تفاقمت مشكلة الديون الشخصية، في دولة الإمارات، بعد عجز ما يقرب من ثلث المدينين عن سداد ديونهم، لعدم تمكنهم من توفير أي من أموالهم نظرا لارتفاع تكاليف المعيشة.
وبلغ إجمالي الديون الشخصية، وفقا للإحصائيات الرسمية، 332.8 مليون درهم في شهر أغسطس الماضي.
واحتلت الإمارات بحسب دراسة أجرتها شركة "بايفورت" التابعة لشركة "أمازون"، المرتبة الثالثة في العالم من حيث نسبة السكان الذين يعانون من الديون، حيث سجلت أعلى نسبة من السكان في البلدان التي شملتها الدراسة وهذه الدول هي: الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، قطر، الكويت، لبنان، مصر والأردن.
وكشفت الدراسة أن نحو 46.7 في المائة من سكان الإمارات، أي 4.3 مليون شخص يعانون من الديون، في حين أن 12.8 في المائة يتقدمون للحصول على قروض.
وبحسب الدراسة، اعترف 28.7 في المائة بأنهم لم يتمكنوا من توفير أي من أموالهم بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، في حين قال 38 في المائة منهم إنهم لا يستطيعون سوى توفير عشرة في المائة من دخلهم.
ورغم إعلان صندوق "معالجة الديون" في نوفمبر 2014، إسقاط ديون متعثرة لـ 3482 مواطنا بقيمة مليارا و 544 مليون درهم، إلا أن مشكلة التعثر لا تزال قائمة، بل وتتفاقم بسبب ارتفاع كلفة المعيشة وانخفاض أسعار النفط وفرض ضرائب انتقائية على المواطنين.
وأنشأت الإمارات في ديسمبر 2011، صندوق لمعالجة الديون المتعثرة، وإجراء تسويات للقروض الشخصية المستحقة عليهم وذلك بالتنسيق مع المصرف المركزي والمصارف الدائنة في الدولة.
وأظهرت استطلاعات رأي ميدانية أن الديون هي أكبر أسباب التوتر بين سكان دولة الإمارات، رغم الثراء الذي تتمتع به الإمارة الخليجية، مشيرة إلى أن غالبية السكان يحصلون على قروض شخصية مبالغ فيها، ويعجزون عن سدادها، ويضعهم ذلك دائما تحت ضغط مخاطر تنامي الديون.
ووفقا لإحصائية المجلس الوطني الإماراتي، يقدر عدد سكان الإمارات 8 مليون و300 ألف منهم 950 ألف فقط إماراتيين أي 11% فقط من السكان.
ورصد المحلل الاقتصادي، أحمد مصبح، ثمانية أسباب اقتصادية لارتفاع ديون المواطنين الإماراتيين، منها: (تخفيف معايير الاقتراض والتسهيلات الائتمانية، وسهولة الحصول على بطاقات الائتمان، وثقافة البذخ والاستهلاك، ووفرة الأموال السائلة لدى البنوك والمنافسة القوية بينها على حصة القروض الاستهلاكية (ذات الفائدة العالية ) دون أدنى اعتبار للبعد الاجتماعي، والحملات البنكية التي تقوم بها البنوك بهدف الربح دون أدني مسؤولية اجتماعية).
وأكد مصبح في تصريحات لـ "عربي21"، أن من بين هذه الأسباب أيضا ارتفاع تكاليف المعيشة، وغياب ثقافة الادخار والتوفير، مؤكدا أنها تخلق حالة من التناسب الطردي بين الدخل والانفاق خصوصا على الكماليات وسلع الرفاهية.
وتابع: "هذا أيضا إلى جانب حالة الركود والانكماش في ظل انخفاض أسعار النفط التي أثرت سلبا على الحالة الاقتصادية العامة، وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع حجم الضرائب المفروضة".
