نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مقالا لمدير مكتبها في موسكو ناثان هوج، يقول فيه إن روسيا تستعد لاستضافة قيادات كل من تركيا وإيران هذا الأسبوع، لعقد قمة حول مستقبل سوريا؛ لدعم وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بصفته صانع قرار سياسي في الشرق الأوسط.
ويشير الكاتب إلى أنه "من المقرر أن يلتقي كل من الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء، في مدينة المنتجعات الروسية (سوتشي)، على البحر الأسود، وهذا المؤتمر هو بمثابة الانتصار بالنسبة للرئيس الروسي، الذي تدخل في سوريا في خريف عام 2015، مقدما القوة الجوية لدعم نظام بشار الأسد، وصد أمواج الحرب الأهلية المتعددة الأطراف".
ويبين هوج في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه مع الاقتراب من هزيمة تنظيم الدولة، فإن المراقبين السياسيين يرون أن أمام الزعماء الثلاثة فرصة لمناقشة الشكل الذي يمكن لسوريا أن تكون عليه بعد انتهاء الصراع.
ويلفت الكاتب إلى أن الاجتماع لا يضم أمريكا، التي اتخذت موقفا أكثر تشددا من إيران في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوقيع على التزام طهران ببنود الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، مشيرا إلى أن المسؤولين الأمريكيين حثوا روسيا على مناقشة طرق لترسيخ الاستقرار في سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة.
وتنقل الصحيفة عن مدير مركز "كارنيغي" في موسكو، ديميتري ترينين، قوله إن اجتماع سوتشي يحمل أصداء مؤتمر يالطا في شباط/ فبراير عام 1945، الذي ساعد على رسم النظام بعد الحرب العالمية الثانية، وأضاف: "إن وجه الشبه يكمن في أن روسيا وحلفاءها الحاليين حققوا انتصارا، وهم الآن يريدون تنظيم السلام في المكان الذي كان ساحة حرب.. والفارق هو أن روسيا وحلفاءها لم يحققوا الانتصار الكامل الذي كان واقعا في شباط/ فبراير 1945".
ويعلق هوج قائلا إن "موسكو وطهران حليفتان في سوريا، وتوفر إيران الجنود والمستشارين ليدعموا قوات الأسد، وفي الوقت الذي أيدت فيه أنقرة مجموعات الثوار، التي كانت تسعى للإطاحة بالأسد -وكانت روسيا وتركيا قاربتا أن تقعا في صراع مفتوح بعد أن قامت طائرات (أف 16) تركية بإسقاط طائرة (أس يو 24) روسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015- لكن أردوغان وبوتين تصالحا منذ تموز/ يوليو 2016، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الزعيم التركي".
ويلفت الكاتب إلى أن كلا من طهران وأنقرة وموسكو قامت بدعم محادثات السلام في العاصمة الكازاخية الأستانة، التي أدت إلى إنشاء مناطق "خفض التوتر" في أجزاء من سوريا، مشيرا إلى أن أردوغان قال في خطاب متلفز له يوم الجمعة: "لقد وصلت تركيا وروسيا وإيران إلى نقطة حيث أصبحت لدينا رؤية مشتركة".
وتذكر الصحيفة أن قمة سوتشي تأتي بعد سلسلة من المناورات قام بها الزعيم الروسي؛ للإشارة إلى نية الكرملين تشكيل النتيجة في سوريا، حيث ركز بوتين في الأسابيع الأخيرة على الشرق الأوسط بشكل كبير، فقام بزيارة لإيران، واستضاف خصم إيران، ملك السعودية، الملك سلمان في موسكو، مشيرة إلى أن السعودية دعمت الإطاحة بالأسد، لكن موسكو شكلت تحالفا ناشئا مع الرياض في مجال الطاقة.
