نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لكل من كريم شاهين وباتريك وينتور، حول المجاعة التي يعاني منها سكان الغوطة الشرقية.
ويقول الكاتبان إن منظر أم تبكي وهي تجر أبناءها، الذين يعانون من سوء التغذية، إلى عيادة طبية، ليس منظرا غريبا في الغوطة الشرقية، التي تقع تحت حصار قوات موالية لنظام بشار الأسد.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن الطبيب عبد الحميد صدم عندما قالت له الأم بأنها أطعمت أبناءها الجائعين ورق صحف بلته بالماء؛ لوقفهم عن البكاء من الجوع في الليل، حيث قال الدكتور عبد الحميد، الذي لم يعط اسمه كاملا: "يمكن أن أحاول أن أصف لك كم هي سيئة الظروف التي نعيشها، لكن الواقع أسوأ".
وتشير الصحيفة إلى أن حوالي 400 ألف شخص لا يزالون يعيشون في المنطقة التي تجاور دمشق، والتي كانت يوما سلة الغذاء للعاصمة، لكنها عانت من أهوال كبيرة خلال ست سنوات من الحرب في سوريا.
ويفيد الكاتبان بأن حصار الغوطة الشرقية، التي عانت من هجوم غاز السارين عام 2013، الذي كاد أن يولد تدخلا أمريكيا في الحرب، استمر لسنوات طويلة، حيث استمرت الأوضاع في التدهور، لافتين إلى أنه بحسب "سيج ووتش"، وهو مشروع يتابع الحصار في المناطق المختلفة في سوريا، فإن المنطقة "على شفير الكارثة".
ويلفت التقرير إلى أن كثيرا من الناس سيصارعون لأجل البقاء في برد الشتاء القارس؛ بسبب عدم توفر الوقود، مشيرا إلى أن الغارات الجوية استمرت، حيث قال عمال الإنقاذ إنه أصيب 181 هدفا في الغوطة الشرقية هذا الأسبوع.
وتذكر الصحيفة أن المهربين كانوا يستطيع في السابق إيصال المواد الغذائية وغيرها، لكن هذا توقف منذ نيسان/ أبريل، حيث قامت الحكومة بهجوم كبير وشددت الحصار، لافتة إلى قول عمال الإغاثة والمواطنين إن سوء التغذية متفش، خاصة بين الأطفال، وهناك نقص حاد في الأدوية واللوازم الطبية، ومعظم المواد الغذائية التي يمكن أن توجد ثمنها باهظ، وتستمر الغارات الجوية بتدمير البلدات وبإمدادات كهرباء وماء محدودة.
ويقول عبد الحميد: "الثلاجات غير موجودة كجزء من حياتنا، وفي الواقع أي شيء يحتاج إلى كهرباء لم يعد يستخدم. الحمد لله لم تنتشر الكوليرا بعد".
ويقول الكاتبان إنه "من المفروض أن الغوطة الشرقية مشمولة في اتفاقية تخفيف التصعيد، التي تمت بوساطة روسية وتركية وإيرانية، لتخفيف الصراع في جميع سوريا؛ لتمهيد الطريق للمفاوضات للتوصل إلى حل سياسي. المعارضة السورية في حالة فوضى، في الوقت الذي أبقت فيه القوات المؤيدة للأسد الزخم العسكري بدعم من روسيا وإيران وآلاف المقاتلين من المليشيات الشيعية من العراق ولبنان، وهم يقتربون من تحقيق انتصار عسكري في الحرب التي استمرت ست سنوات".
وينوه التقرير إلى أن منظمة العفو الدولية توصلت في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن نظام الأسد ارتكب جرائم ضد الإنسانية، من خلال استخدام الحصار، واضعا المحاصرين أمام خيارين "الاستسلام أو الموت جوعا".
