نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للباحث ماكس بوت، يقول فيه إن اعتداءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الحقيقة ليست هواية، بل إنها تشكل هاجسا.
ويبدأ الكاتب مقاله بالقول إن "الرئيس دونالد ترامب محق، فهناك وباء من (الأخبار الملفقة) في أمريكا، لكن ما يطيل أمد هذه الحقيقة ليس معارضيه، بل هو ومؤيدوه".
ويقول بوت: "كان ذلك واضحا عندما نشرت صحيفة (واشنطن بوست) تقريرا حول كيف حاول أحد أقارب ترامب، يدعى جيمس أوكيفي، ويدير مشروعا اسمه (بروجيكت فيريتاس)، أن يوقع مراسلي الصحيفة بإرسال امرأة إليهم ادعت أن السيناتور الجمهوري روي مور اعتدى عليها جنسيا عندما كانت مراهقة، وحملت منه، ثم اضطرت للإجهاض، وما كان يأمله أوكيفي من هذا هو أن يجعل من الصحيفة أضحوكة إن نشرت القصة، ويفقدها مصداقيتها، لكن الصحيفة لم تخدع، وأظهرت مدى دقتها في تحري الحقيقة في تقاريرها".
ويشير الباحث في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "أوكيفي لديه تاريخ طويل في مثل هذه العمليات الغبية، التي تسعى إلى فضح الانحياز المفترض لليسار في مختلف المؤسسات، لكن أكبر نجاح حققه إلى الآن هو إراحة المتبرعين المحافظين السذج من أموالهم -أموال كان الأفضل لهم أن ينفقوها على شباب المحافظين ليتعلموا فن الإعلام الحقيقي".
ويستدرك بوت بأن "أوكيفي ليس سوى جزء صغير من صناعة (الأخبار الكاذبة) التي تشمل مصادر مثل (إنفوورز) و(بريتبارت) و(فوكس نيوز)، ويقترحون نظريات مؤامرة غريبة مثل الادعاء بأن اختراق شبكة اللجنة القومية للحزب الديمقراطي لم يقم به قراصنة روس، كما استنتجت المخابرات الأمريكية، لكن موظفا اسمه سيث ريتش هو من قام بالاختراق، وكان هذا الرجل قد قتل -فهو لا يستطيع الدفاع عن نفسه- وذهب بعض مؤيدي ترامب إلى حد الادعاء أن المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تدير شبكة اعتداء جنسي على الأطفال من مطعم بيتزا في واشنطن، وهي قصة مؤلفة أدت إلى ذهاب رجل من نورث كارولاينا إلى مطعم البيتزا المعني وهو يحمل بندقية نصف أوتوماتيكية".
ويلفت الكاتب إلى أن "ترامب نفسه يشارك في حركة هذه الماكنة، التي تنتج الكلام الفارغ عن طريق تأليف ادعاءات غريبة، مثل ادعائه بأن باراك أوباما كان يتجسس عليه، وأن هيلاري كلينتون منحت روسيا اليورانيوم الأمريكي، ومع أن القصتين أبعد ما تكونان عن الصحة، إلا أن غرفة صدى ترامب تقوم بنشرهما بكل أمانة".
ويبين بوت أن "ترامب يكافئ المتملقين له بإعادة تغريداتهم لمتابعيه البالغ عددهم 43.5 مليون، وقام يوم السبت بشكر موقع اسمه (ماغابيل) المليء بنظريات المؤامرة، مثل (الإرهاب تحت علم زائف)، (وسرقة الأعضاء) و(أجهزة الزلازل)، حيث قال موقع (ثينك بروغريس) إنه قبل ساعات من مصادقة ترامب (على الموقع) كان (ماغابيل) قد نشر فيديو لـ(ليز كروكين)، شخص هامشي اشتهر لترويجه لمؤامرة بيتزاغيت، في ذلك الفيديو يدعي كوركين أن هناك شريط جنس لهيلاري كلينتون مع طفلة على حاسوب أنثوني وينر".
ويقول الكاتب إن "ترامب وصل إلى مستوى متدن آخر صباح الأربعاء، عندما قام بإعادة نشر فيديوهات نشرتها زعيمة فاشية بريطانية، التي تظهر ما تدعي أنها جرائم المسلمين، والفيديوهات كلها سيئة، ومنها واحد على الأقل مزور: حيث ظهر أن (المهاجر المسلم) المفترض يلحق الضرر بـ(فتى هولندي على عكازتين)، لم يكن مهاجرا ولا مسلما، لكن ترامب بالطبع لم يكلف نفسه القيام بفحص مبدئي للحقائق قبل توزيع دعايته الخسيسة ضد المسلمين".
