسي، ولم يعلن عن عدد القتلى الروس في التدخل العسكري منذ عام 2015، وهو سر، بالإضافة إلى الكلفة المالية للعملية".
وتجد الافتتاحية أنه "من الناحية الجيوسياسية فإن الحرب الروسية في سوريا كانت استثمارا مربحا، فاستغل التشتت الغربي والأمريكي، والتردد في التورط في نزاع طويل".
وتشير الصحيفة إلى أن بوتين سافر بعد سوريا إلى مصر، والتقى فيها مع عبد الفتاح السيسي، حيث أظهر النفوذ الروسي الجديد في بلد كان يتمتع بعلاقات مميزة مع الولايات المتحدة منذ السبعينيات من القرن الماضي، لافتة إلى أن هناك حديثا عن إمكانية استخدام الطيران الروسي القواعد الجوية المصرية.
وتقول الافتتاحية إنه "من المفارقة أن يركز بوتين انتصاره على تنظيم الدولة في الوقت الذي استهدف فيه طيرانه المعارضة السورية المسلحة، ولم تكن استعادة الرقة إنجازا روسيا، لكنها نتاج حملة كردية عربية دعمتها الولايات المتحدة من الجو".
وتبين الصحيفة أن "هذا كله لم يمنع بوتين من الادعاء أن لديه اليد العليا في الدبلوماسية، فمن خلال تغيير مسار الحرب، ومفاجأة الغرب عندما أرسل قواته عام 2015، فإن بوتين أكد نفوذه، وسواء استطاع تقديم خطة سلام أم لا فإن هذا مسألة مختلفة، فالرئيس الروسي يرغب بتهميش خطة السلام التي تدعمها الأمم المتحدة في جنيف، حيث أن الجولة الثامنة التي عقدت تقوم على أمل وليس توقعات بتحقيق السلام، وقام بوتين بالبحث عن احتمالات أخرى مع تركيا وإيران، مع أنهما تعدان شريكتين صعبتين، فالقوات المدعومة من طهران أصبحت مسيطرة في سوريا أكثر مما كان يتوقعه بوتين، مع أنه بحاجة لدعم الأمم المتحدة عندما يبدأ إعمار سوريا".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "اللعبة الجيوسياسية والقتال في سوريا لم ينتهيا، ففي الغوطة الشرقية هناك 137 طفلا بحاجة للإجلاء السريع، ومن خلال دعم ديكتاتور يقتل ويجوع شعبه وتقويته، فإن بوتين مسؤول عن الدمار في سوريا بالدرجة ذاتها التي يسيطر فيها على القواعد العسكرية، صحيح أن روسيا عادت إلى الشرق الأوسط، لكن مسؤوليتها عن حمام الدم فيه واضحة للعيان".
واشنطن بوست: ما هدف زيارة بوتين الخاطفة للشرق الأوسط؟
الغارديان: هل يستجيب بوتين لطلب المعارضة الضغط على الأسد؟
التايمز: هكذا أبرزت سياسة بوتين بالشرق الأوسط "بلاهة" أمريكا