وتورد الصحيفة نقلا عن المعارضة السورية الرئيسية، التي اجتمعت في الرياض يوم الخميس، قولها إنها لا تزال ترفض دور الأسد في مرحلة انتقالية بدعم من الأمم المتحدة تفضي إلى التحول السياسي، لافتة إلى أن هذا الموقف يقلل من فرص تحقيق اختراق سياسي في آخر جولة للمفاوضات في جنيف يوم الثلاثاء، حيث كان مستقبل الرئيس حجر العثرة لسنوات في المفاوضات للتوصل إلى حل.
ويذهب الكاتبان إلى أن "عدم تحقيق تقدم في مفاوضات السلام سيطيل من معاناة المدنيين في الغوطة الشرقية، بالإضافة إلى أن الحصار الذي يفرضه نظام الأسد، والاقتتال الداخلي بين مجموعات الثوار المحلية، عقدا عملية إيصال المساعدات، التي إما أن ترفض بشكل روتيني، أو أن يسمح بها بشكل متقطع، حيث سمح لقافلة من الصليب والهلال الأحمر لبلدة دوما قبل 11 يوما، وكانت هي الأولى منذ ثلاثة أشهر، ولم توفر سوى إمدادات لـ21500 شخص".
وينقل التقرير عن الأطباء والعاملين، قولهم إن أدوية الأمراض المزمنة، مثل السكري، في حالة نقص شديد، والأجهزة الطبية تحتاج إلى صيانة، ولا يستطيعون توفير التطعيم الروتيني للأطفال، مشيرا إلى انه تم الإبلاغ عن حالات من السل والحمى المالطية والتهاب الكبد والحصبة، وحالات سوء تغذية معتدلة وخطيرة، بالإضافة إلى بعض حالات التقزم، حيث تتسبب التغذية السيئة في عدم نمو الأطفال بالشكل الطبيعي، فيبقى الطفل ابن الخامسة بحجم ابن العامين.
وتبين الصحيفة أن هذه القضية حازت على الانتباه عندما نشرت في تشرين الأول/ أكتوبر صور لطفلة عمرها شهر ماتت من سوء التغذية؛ ولأن أمها لم تستطع إرضاعها؛ لأنها هي نفسها لم تكن تحصل على الغذاء الكافي.
ويكشف الكاتبان عن أنه "عادة ما يضطر السكان للاعتماد على آبار مياه لم تتم تصفيتها أو معالجتها ويتم إخراجها من الآبار باستخدام مضخات يدوية، وتكتفي معظم العائلات بوجبة واحدة في اليوم، حيث ارتفع سعر كيلو الخبز إلى 5.5 دولار، وقليل من الناس يستطيعون شراء المواد الغذائية القليلة المتوفرة في السوق".
ويورد التقرير نقلا عن المتحدثة باسم الصليب الأحمر في سوريا آنجي صدقي، قولها: "سواء كان في الغوطة الشرقية أو مكان آخر في سوريا، فإن عدم التمكن من الوصول بانتظام يمكنه أن يجعل الوضع الإنساني يتدهور بسرعة كبيرة.. ومهما كانت كمية الأغذية التي نستطيع إدخالها في قافلة واحدة فإنها لن تكفي السكان لأكثر من شهر، ولذلك يجب أن يسمح للمنظمات الإنسانية بالوصول بشكل منتظم".
وبحسب الصحيفة، فإن المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، وصف حصار الغوطة الشرقية الشهر الماضي بأنه فعل "شنيع"، فيما قالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا إليزابيث هوف: "الوضع مؤلم جدا، لقد تعرض السكان في الغوطة الشرقية لحرمان مستمر، وقيود مفروضة على وصول المؤسسات الإنسانية، بالإضافة إلى الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول هوف: "لقد وصلنا الآن إلى نقطة حرجة، حيث يتهدد الخطر فيها حياة المئات، بما فيهم الكثير من الأطفال، وإن لم يحصلوا مباشرة على العناية الطبية التي يحتاجونها فإنهم في الغالب سيموتون".
التايمز: هكذا ستنتهي اللعبة في سوريا
وول ستريت: هل يرسم مؤتمر سوتشي الثلاثي خارطة سوريا الجديدة؟
دي ميستورا يجري مشاورات بشأن مشاركته في مؤتمر سوتشي