ويفيد هوج بأن تحركات بوتين تأتي في وقت تبحث فيه أمريكا وروسيا عن أرضية مشتركة لحل أزمة سوريا، وناقش بوتين الوضع مع ترامب، واتفق الاثنان على إيجاد منطقة عدم اشتباك في جنوب غرب سوريا، مستدركا بأن الروس في خلاف مع واشنطن حول مهمتها العسكرية في سوريا، التي تتضمن حملة جوية ضد تنظيم الدولة، ونشر مئات من القوات البرية، وقال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الأسبوع الماضي إن الوجود العسكري الأمريكي ضروري "لتهيئة الظروف لحل دبلوماسي" في سوريا.
وينوه الكاتب إلى أن هناك جولة جديدة من المحادثات بوساطة الأمم المتحدة في جنيف، من المزمع أن تبدأ في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، لافتا إلى أن موقف روسيا واضح قبل بدء تلك الجولة، فهي تريد أن تخرج أمريكا من سوريا لدى هزيمة تنظيم الدولة.
وينقل هوج عن المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قولها يوم الخميس: "بحسب فهمنا فإن هذا يعني أنه مباشرة بعد القضاء على قاعدة الإرهابيين.. على الأمريكيين مغادرة الأراضي السورية والأجواء فوقها".
ويرى الكاتب أنه "ينبغي لتركيا وروسيا وأمريكا التوصل إلى توافق على قضية مهمة أخرى: وهي دور المجموعات الكردية، حيث قامت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد بهزيمة تنظيم الدولة في الرقة، في الوقت الذي أعربت فيه روسيا عن استعدادها لتضمين الأكراد من قوات سوريا الديمقراطية في المحادثات حول مستقبل سوريا السياسي، لكن تركيا ترى أنهم يشكلون تهديدا أمنيا غير مقبول، ويجب استثناؤهم من المفاوضات".
ويوضح هوج أن أردوغان يعد وحدات حماية الشعب، الجناح العسكري للأكراد السوريين، منظمة إرهابية، وهدد بالتدخل العسكري في سوريا؛ لاقتلاع مقاتلي وحدات حماية الشعب من البلدات القريبة من الحدود التركية.
ويستدرك الكاتب بأنه "يبقى من الصعب تصور ملامح التسوية السياسية، خاصة ما يتعلق بمستقبل الأسد، حليف موسكو العريق".
وتشير الصحيفة إلى أن أمريكا دعمت مفاوضات السلام بإشراف الأمم المتحدة، وسط مخاوف من اعتزام روسيا سحب الزخم من عملية السلام في جنيف، إلا أن المسؤولين الرسميين يقولون أيضا إن روسيا لا تستطيع دفع فاتورة جهد إعادة الإصلاح، لافتة إلى أن أمريكا والغرب يرفضون إيصال المساعدات لنظام الأسد، بالإضافة إلى أن تحرك روسيا لاستخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد محاولة إنقاذ لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية، أثر في الحوار معها حول سوريا.
ويبين هوج أن موقف أمريكا عبر عنه وزير الخارجية ريكس تيلرسون في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، عندما قال: "ما نزال لا نرى دورا على المدى البعيد لعائلة الأسد أو لنظام الأسد.. وبالتأكيد جعلنا ذلك واضحا في حوارنا مع الروس".
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن كريستوفر كوزاك من معهد دراسات الحرب في واشنطن أشار في تعليق له إلى أن أمريكا تخسر النفوذ لصالح بوتين، حيث قال: "إن أمريكا تتنازل عن دورها بصفتها صانعة قرار دبلوماسي في سوريا لصالح روسيا.. فأمريكا تمكن لعملية سياسية تقودها روسيا، وهذا ما لا يضمن أهداف أمريكا الاستراتيجية في سوريا".
الغارديان: أسبوع حاسم لسوريا في سوتشي والرياض قبل "جنيف"
اختلاف روسي تركي بشأن تسوية الوضع في سوريا
كوكبيرن: كيف احتدم الصراع الأمريكي الإيراني على العراق؟