نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها في الشرق الأوسط إريكا سولومون، تقول فيه إن طلقة واحدة أطلقتها السعودية ضد منافستها الإقليمية إيران قد تحول الحرب الباردة إلى ساخنة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري يوم السبت، التي يعتقد أن الرياض أجبرته عليها؛ لشعورها بالإحباط أنه قدم لحزب الله، وكيل إيران في المنطقة، غطاء من خلال المشاركة معه في الحكومة.
وتبين الكاتبة أنه بعد ساعات من استقالة الحريري، أطلق صاروخ باليستي على الرياض من اليمن، الذي تدعم فيه إيران المتمردين الحوثيين، مشيرة إلى أنه طلب في اليوم ذاته من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحضور إلى الرياض، وسط تكهنات بأن السعودية ربما لم تكن راضية عن المصالحة التي أجرتها حركة فتح مع حركة حماس التي تدعمها إيران.
وتقول الصحيفة إن "الرياض راقبت لسنوات تأثيرها الإقليمي يتراجع، في الوقت الذي أصبحت فيه إيران أكثر قوة، حيث منحت سلسلة الانتصارات التي حققها النظام السوري إيران القوة، فيما تلاشت قوة المعارضة التي تدعمها السعودية، وفي محاولة منها لاستعادة التأثير في المنطقة فإن الرياض زادت من جهودها الدبلوماسية، فقامت بإقامة علاقات مع القادة العراقيين الشيعة، حيث تمارس إيران تأثيرا قويا عليهم، بالإضافة إلى زيارة لمناطق الأكراد السوريين؛ في محاولة للحد من تأثير إيران".
ويستدرك التقرير بأن ما جرى في هذا الأسبوع يظهر أن ولي العهد السعودي "القوي" الأمير محمد بن سلمان وحلفاءه في الإمارات العربية المتحدة يتبنون نهجا أكثر قسوة.
وتنقل سولومون عن المستشار البارز في "غالف ستيت أنلاتيكا"، وهي شركة استشارية مقرها الولايات المتحدة، تيودور كاراسيك، قوله: "هذه الجهود كلها ترتبط بمحاولات لإعادة هيكلة الجيوسياسية والجغرافيا الاقتصادية للمنطقة"، ويضيف أن "البرنامج السعودي الإماراتي يحضر له منذ سنوات، وينظرون إلى أن إيران لديها كماشة شيعية حولهم، ويجب عليهم دفعها وبقوة، وهذا جزء من مشروع يضم كلا من سوريا وليبيا واليمن وفلسطين".
وتفيد الصحيفة بأن الدبلوماسيين في المنطقة يرون أن هذه التطورات خطيرة، وتؤثر في الاستقرار، وقد تؤدي إلى جولة جديدة من حروب الوكالة في المنطقة، ويخشون من خلق موجة جديدة للاجئين، وزيادة فاتورة إعادة إعمار، لافتة إلى أنهم خائفون من أنه بدلا من قيام الولايات المتحدة بالحد من تصرفات السعودية، فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشجعها.
ويورد التقرير نقلا عن دبلوماسي غربي مقيم في بيروت، قوله: "السعودية ليست وحدها في تصرفاتها الغامضة، لكن الولايات المتحدة أيضا كذلك"، وأضاف: "ما أخشاه هو أي نوع من الضوء الأخضر منح لمحمد بن سلمان؟ وإلى أي مدى سيذهب؟".
وتلفت الكاتبة إلى أن المخاوف زادت من تصريحات الحكومة الأمريكية يوم الأربعاء بأنها تقف مع السعودية والحلفاء في الخليج ضد ما أسمته الانتهاك الإيراني الصارخ للقانون الدولي، حيث يرى المراقبون الإقليميون أن إيران تتعامل مع التحركات السعودية بجدية، والصاروخ الذي كاد يضرب العاصمة الرياض هو "رسالة واضحة أنهم جادون" بحسب كاراسيك.
وتذكر الصحيفة أن الرئيس الإيراني حسن روحاني قال في تصريحات يوم الأربعاء، إن السعودية مخطئة إن اعتقدت أن إيران ليست صديقة لها، لكنه ذكرها بالقوة الإيرانية، وبأن قوى أكبر منها لم تستطع الإضرار بإيران، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تزيد السعودية من الضغط على إيران في لبنان، حيث هناك عدة نظريات حول الكيفية من خلال إنشاء مليشيا جديدة إلى إثارة حرب بين حزب الله وإسرائيل، اللذين خاضا حربا مدمرة في عام 2006.
وينقل التقرير عن الزميل في معهد دراسات الأمن الإسرائيلي يوئيل غوزانسكي، قوله إن مواجهة بين إسرائيل وحزب الله مستبعدة، لكنه عبر عن مظاهر قلقه من الدور المزعزع الذي تؤديه السعودية، الذي يقربهما للحرب، ويقول: "ولو حدث هذا فسنعيد لبنان للعصر الحجري".
وتنوه سولومون إلى أن الرياض تخشى من تحول الحوثيين إلى قوة مثل حزب الله على حدودها الجنوبية، بشكل يحقق نبوءتها التي كانت وراء شن الحرب عليها في عام 2015.
وبحسب الصحيفة، فإنه بعد ثلاث سنوات من قتل حوالي 10 آلاف شخص، فيما تجمدت خطوط القتال، فإن الحوثيين يستطيعون إطلاق صواريخ باليستية على مدى ألف ميل، مشيرة إلى أن السعودية تتهم حزب الله بتوفير الخبرة والتكنولوجيا للجماعة اليمنية، مثل الصاروخ الذي تم اعتراضه قرب مطار الرياض.
ويورد التقرير نقلا عن الباحث في "تشاتام هاوس" في لندن بيتر سالزبيري، قوله إن "الحرب في اليمن قصد منها إظهار قدرة السعودية على مواجهة الدور الإيراني في المنطقة، وما حدث هو العكس، حيث توسع الدور الإيراني وصمد الحوثيون".
وتخنم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن "تقييما كهذا يفسر موقف الحلفاء الإقليميين للسعودية، مثل مصر، التي قال رئيسها عبد الفتاح السيسي إنه لا يخطط لاتخاذ أي إجراءات ضد حزب الله".
فريدمان: من يريد تنظيف الفساد عليه التأكد من نظافة عباءته
فورين بوليسي: ماذا يخطط جارد كوشنر وابن سلمان ونتنياهو؟
إندبندنت: لماذا تترك حملة التطهير السعودية تداعيات خارجية؟