دعا الشاب الأيرلندي من أصول مصرية، إبراهيم حلاوة، المفرج عنه من السجون المصرية، مؤخرا، دول الاتحاد الأوروبي إلى وقف المعونات المخصصة للسجناء؛ لأنها لا تصرف في مكانها، ولا يستفيد منها غير السلطة، وتجعلها تتمادى في حبس المعارضين.
وفي أول حوار خاص له مع موقع إخباري عربي، جدد حلاوة تعهده بتكريس جزء من وقته للدفاع عن المظلومين والمقهورين، ليس في السجون المصرية فحسب، بل في كل سجون العالم؛ دفاعا عن حرية الرأي والتعبير، التي يضحى من أجلها كثيرون.
ودافع "حلاوة" في مقابلة مع "عربي21"عن آلاف المعتقلين داخل السجون المصرية، وعن حقهم في التعبير عن رأيهم، وضرورة توفير حياة كريمة لهم، ووقف التعذيب الممنهج لمجرد الاختلاف في الرأي، وعدم دفعهم لتبني أفكار متطرفة، ليس دينيا إنما سلوكيا.
وأطلق سراح "حلاوة" من السجون المصرية، الذي برأته المحكمة من كل التهم الموجهة إليه، في 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعدما قضى فيها أكثر من أربع سنوات، على خلفية اعتقاله، وشقيقاته الثلاث، على ذمة القضية المعروفة إعلاميا باسم "أحداث مسجد الفتح" بالقاهرة في عام 2013 في أعقاب الانقلاب العسكري على الرئيس المصري محمد مرسي.
وفيما يلي نص الحوار:
-ما الدور الذي يمكن أن تلعبه لمساعدة آلاف الشباب المعتقلين في السجون المصرية وإطلاق سرحهم؟
-دوري من موقعي هنا أن أضغط على الحكومات الأوروبية؛ لوقف المعونات التي تصرف للحكومة؛ لأنه طالما هناك مساعدات مالية، سيظل هناك سجناء في المعتقلات، خاصة أن تلك المعونات المخصصة للسجناء لا يستفيدون منها بالشكل المرجو منها.
أريد أن أكرس بعض وقتي للدفاع عن المظلومين والمقهورين، ليس في السجون المصرية فحسب، بل عن كل مسجوني الرأي في العالم.
ما هو دورك إعلاميا في الدفاع عن المعتقلين؟
لا بد من الحفاظ على القضية المصرية في الإعلام الغربي، وكشف الحقيقية، وهي عكس ما يقوله السيسي بأن من في السجون هم إرهابيون متطرفون، ولا بد علينا أن نبين للعالم أن الشباب الذين في السجون خرجوا للتعبير عن رأيهم، وفق أبسط الحقوق التي يكفلها القانون، فأنا مثلا حصلت على البراءة بعد أربع سنوات من الحبس، فكم من بريء خلف القضبان، والتهم هي التعبير عن الرأي؟
لمن الفضل في حريتك؟ كان من الممكن أن تظل محبوسا لسنوات؟
الفضل لله عز وجل أولا، ثم والدي وإخوتي، الذين مارسوا ضغوطا كبيرة على الإعلام، والمنظمات المدنية، وبمساعدة الشعوب الحرة والشعب الأيرلندي تم الضغط على الحكومة الأيرلندية التي تحركت من أجلي.
لماذا تأخر الإفراج عنك إذا؟
الحكومة الأيرلندية السابقة لم تمارس ضغوطا بالشكل الكافي على نظام السيسي، أما الحكومة الحالية فضاعفت من ضغوطها، ودعوة البرلمان الأوروبي إلى وقف المعونات عن مصر تارة، والإفراج عن معتقلي الرأي تارة أخرى؛ فباتت هناك رغبة ملحة عند النظام المصري للتخلص مني، ومن إزعاج الضغوط عليهم، التي تثير قضايا معتقلي الرأي إلى جانب قضيتي.
معاملة السجون المصرية
هل تم معاملتك بشكل مختلف عن باقي المصريين لأنك أيرلندي؟
هذا الأمر كان سلاحا ذا حدين، فأنا كنت معزولا عن باقي المعتقلين، وكانت هناك مراحل أسوأ من السجناء المصريين؛ لأني كنت أتعرض لضغوط؛ لكي أطالب أهلي بالتوقف عن المطالبة بإثارة قضيتي في الإعلام .
ماذا عن طبيعة أوضاع الشباب في السجون؟
أريد أن أوضح نقطة للناس؛ فالقانون المصري للسجون هو حبر على ورق؛ فالسجن ملكية خاصة لمدير السجن يفعل مع المعتقلين ما يشاء دون حساب، ويمارس فيه ما يطرأ على هواه، وتتحكم فيه حالته المزاجية، فإذا خسر فريقه الذي يشجعه في كرة القدم قد يدفعه ذلك لاتخاذ قرار بتفتيش السجن وتجريد السجناء من متعلقاتهم.
