قالت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها إنها أيدت وعد بلفور، "هذا الاسم هو المتعارف عليه باللغة العربية، وإن كانت الترجمة الصحيحة للاسم الذي يطلق عليه باللغة الإنجليزية هو بيان بلفور"، قبل 100 عام، مستدركة بأن الحالة التي انتهى إليها الفلسطينيون والإسرائيليون ليست هي الحالة التي أرادت لهم أن يكونوا عليها.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إنه "عندما وعد وزير الخارجية البريطاني آنذاك، آرثر بلفور، قبل 100 عام، أن تساعد بريطانيا في إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، فإن كلماته هذه غيرت العالم، لقد كانت بالتأكيد نقطة تحول في تاريخ الإمبريالية، وكما وصفها الكاتب اليهودي المجري آرثر كوستلر: (منح شعب شعبا آخر وعدا رسميا ببلد شعب ثالث)".
وتشير الصحيفة إلى أن "هذا الوعد جاء على شكل رسالة موجهة لزعيم الجالية اليهودية البريطانية اللورد وولتر روتشايلد، كتبت بعبارات غامضة، حيث عرض بلفور (وطنا قوميا للشعب اليهودي)، وليس دولة، فكان رجل الدولة البريطاني معارضا لفكرة حكومة يهودية، ووصفها لاحقا بأنها (غير مقبولة)، لكنه لم يقل كيف سيقام هذا (الوطن القومي)، إلا أنه عرض أفضل الجهود البريطانية لأجل ذلك، وكان يجب فعل هذا كله دون المساس بـ(الحقوق الدينية والوطنية للمجتمعات غير اليهودية) في فلسطين، التي كانت تشكل في وقتها 90% من الشعب".
وتلفت الافتتاحية إلى أن "سكان البلد العرب لم يشر إليهم بتلك الصفة، كما أنهم لم يستشاروا في الموضوع، ويرى الإسرائيليون في وعد بلفور أته إحدى وثائق تأسيس دولتهم، فيما يراه الفلسطينيون خيانة كبيرة، وسبب (فقرهم وسلبهم والاحتلال المستمر لأرضهم)".
وتؤكد الصحيفة أن "وجود إسرائيل أصبح واقعا تاريخيا، ومنحت أهوال المحرقة مبررا أخلاقيا لإقامة الدولة بعد ثلاثة عقود من الوعد، وتعاطف العالم، الذي تعب من الحرب، مع معاناة اليهود، وغض الطرف عن دفع الفلسطينيين ثمن جريمة لم يرتكبوها".
وتجد الافتتاحية أن "هذا الفهم المتأخر للظلم الناتج -النكبة الفلسطينية- يبرر قيام دولة فلسطينية، وحل الدولتين سيسمح لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين بأن يديروا شؤونهم دون تدخل".
وتقول الصحيفة: "دعمت (الغارديان) في 1917 وعد بلفور واحتفت يه، بل يمكن القول إنها ساعدت في صدوره، لكن إسرائيل اليوم ليست البلد الذي كنا نتطلع إليه أو نريده، وتديرها حاليا أكثر الحكومات يمينية في تاريخها، ويجرها المتطرفون دائما نحو اليمين, ويلتزم رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ببناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة، منتهكا بذلك القانون الدولي، ويتهم السياسيون اليمينيون المنظمات غير الحكومية التي تسعى لإيجاد مساءلة للتصرفات العسكرية في الأراضي المحتلة بالخيانة".
وتضيف الافتتاحية أنهم "يريدون الاستمرار في أفعالهم في الظلام، وبعيدا عن أضواء الجمعيات الحقوقية، فهناك تعصب متزايد من القوميين الإثنيين في السياسة الإسرائيلية، يهدد الحرية السياسية والاستقلال القضائي، فبدلا من معارضة الأحكام بطريقة تحترم القضاء، يبدو أن الوزراء الإسرائيليين يريدون تحطيم ثقة شعبهم بالقضاة بصفتهم حراسا محايدين لحكم القانون، وقد هاجم نتنياهو، الذي يتم التحقيق معه في قضيتي فساد، كلا من الشرطة والإعلام الذي ينشر الأخبار الكاذبة، وهاجم الوزراء أعضاء في المخابرات الإسرائيلية المحلية، الشين بيت، لا يزالون في الخدمة، وحتى الرئيس الإسرائيلي الذي ينتمي لحزب نتنياهو ذاته، حذر من أن إسرائيل (تشهد رياح ثورة ثانية أو انقلاب)".
وتبين الصحيفة أن "الوضع بالنسبة للفلسطينيين أكثر سوداوية، حيث يعيش ما يقارب خمسة ملايين منهم تحت سيطرة الاحتلال الذي استمر خمسين عاما، بالإضافة إلى 1.7 مليون فلسطيني يعيشون في إسرائيل، بصفتهم أقلية تحت ضغط ألا يغضبوا الأكثرية اليهودية، وبعض أحزابهم السياسية ممنوعة، وعادة ما تستخدم حجة الأمن القومي لتبرير قوانين المواطنة العنصرية، وهم أفقر من جيرانهم اليهود، ويعانون من تمييز عنصري رهيب، ومع ذلك فإنهم يعيشون حياة أفضل من الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، حيث أن المجتمع منقسم بين راديكالية حركة حماس وعدم فعالية حركة فتح".
وتنوه الافتتاحية إلى أن "الاستمرار في الاستيطان غير الشرعي، بالإضافة إلى مزيح من السيطرة الإدارية والقانونية، يشيران إلى أن الفلسطينيين، الذين وعدوا بحسب أوسلو بخمس أرضهم، يسيطرون على أكثر بقليل من عشر فلسطين التاريخية، وعمل الجيش الإسرائيلي بحرية كاملة في المناطق التي تسيطر عليها السلطة يقوض فكرة أن السلطة الفلسطينية تديرها حقيقة".
وتذهب الصحيفة إلى أن "الفوضى في الشرق الأوسط ساعدت على تهميش القضية الفلسطينية دوليا، وإن لم يجد السياسيون الإسرائيليون حل دولتين فإن الوضع القائم سيقوي من حقيقة الدولة الواحدة والاستعمار الدائم، ويستخدم شعار حل الدولتين بصفته تهربا ملائما، حيث يترك الأسئلة المتعلقة بمساحة الدولة الفلسطينية وأفقها غير مجاب عليها".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "ذنب بلفور يكمن في أنه منح حقوقا وطنية لشعب واحد وليس للشعبين، اللذين يدعيان ملكية الأرض، ولا يمكن تكرار هذا الأمر، فالفلسطينيون بحاجة ليتمكنوا من حكم أنفسهم في دولة معترف بها على أنها دولتهم، وسيقع نظر العالم مرة ثانية على إسرائيل ووضع الفلسطينيين، ولإنهاء 100 عام من الصراع يجب على الجانبين إدراك أنه لا يمكن انتصار أي منهما بالعنف، وأنه يمكن بناء السلام على أساس مشاركة الأرض التي يعشقها الطرفان بإنصاف".
الغارديان: محمود عباس يدعو بريطانيا لتصحيح خطأ بلفور
ميدل إيست آي: مسؤولة عمالية بارزة تطالب بالاعتراف بفلسطين
جاكوب روتشيلد: يحق لبريطانيا الفخر بدورها في قيام إسرائيل