نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للصحافية سيسل أليغرا، عن حالات اغتصاب الرجال في
ليبيا أثناء ثورة عام 2011، تقول فيه إن عمليات الاغتصاب استخدمت بشكل منظم للرجال، ووسيلة للحرب والسيطرة على الفصائل المنافسة.
وتقول الكاتبة إن سنوات من عمل ناشطين في مجال حقوق الإنسان وصحافي في جريدة "لوموند" الفرنسية، أدت إلى جمع شهادات الضحايا، وقدمت تقريرا مثيرا، يحتوي بالإضافة إلى الشهادات، على لقطات فيديو تظهر عمليات لواط بحق رجال، استخدم فيها المنتهكون عدة أدوات، بما في ذلك القنابل وعصي المكانس.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أنه تم في حالات أخرى وضع سجين مع سجناء آخرين طلب منهم اغتصابه وإلا قتلوا، حيث إن الجرائم ارتكبت من أجل إهانة الرجال، أو تحييد المعارضة في بلد لا يتم فيه تطبيق القانون، وتسيطر عليه المليشيات، مشيرا إلى أن اللواط يعد أمرا محظورا (تابو) في المجتمعات العربية، بشكل يجعل الرجل المنتهك خائفا من المشاركة في المجتمع المدني.
وتورد الصحيفة أن رجلا اسمه أحمد أخبر المحققين بأنه اعتقل لمدة أربعة أعوام في سجن التومينة، خارج مدينة مصراتة، وقال إنهم يقومون بتفريق الرجال لإخضاعهم، وهو التعبير عن الانتهاك؛ حتى "لا يرفع الرجل رأسه مرة أخرى"، وأضاف أنهم صوروا كل شيء على هواتفهم النقالة.
وقال أحمد: "كانوا يأخذون مكنسة ويثبتونها على الجدار، وحتى تحصل على الطعام يجب أن تنزل بنطالك وتدير ظهرك للعصا وتغرزها في جسدك، حيث يراقب الحرس الدم يتدفق منك، ولا أحد يهرب منها"، وأضاف أحمد أن 450 شخصا اعتقلوا في القسم الذي كان يعتقل فيه، و"كان هناك رجل أسود مهاجر رموه في زنزانات السجن، وطلبوا منه اغتصاب رجل وإلا قتلوه".
وتشير أليغرا إلى أن نظام
القذافي اتهم باستخدام اللواط وسيلة حرب أثناء
الثورة التي أطاحت به، لكن دون وجود أدلة قطعية تثبت ذلك، حيث قال ليبي منفي في تونس، فضل تقديم نفسه باسم رمضان: "قام الموالون للقذافي بالاغتصاب أثناء الثورة.. وعندما انهزموا واجهوا العنف ذاته"، لافتة إلى أن رمضان قام مع آخر اسمه عماد بجمع أدلة عبر السنوات الثلاث الماضية.
ويبين التقرير أن فيلما يظهر شابا وهو يجلس على الرمل، وبعدها يقوم رجل بزي عسكري بجذبه وينزل بنطاله وملابسه الداخلية، ويغرز في مؤخرته صاروخا، وبعدها تتحول الكاميرا، ويقول رمضان "أوقف الفيلم إنها سادية".
وتلفت الصحيفة إلى أن عماد سافر مع أليغرا هذا العام لجمع معلومات، وقابل زميلة اسمها منى في جنوب طرابلس، التي وثقت عددا كبيرا من الشهادات، وفي حالة قتال جندي سابق موال لمعمر القذافي، قال إنه تعرض للاغتصاب مرارا وبعصا مكنسة مثبتة على الجدار، وعندما عبر عن دهشته، قالت منى: "كلهم اغتصبوا بهذه الطريقة".
وتفيد الكاتبة بأنه في بناية صغيرة في طرابلس حصل عماد على 650 ملفا موثقة أبجديا عن حالات اغتصاب، حيث إن هناك عدة حالات اغتصاب قدمها أهالٍ من بلدة تاورجاء، وهي بلدة قريبة من مصراتة هجر سكانها ذوو البشرة السوداء بسبب ولائهم للقذافي، ويتوزع 35 ألفا من أهاليها على عدد من المخيمات، ومنعوا من العودة إلى بلدتهم.
ويروي التقرير أنه في مخيم آخر في جنوب طرابلس تحدث شخص اسمه علي، يبلغ من العمر 39 عاما -لكنه يبدو وكأن عمره 65 عاما- عن تجربته، قائلا: "تم ترك بعضنا عراة طوال الليل مع مهاجرين، ولم يفرج عنهم حتى اغتصبوا بعضهم، ولحسن الحظ لم أعان ما عانوه، بل ضربت بالعصا وعذبت بالعجلة"، والطريقة هي وضع السجين عاريا داخل عجلة ويعلق من السقف، بحيث يستطيع الجلاد انتهاكه بسهولة من خلال أداة حديدية، حيث يعاني علي الآن من "نزيف"، بحسب قوله.
وبحسب الصحيفة، فإنه في معسكر آخر قالت فتحية إن النساء تعرضن للتعذيب ذاته، مشيرة إلى أن عائلتها كلها تم اغتصابها من عناصر مليشيات في مصراتة، قاموا بجر الرجال في الشوارع أمام الجميع، وقالوا: "اغتصبتم نساءنا وسنفعل بكم المثل".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول فتحية: "أسوأ شيء حصل لي أنهم اغتصبوني أمام ابني الأكبر، ومنذ ذلك الوقت لا يتحدث معي"، وتقول عن آخرين عانوا ما عانته إنها "سمعت أصوات رجال كانوا يصرخون صباح مساء".