شهدت العلاقات بين الرياض وبغداد تطورات إيجابية عبر سلسلة إجراءات على الأرض منذ زيارة رئيس الوزراء
العراقي حيدر
العبادي إلى الرياض في حزيران/يونيو الماضي، وصلت إلى حد إنشاء مجلس تنسيق سعودي عراقي بعد انقطاع في العلاقات الدبلوماسية دام قرابة ربع قرن.
وتلقى العبادي دعوة من العاهل
السعودية سلمان بن عبد العزيز لزيارة الرياض الأسبوع المقبل لتدشين مجلس التنسيق والمشاركة في اللقاء الأول.
وفي ظل زيارته للمنطقة، من المتوقع أن يشارك وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون خلال وجوده في الرياض في أول اجتماع للجنة التنسيق السعودية العراقية، الأمر الذي يشير إلى دور أمريكي في هذا الانفتاح.
وخلال الأشهر القليلة الماضية اتخذ الجانبان سلسلة إجراءات لإعادة العلاقات، كان أبرزها إعادة فتح معبر عرعر الحدودي بعد إغلاقه بـ 27 عاما، وتبادل زيارات رسمية لمسؤولين من الجانبين وزيارة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للرياض، ومؤخرا أعلنت شركة طيران سعودية إعادة تسيير رحلات جوية لمطارات عراقية بعد انقطاع دام 25 عاما.
وفي ظل التقارير التي تحدثت عن موافقة عراقية على طلب سعودية لفتح قنصلية لها في محافظة النجف، قال لؤي الياسري محافظ النجف إن السعودية وافقت على السماح للزائرين السعوديين الشيعة بالمشاركة في "زيارة أربيعية الحسين".
وأوضح الياسري أن القرار السعودية سيمكن الزوار من السفر من المطارات السعودية باتجاه مطار النجف، وهو ما سينعكس إيجابا على وصول آلاف الزوار من دول الخليج العربي والسعودية.
وتطرح الخطوات المتقدمة التي اتخذها الجانبان السعودي والعراقي تساؤلات حول الهدف من تشكيل المجلس، والخطوات المتسارعة لعودة العلاقات بعد قطيعة طويلة، بالإضافة إلى طبيعة الدور الأمريكي في هذا التقارب.
المحلل السياسي وسام الكبيسي قال إن هناك توجهات من دول عربية وبتنسيق دولي، وبالأخص مع الولايات المتحدة لإحداث توازن في المعادلة السياسية القائمة بالعراق.
وقال الكبيسي لـ"
عربي21" إن هناك توجها أمريكيا لـ"منع تفرد طرف إقليمي بالمعادلة العراقية، مثلما حصل بعد الاحتلال بسنتين، حين تمددت إيران في ظل الوجود الأمريكي وتحت بصرها وتحكمت بالساحة العراقية".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تبحث عن توازنات دون السماح لطرف بالهيمنة الكاملة على العراق، لذلك تتجه لتحريك العلاقات بين العراق والسعودية والدول المحيطة عموما.
ورأى الكبيسي من خلال التوجهات الأخيرة والتصريحات الصادرة عن المسؤولين السعوديين، تدلل أن الانفتاح على بغداد كبير على عكس الموقف الرسمي السابق، الذي كان يؤكد "الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف في الساحة العراقية، ولا نريد التدخل في الشأن الداخلي".
وقال إن السياسة السعودية الخارجية شهدت تغيرات كبيرة جدا، وأبرز دلائل هذه التغيرات إعادة العلاقات المقطوعة منذ حرب الخليج عبر المجلس المشترك، وتسيير الرحلات الجوية وافتتاح المعبر البري وما تمثله هذه الإجراءات من أهمية في العلاقات.
وأضاف: "الحدود العراقية السعودية إحدى المسائل المهمة للأخيرة لعودة العلاقات، كونها واحدة من أطول الحدود للرياض، ومسألة الضبط الأمني مهمة للغاية وتستلزم التفاهم مع بغداد بشأنها".
3 تحديات أمام الرياض
وبشأن مدى جدية السعودية وقدرتها على إحداث اختراق حقيقي في العلاقات مع العراق وزيادة نفوذها على الساحة العراقية، قال الكبيسي إن ذلك يستلزم 3 عوامل؛ الأول قدرة الرياض على تشكيل عوامل قوة في الجسد العراقي على غرار قوة إيران هناك.
وتابع: "أما العامل الثاني فهو استجابة الجهات الدولية للتحركات السعودية، خاصة أن العراق يقع حاليا تحت تأثيرات سياسية في عدة ملفات. وبشأن العامل الثالث، هو استجابة الحكومة العراقية ومدى تفاعلها مع التنافس الإيراني السعودية على الساحة والتوازن بين الجانبين".
وعلى صعيد الاستفادة العراقية من عودة العلاقات مع الرياض قال الكبيسي، إن العبادي بحاجة للانفتاح على الإقليم لأن حكومته متهمة بالعمل باتجاه واحد وهو طهران.
ولفت إلى أن الانفتاح مع الإقليم سواء الرياض أو أنقرة، سيعود بالنفع عليه في ظل الهيمنة الإيرانية على الأرض، التي تتسبب بعرقلته.
وأضاف أن العبادي: "يحتاج إلى توازن في التعامل مع جميع الأطراف لإدارة المشهد بأريحية أكبر من الوضع الحالي، خاصة أن هناك منافسين له من حزبه والأحزاب الأخرى، يذهبون لطهران للحصول على الدعم ما سيحرمه من فرصة الفوز في انتخابات مقبلة".
وشدد الكبيسي على أن القارئ للأحداث يعلم أن الخليج عموما والسعودية خصوصا كانوا يسعون في وقت مبكر للانفتاح على العراق بعد الاحتلال، لكن الفيتو الأمريكي كان يمنع العرب من الاقتراب من هذه الساحة، والآن هناك توجه آخر يسمح لهم بالتحرك لوقف تفرد إيران بالمشهد.