نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلتها كارين ديونغ، تقول فيه إن مواقف مسؤولي الإدارة الأمريكية من مجريات الأحداث السعودية تختلف عما جاء في تغريدات الرئيس دونالد ترامب المشجعة للملك وولي عهد الأمير سلمان على حملة التطهير، أو ما صارت تعرف بليلة السكاكين.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تصريحات المسؤولين بدت وكأنها تحاول التخفيف من الدعم الكامل للصراع الداخلي على السلطة في السعودية، لافتا إلى أن تصريحات متناقضة صدرت بشأن الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على العاصمة السعودية الرياض، حيث اعتبرت الحكومة السعودية الهجوم الصاروخي "إعلان حرب" و"عدوانا مفتوحا"، وأن "المملكة لديها الحق في الدفاع عن أراضيها".
وتقول ديونغ إن المخاوف من الاضطرابات الداخلية، والمواجهة المفتوحة مع إيران جعلت المسؤولين يخففون النبرة، فعندما سئل وزير الدفاع جيمس ماتيس عما إذا كان هناك قلق من اعتقال عدد من الأمراء البارزين ورجال الأعمال في السعودية، وتعزيز الأمن القومي في يد ولي العهد السعودي، فإنه رد قائلا، إنه بحاجة لمعلومات، وأضاف: "دعوني أعود إليكم بعد الحصول على معلومات من المملكة"، مشيرة إلى أن المتحدثة هيذر نوريت في الخارجية، قالت: "نواصل مراقبة الوضع"، وأضافت أن السعوديين "أكدوا لنا أن أي عملية محاكمة ستحدث ستتم بنزاهة وشفافية، ونأمل أن يقوموا بعمل هذا الأمر".
وتذكر الصحيفة أن ترامب، الذي كان في طريقه إلى آسيا، أرسل تغريدة دعم فيها الاعتقالات، وقال إن المعتقلين "يحلبون البلد منذ سنين"، وأكد أنه واثق بمحمد بن سلمان ووالده الملك، وأنهما يعرفان ما يفعلان، لافتة إلى أنه في الوقت ذاته، فإن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، التي تحدثت عن معلومات حصلت عليها من السعودية، قالت إن إيران هي التي زودت المتمردين اليمنيين بصواريخ متوسطة المدى، وأضافت أن الولايات المتحدة لن تغض الطرف عن هذه الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي، التي قام بها الإيرانيون.
ويورد التقرير نقلا عن السعوديين، قولهم إن الصاروخ من نوع "قيام"، الذي ضربه المتمردون في الصيف على السعودية، هو من صناعة إيرانية، وتم فحصه في عام 2010، حيث قالت هيلي إنه لم يظهر في اليمن قبل الحرب التي بدأت عام 2015، وأشارت إلى أن الصاروخ الذي أطلق على السعودية يوم الأحد ربما جاء من إيران، ودعت الشركاء الدوليين لاتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف الانتهاكات التي يقوم بها النظام الإيراني.
وتلفت الكاتبة إلى أن نوريت رفضت الحديث عما أسمتها الحرب "النظرية" مع إيران، قائلة: "ليس لدينا التقييم الكامل عن المسؤول.. ولم نحدده بعد"، ونفت أن تكون الخارجية قد تلقت أي معلومات مقدما عن الاعتقالات الأسبوع الماضي، وأكدت أنها غير متقبلة لأي حوارات أجراها جارد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره عندما قام بزيارة غير معلنة للرياض نهاية الشهر الماضي، وقالت: "لم أتحدث للسيد كوشنر ولا لمكتبه".
وتفيد الصحيفة بأن كوشنر يرافق ترامب في رحلته، التي تستمر لـ12 يوما، مشيرة إلى أن كوشنر كون علاقة وثيقة مع ابن سلمان عندما زار ترامب الرياض في أيار/ مايو، حيث علق مسؤول سابق في الخارجية على هذه العلاقة قائلا: "إنهما يشبهان بعضهما"، وأضاف المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن مسؤولي السياسات خارج البيت الأبيض قلقون من عدم جاهزية كوشنر للتعقيدات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي استنتج فيه المحللون مناقشة ابن سلمان مع كوشنر خطط القمع، إلا أن المسؤول قال إن السعوديين "ليسوا بحاجة لضوء أخضر"، وأضاف أنهم "يتوقعون دعما من البيت الأبيض ووقوفا معهم".
وبحسب التقرير، فإنه منذ زيارة ترامب إلى الرياض، فإنه كان هو الأكثر ثناء على ابن سلمان، لكنه لم يكن مادحا للسعوديين، ففي مقابلة له مع مجلة "بلي بوي" عام 2004، قال فيها: "سيطاح بالسعوديين بخمس عشرة دقيقة لو لم نقم بحمايتهم"، وانتقد بعد أربعة أعوام جورج دبليو بوش ووصفه "بالمعتوه"؛ لأنه يسافر إلى السعودية ويضع ذراعه حول "هؤلاء الناس"، ويقول لهم: "إننا نحبكم، إننا نحبكم"، لكنه قال إنه لم يكن ليذهب للسعودية لو لم يتعهد السعوديون بشراء أسلحة بالمليارات، 110 مليارات دولار، منوها إلى أنه بالإضافة إلى السلاح، فإن أمريكا تريد مساعدة السعودية في العملية السلمية وخطتها للحد من التأثير الإيراني في المنطقة.
وتجد ديونغ أن "زيادة سلطات محمد بن سلمان تثير مشاعر مختلطة، فمن جهة فإن الإصلاحات التي يدفع باتجاهها، بما في ذلك التنويع السريع من اقتصاد المملكة النفطي، وتخفيف القيود الثقافية والدينية، حظيت بدعم محلي ودولي واسع النطاق، وانتشرت الشائعات حول تنحي الملك سلمان عن السلطة، لكن هذا غير محتمل، خاصة أنه وعد بزيارة الولايات المتحدة في النصف الأول من العام المقبل".
وتقول الصحيفة إن "الحوثيين لا يحظون بأي تعاطف، ولا شك أن محاولاتهم السيطرة على البلاد تتم بدعم إيراني، لكن المشكلة هي أن الأمير محمد، الذي يشغل منصب وزير الدفاع، والذي يدير الجانب السعودي من الحرب، يكبر مع سلطته".
تختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول المسؤول السابق: "كم من الثقة التي تريد وضعها في رجل عمره 31 عاما، الذي يركز اهتمامه على الشؤون الداخلية؟.. هل ستسمح له بأن يتسبب بأزمة في المنطقة؟".
فورين بوليسي: ماذا يخطط جارد كوشنر وابن سلمان ونتنياهو؟
إندبندنت: لماذا تترك حملة التطهير السعودية تداعيات خارجية؟
نيويوركر: هل ساعد ترامب الملك سلمان وابنه في حملة التطهير؟