خصصت صحيفة "الغارديان" افتتاحيتها للحديث عن إلغاء بريطانيا زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلة إنه يجب على بريطانيا ألا تسمح لعنصرية ترامب بأن ترتدي لباس العظمة.
وتقول الافتتاحية إن "العلاقات كلها لها حدود، وتلك التي بين البلدان قد تكون مشحونة ومحملة بالعلاقات المحفورة في التاريخ والثقافة، وفي الدبلوماسية يجب الاعتراف بأخلاق الآخرين وعاداتهم وقيمهم واحترامها، لكن الإنسانية تبدأ بأفعال وليس فقط أفكار، والسؤال هو كيف التعامل مع رجل مثل دونالد ترامب، ثرثار ساخر ويحب الإطراء؟ والرهانات كبيرة، فعندما تختلف الدول يتضرر الناس، وباستخدامه مواقع التواصل الاجتماعي كقاذفة لهب فإن ترامب يستخدم الكلمات كأسلحة، ولا يهمه من يحترق بها".
وتشير الصحيفة إلى أنه "بإعادة نشره فيديوهات تروجها زعيمة لمجموعة هامشية في اليمين المتطرف البريطاني، ثم مهاجمته لرئيسة الوزراء لمعاتبته، يثبت ترامب مرة أخرى أنه يروج للمتعصبين وليس صديقا لهذا البلد، وهذه لحظة مهمة وخطيرة بالنسبة لبريطانيا في وقت تطلق نفسها في مياه بريكسيت المتقلبة، وأمل السياسيين الذين دفعوا بالبلد نحو مغادرة الاتحاد الأوروبي هو أن بإمكاننا ربط أنفسنا بالولايات المتحدة".
وتعلق الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، قائلة: "صحيح أن أمريكا أهم شركاء بريطانيا على الساحة العالمية، وكشعوب لدينا شعور بقيم مشتركة وتاريخ طويل معا، وكلا البلدين عملا عى الحفاظ على نظام يلتزم بالقواعد الدولية، وبعد انتهاء الحرب الباردة كانت شراكة مع آخرين ضمنت فترة قصيرة من السلام النسبي، وما لم يؤخذ في عين الاعتبار بشكل كاف هو أن الموازنة ليست فقط حسية بل أخلاقية أيضا".
وتبين الصحيفة أن "ترامب لا يمتلك سوى القليل من القيم، فهو بلطجي ونرجسي، ولا يحترم مصالح بريطانيا ولا أمنها القومي، فبعد هجوم جسر لندن في حزيران/ يونيو هاجم ترامب عمدة لندن صديق خان؛ لحثه الناس على الهدوء، وهاجم سكوتلاند يارد في أيلول/ سبتمبر بعد أن فشلت قنبلة في الانفجار، واتهم تلك المؤسسة بعدم (الاستباق)، في وقتها كما الآن قامت تيريزا ماي بتقريع الرئيس الأمريكي، وكان ذلك هو الفعل الصحيح، لكن يجب على رئيسة الوزراء أن تقوم بما هو أكثر من ذلك بأن تسحب دعوته للقيام بزيارة رسمية لبريطانيا، فالمتنمرون لا يحترمون المتملقين، ويجب على بريطانيا ألا تسمح لعنصرية ترامب أن تلبس لباس الأبهة، فاستراتيجية ترامب هي خلق مناخ من البارانويا في بلده وخارجها، ويسعى لتوظيف سياسة التقسيم والكراهية، وهو يعمل بالحدس بدلا من التحليل الواعي".
وتؤكد الافتتاحية أن "ترامب لا يحترم الحقوق الأساسية التي هي أساس الديمقراطية، ولا يهمه الأخلاق اللازمة للحفاظ على المواطنين، فالديمقراطية لا يمكن لها أن تعيش دون السماح بحوار معقول يسمح للحقيقة بأن تظهر، وبدلا من ذلك يبدو أن ترامب لا يملك شيئا سوى الكراهية تجاه التفكير، فبالنسبة للرئيس الأمريكي فإن العرض كله يتعلق بشخص واحد، حيث أن وزير خارجيته ريكس تيلرسون في طريقه إلى الاستبدال بطبال يؤيد الظاهرة الترامبية، وكان خطأ تيلرسون هو إدراك ما يشك به الجميع، وهو أن رئيسه، بحسب ما ذكرت التقارير أنه كلامه، (أحمق)".
وتقول الصحيفة: "وكما أشار رئيس وزراء بريطاني سابق بحكمة: (الأمم ليس لها أصدقاء أو حلفاء دائمون، لكن لها مصالح دائمة)، وعلى بريطانيا أن تكون لها علاقة بأمريكا كما لنا علاقات بأنظمة بغيضة أخرى، حيث ينظم العلاقة الفهم بأننا لا نشاركهم الموازين، وسخافتنا تعني أننا لم نعد مفيدين كجسر إلى أوروبا".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول: "كلما طالت فترة ترامب في الرئاسة أصبحت الأساليب الأمريكية غريبة على بريطانيا، ومثل العلاقات كلها ستمر العلاقات بين بريطانيا وأمريكا بمراحل اضطراب، ونمر الآن بواحدة منها، وحيث ترامب موجود في البيت الأبيض أصبحت العلاقات (الخاصة) أكثر تقلبا، حيث يكيل ترامب المديح لأعداء أمريكا، ويقلل من مستوى العلاقة مع حلفائها، وحتى نحافظ على مصداقيتنا يحب أن ترتبط العلاقة باحترام الذات، وقد يكون قول الصدق صعب لكن الأصدقاء هم أصدقاء لأجل ذلك".