ويؤكد بوت أن "هجوم ترامب الوقح على الحقيقة يتماشى مع هجومه على تيار الإعلام الرئيسي، الذي يحاول نقل الحقيقة بأفضل ما يمكنها، فوصف ترامب الصحافة الحرة بـ(عدوة الشعب الأمريكي)، وشن هجمات لاذعة ضد صحافيين بعينهم، مثل ميغين كيلي ومايكا برزنسكي، وعلى مؤسسات إعلامية بعينها، مثل (نيويورك تايمز الفاشلة) و(واشنطن بوست الأمازون)، وفي 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، هاجم (سي أن أن)، التي ربما رأى تغطيتها الدولية لجولته الآسيوية، فقال إن (فوكس نيوز) أهم بكثير في الولايات المتحدة من (سي أن أن)، لكن خارج الولايات المتحدة لا تزال (سي أن أن) الدولية مصدرا رئيسيا للأخبار (الملفقة)، ويظهرون بلدنا للعالم بصورة سيئة، ولا يرى العالم الخارجي الحقيقة من خلالهم)".
ويجد الكاتب أن "ما يقوم به ترامب هو تفكيك الدور الأمريكي التقليدي في الدفاع عن حرية التعبير والصحافة في العالم، ويظهر بمظهر المستبد، وإن كان لا يملك سلطة لفعل ذلك، ويفرح المستبدون بسماع كلامه".
وينوه بوت إلى أنه "قبل تغريدة ترامب بساعات كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد فرض أن تقوم بعض وسائل الإعلام الأمريكية بالتسجيل كوكلاء أجانب، وربما يشمل ذلك (سي أن أن) الدولية، وكان ذلك انتقاما من قرار وزارة العدل الأمريكية بفرض التسجيل على تلفزيون (آر تي)، الذي يعد ذراع الدعاية التابع للكرملين، وكغيره من الطغاة يحاول بوتين إلغاء الفرق بين الإعلام الحكومي والمستقل، وبين الموضوعي والملتزم بخط حزبي".
ويقول الباحث: "كما أن مواقف ترامب المعادية للإعلام وجدت لها صدى في مصر، التي هي مثل روسيا، ديكتاتورية تسجن الصحافيين، وغرد متحدث باسم الخارجية المصرية يوم الأحد، قائلا: (كالعادة، تغطية بائسة قامت بها (سي أن أن) لكارثة سيناء اليوم، فكان اهتمام مقدم البرنامج بإمكانية وصول المراسلين إلى سيناء أكثر من أولئك الذين فقدوا أرواحهم)، وتمنع مصر المراسلين من دخول سيناء لئلا يكتبوا التقارير حول العنف الذي يكال للشعب -وغالبا ما يكون هذا الأمر عاديا مقبولا بالنسبة لترامب".
ويضيف بوت أن "الحكومة الليبية استعارت من كتاب ترامب، حيث عارضت تقريرا لـ(سي أن أن) حول مزادات علنية لبيع العبيد في أنحاء البلاد، فقالت مراسلة تلفزيون (الآن)، جنان موسى إن (الإعلام الليبي يشكك في صحة تقرير (سي أن أن) حول العبودية في ليبيا بعد تغريدة من الرئيس ترامب، قال فيها إن (سي أن أن إنترناشونال) مصدر رئيسي للأخبار (الملفقة)".
ويخلص الكاتب إلى القول: "أصبح من الصعب الغضب من ترامب مع سجله اليومي من التجاوزات، لكن من المهم ألا نخسر إمكانية الغضب خوفا من أن نقبل بما لا يمكن قبوله، فببساطة ليس مقبولا أن يوفر رئيس أمريكي الراحة للطغاة، الذين يمنعون الحريات التي مات لأجلها العديد من الجنود الأمريكيين، وبهذا المعنى علق الجنرال المتقاعد مايكل هايدين بالقول: (إن كان هذا هو نحن، أو هو ما صرنا إليه فقد أضعت أربعين عاما من عمري.. فحتى الآن لم يكن ممكنا بالنسبة لي أن أتصور رئيسا أمريكيا قادرا على مثل هذا الهجوم الشائن على الحقيقة والصحافة الحرة والبند الأول من الدستور)".
واشنطن بوست: إدارة ترامب تخالف تصريحاته بشأن السعودية
إندبندنت: ترامب فضل البورغر على السوشي برحلته لليابان
الكشف عن علاقة تجارية بين وزير أمريكي ومقربين من بوتين