فتح قرار اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتوجيه إدارته بنقل سفارة بلاده إليها، باب التساؤل واسعا حول المعطيات التي شجعت ترامب لاتخاذ مثل هذا القرار في الوقت الحالي.
وأعلن ترامب، أمس الأربعاء، اعترافه بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ليفي بوعد كان قد قطعه على نفسه خلال حملته الانتخابية، بعدما عجز عن اتخاذه أسلافه من رؤساء أمريكا، عقب تأييد الكونغرس للقرار عام 1995.
معطيات شجعت ترامب
وتعليقا على قرار ترامب، قال الخبير في الشؤون الأمريكية، جورج حجار، إن أمريكا، منحازة إلى إسرائيل ووجهت بقرارها، أمس، صفعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في ما يسمى "مشروع التسوية".
وأوضح في حديث لـ"عربي21" أن "ما شجع ترامب هو الوهن العربي والانشقاقات والتشرذم، الذي جعل الغرب يفعل ما يشاء بالنسبة لقضايانا الوطنية والقومية، والقصة ليست جديدة بل منذ 70 سنة منذ انفراط الوحدة العربية في عام 1961، لكن القيادات العربية لم تقتنع بعد".
ولفت حجار إلى أن "العالم العربي يعيش حالة انحدار لا سابق له، ففي الخليج البعض يضرب الآخر، وما نراه من أحداث في السعودية وقطر واليمن ومصر، كلها تعني أن العالم العربي يتلقى الضربات من كل الاتجاهات".
إيران خدمت الاحتلال
من جهته، اتفق مستشار مؤسسة أبعاد للأبحاث، وسام الكبيسي، بأن "الظرف العربي الإسلامي المتشرذم والمتفرق كان سببا رئيسيا في اتخاذ مثل هذا القرار وتطبيقه على أرض الواقع".
وأشار في حديث لـ"عربي21" إلى أن "القرار تمهيد لمرحلة قادمة لم يقل إنه سينفذها على الفور، ويبدو أن هناك مرحلة من جس النبض لهدوء الشارع العربي ومن ثم يتم تطبيق قرارات ترامب على أرض الواقع".
واستدرك الكبيسي قائلا: "لكن هذا القرار ليس من السهل تنفيذه في ظل هذه المرحلة المعقدة والشائكة ما لم يحصل نوع من التواطؤ والضغط على الشعوب العربية، للقبول بهذا القرار، وهذا أيضا ليس بالأمر السهل لأنه سيظهر الكثيرين بأنهم على خلاف شعاراتهم بأنهم أصبحوا ضد القضية المركزية للعرب والمسلمين".
وبخصوص دعوات التطبيع التي صدرت من إعلاميين ومفكرين عرب، قال الكبيسي إن "الكثير ممن يطبلون لتقديم التنازلات في مثل هذا الملف الخطير بدعاوى متعددة، هم مرتبطون بدوائر خارجية، ربما تم الإيحاء لهم من أجل التوجه لمثل هذا القرار".
ورأى أن قبول الغرب بالنظام الإيراني، خلافا لما هو متعارف من الغرب بقبول أي نظام ذي توجه إسلامي في المنطقة، والسماح لهذا النظام بالتمدد، إنما هو سعي لتشكيل ما يسمى بـ"الضد النوعي" في المنطقة ضد توجهات الصحوة العربية والإسلامية التي حصلت في سبعينيات القرن الماضي.
وأضاف أن "نظام ولاية الفقيه في إيران يقدم خدمة كبيرة جدا للمشاريع الاستيطانية والتوسعية وعلى رأسها الكيان الصهيوني، واليوم الشعوب العربية والإسلامية أغلبها منشغل في صد هجمة مشروع ولاية الفقيه على المنطقة وما حققه من خلخلة واضطراب في الشؤون الأمنية والاقتصادية والسياسية للمنطقة".
وأردف الكبيسي قائلا: "هذا كله مهد لهذه الخطوة ليستفيد الكيان الصهيوني من جهة والقوى العالمية الداعمة له من هذا الاضطراب لتحقيق الأجندات التي كان يهدف لها منذ زمن طويل".
وتوعد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في كلمة له، الخميس، ترامب ونتياهو، قائلا: "سيدرك ترامب أنه سيندم على هذا القرار، وكذلك نتنياهو، بعد أن غرتهم الانشغالات والاتصالات من فوق ومن تحت الطاولة التي تعد بالتطبيع، وظنوا أنهم يستطيعون الهجوم على القدس".
وكان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس، قال في تصريحات صحفية سابقة: "نحترم رغبة دول عربية في الإبقاء على سرية العلاقات معنا"، مؤكدا أن "بعض الدول العربية هي صديقة لإسرائيل ولكنها تخفي هذه العلاقة".
ورأت صحيفة "يسرائيل هيوم" في تقرير نشرته أن الواقع السياسي والبيئة الإقليمية تسمح بالضغط على حكام السعودية للتجنيد من أجل فرض تسوية سياسية للصراع يمكن لإسرائيل أن تتعايش معها.
وأضافت أن رهانات نظام الحكم السعودي الكبيرة على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توفر فرصة لتجنيد الرياض في ممارسة الضغوط على الفلسطينيين للقبول بالتوصل لترتيبات سياسية مع الفلسطينيين يمكن لإسرائيل أن تتعايش معها.
وفي تحليل نشرته، قال البروفيسور أبراهام بن تسفي، معلق الصحيفة للشؤون الأمريكية إن الانقلاب الذي حدث على سلم الأولويات في السعودية يمثل فرصة أمام إسرائيل يتوجب استغلالها، سيما عشية قدوم مستشار ترامب وصهره جاد كوشنر ومبعوثه للمنطقة جيسين غرينبليت.
واعتبر بن تسفي أن شعور نظام الحكم في السعودية بأنه "مهدد من قبل إيران يسهل على إدارة ترامب ممارسة الضغوط عليه من أجل الاستنفار من أجل تحقيق تسوية سياسية للصراع".
ونوه إلى أن التحولات المتلاحقة التي شهدتها المنطقة منذ أن شرعت الرياض في حملتها ضد قطر تفتح المجال أمام مطالبة السعودية بتطبيع كامل مع إسرائيل.
الصدر للسعودية: العار لكم إن لم توجهوا "التحالف" نحو القدس
ماليزيا وإندونيسيا تنددان بقرار ترامب وتدعوان للتصدي له
واشنطن تدعو إسرائيل لـ"كبح ردها" على قرار ترامب حول القدس