كيف تقدم نفسك للشباب إذا طلب منك بطاقة تعريف؟
أنا شاب كنت أبحث عن الحرية لمصر، كأي وطن في أوروبا، وكنت أعبر عن رأيي الخاص، ولا يعقل سجن شاب على رأيه 4 سنوات، ثم يحصل على براءة، أو مؤبد، أو مشدد.
أنا كنت واحدا من ملايين الشباب الذين يحلمون بالتغيير، بعد ثورة 25 يناير، لكنه حدث للأسوأ.
هل كنت تتوقع أن يمارس الناس معارضة حقيقية على أرض الواقع بعد انقلاب 3 يوليو كما في عهد مرسي؟
رأيت الناس في مصر، بعد الانقلاب، يسجنون ويقتلون ويحرقون؛ بسبب التعبير عن رأيهم، وكانت صدمة بالنسبة لي وأنا قادم من أيرلندا بمفاهيم تختلف تماما عن ما يجري في مصر، أذكر أن الضابط قال لي في أعقاب حادث مسجد الفتح: "سنأخذ من وقتك 5 دقائق فقط، ثم تعود إلى البيت"، وامتدت الدقائق لسنوات.
تطرف سلوكي لا ديني
لماذا أغلب المعتقلين من الشباب؟ وهل تعتقد أن السجن يغير من معتقداتهم السياسية؟
الظلم والقهر في مصر ليس من بعد 3 يوليو، بالرغم من أنه تفاقم لحد غير مسبوق، هو منذ عقود، والناس الكبيرة رأت الكثير من الظلم والقهر، ورأوا أن على الشباب بعد ثورة 25 يناير أن يقوموا بهذا الدور عنهم.
السجن هو مدرسة لتعلم السياسة، ولكن في غياب العدالة واستمرار الظلم، يتجه الشباب إلى تبني أفكار أكثر حدة وتطرفا؛ رغبة في الانتقام، فالسيسي بممارساته يصنع فكرا متطرفا، ليس دينيا إنما سلوكيا.
الشعور بالندم أم بالتضحية هو شعورك وشعور الآخرين داخل السجن؟
لا توجد قيمة غالية دون تضحية، خاصة عندما نتحدث عن الحرية للوطن، ولكن مع القهر والظلم يصل البعض إلى مرحلة الشعور بالندم، نتيجة أخطاء سياسية تم ارتكابها في الماضي، أو نتيجة عدم وجود نتيجة لتضحيتك.
هل تحاول السلطات المصرية في السجون غسل دماغ الشباب؟
السلطة تحاول طوال الوقت إضعافك نفسيا؛ من خلال الدفع بأكبر قدر من الأخبار إليك عن السيسي والدولة، وكأن السيسي قد غير مصر للأحسن.
السلطة تحاول عزلك عن العالم الخارجي طوال الوقت، وتغييبك عن أي واقع معارض بالخارج، وكأن الدنيا تسير دوننا لا أدنى تأثير.
السيسي والشباب والسياسة
كيف ترى محاولة السيسي تصدير نفسه مدافعا عن الشباب من خلال المؤتمرات هنا وهناك؟
شباب المؤتمرات يتم اختيارهم أمنيا، ولا يعبرون عن شباب مصر، ولو سألت الكثير من الشباب في السجن عن سبب وجوده لقال لك الكثير منهم أنهم هنا بسبب تعليقات لهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن كان الشباب لا يستطيع التعبير عن نفسه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فكيف يكون هناك حرية؟
كل شباب مصر يدركون أن المناصب والوظائف الكبيرة هي لكبار السن، وهم على هامش أي حكومة أو محافظة، ولا توجد فرصة لهم في تبوؤ أي منصب وهم شباب.
لماذا يعزف الشباب المصري عن الانضمام إلى أحزاب سياسية؟
كيف يمكن أن يشاركوا في السياسية وهم يشاهدون الشباب يسجنون بسبب تعليق لهم على الفيسبوك، وهناك إحجام عن الانضمام للأحزاب السياسية بالفعل، فالكثير منهم يرى أنهم مسؤولون عن ضياع مصر؛ بسبب خلافاتهم وتناحرهم فيما بينهم.
ماذا عن الانتخابات الرئاسية، هل تتوقع أن يشاركوا فيها؟ وهل يوجد أي مرشح يستحق أن ينال دعم الشباب؟
لم أر أو أقرأ عن حاكم ظالم ترك منصبه لغيره لينافسه عليه، إلا وهو مدرك أن المرشح الذي أمامه منوط به دور معين لتمثيله، فالسيسي سوف يكسب فترة ثانية، ولن ترى مشاركة شبابية إلا من قبل المؤيدين، ولكن في المجمل سنجد عزوفا كبيرا من الشباب.
وعدم وجود مرشح قوي يحبط حتى الشباب في السجون، في بعض الأحيان كنا لا نستطيع أن نجد مرشحا واحدا خارج دائرة الأحزاب التقليدية ليكون مرشح الشباب.
الزمر: المقاطعة السلبية لانتخابات الرئاسة هدية ثمينة للسيسي
أكاديمي: مصر لا تتحمل بقاء السيسي عاما واحدا والأسوأ قادم
حسن نافعة يتحدث عن سيناريوهات التغيير في مصر (مقابلة)