وقال مصبح، إنه بمقارنة البيانات الصادرة عن بنك الإمارات المركزي وبيانات "بايفورت" فإن حجم القروض الممنوحة للأفراد ارتفع من 341 مليار درهم خلال النصف الأول من العام 2016، إلى 352 مليار درهم خلال نفس الفترة من العام 2017، بمقدار زيادة بلغ 3.2% خلال عام واحد فقط.
وأشار إلى أنه وفقا للبيانات الرسمية فإن أكثر من 70% من ديون الشباب في الإمارات تنفق على الكماليات وعلى رأسها السيارات.
وكشفت غرفة تجارة وصناعة دبي، تزايد حجم الإنفاق الاستهلاكي في الإمارات خلال السنوات الأخيرة الماضية، ليرتفع إلى 183 مليار دولار أميركي خلال عام 2016، مقارنة بـ 177,12 مليار دولار عام 2012، متوقعة أن يتجاوز الإنفاق الاستهلاكي في الإمارات 261 مليار دولار أميركي عام 2021.
وقالت الغرفة إن إنفاق المستهلكين في دولة الإمارات على المسكن هو الأعلى مقارنة بالفئات الاستهلاكية الأخرى، حيث بلغ 76 مليار دولار أمريكي، أي حوالي 41% من إجمالي إنفاق المستهلك في العام 2016، مشيرة إلى أن ثاني أعلى فئة استهلاكية في الدولة هي المواد الغذائية والمشروبات، حيث بلغت قيمة الإنفاق عليها 25 مليار دولار أمريكي، أي حوالي 14% من إجمالي إنفاق المستهلك في العام نفسه.
وتوقعت الغرفة أن تصبح فئة الاتصالات أسرع فئات الإنفاق نموا حتى العام 2021 بمتوسط نمو سنوي مركب بنسبة 10.2%، مؤكدة أن نمو الانفاق على الاتصالات يدعمه انتشار الهواتف الذكية والأجهزة الرقمية الأخرى.
ولمواجهة ظاهرة تفاقم القروض الشخصية، أوصت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والبترول بالمجلس الاستشاري الوطني الإماراتي، بمنع ربط تحويل الراتب الحكومي بمنح البنوك التجارية للقروض الشخصية وعدم الزام الجهات الحكومية باستمرار تحويل راتب الموظف لضمان سداد القرض الشخصي وإيجاد آلية تشريعية أو تنظيمية لوضع ضوابط على فوائد القروض الشخصية بتحديد سقف أعلى لسعر الفائدة على القرض الشخصي تكون قاعدته أو حده الأدنى سعر الفائدة في التعاملات بين البنوك مع السماح للبنوك بعرض أسعار فائدة منافسة بين السعرين على أن يتم الاعلان عن قيمة أسعار الفائدة حسب طول فترة الاقراض في نشرة دورية تصدرها جهات الاختصاص ومنع استخدام البنوك للشيك كضمان للقرض الشخصي والاكتفاء بالضمانات الاخرى المقبولة وعدم اللجوء الى الدعوى الجنائية ضد المقترض في حالة تعثر السداد.
كما طالبت اللجنة المصرف المركزي بإصدار إشعار على غرار إشعاره بشأن منتسبي القوات المسلحة لتحديد العلاقة بين البنوك التجارية والمقترضين من موظفي الخدمة المدنية في القروض الشخصية يتضمن عدم زيادة مدة القرض الشخصي عن خمس سنوات وعدم تأجيل الأقساط أو تجديد القرض بما يزيد عن هذه المدة ووقف استمرار حساب الفائدة على المتبقي من أصل القرض الشخصي في حالة تعثر السداد أو تجاوز مدة القرض واعتبار البنك مسئولا عن عدم تقديره السليم لكيفية سداد القرض عند منحه.
مجموعة إماراتية تتفاوض لشراء حصة قطرية في البنك العربي
المغرب يسدد 11 مليار دولار فوائد وأقساط ديون في 9 أشهر
سباق خليجي بأسواق الدين العالمية لسد العجز المالي المتفاقم