نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للكاتب فلوريان نيوهوف، حول الحرب الدائرة في مدينة
مراوي بين القوات الحكومية وقوات "الجهاديين" المرتبطين بتنظيم الدولة.
ويبدأ نيوهوف تقريره بوصف انسحاب لمجموعة من القوات من الجبهة في سياراتهم المصفحة، التي تمت إضافة ألواح الخشب إلى جوانبها؛ لتزيدها تحصينا ضد الرصاص من العيار الثقيل، ويصف حالة الجنود الجالسين فيها، وكيف يعلو الوجوم وجوههم، بالإضافة إلى وصفه كيف تسبب الرصاص بكسر زجاج السائق، ما يشير إلى سخونة المعركة التي تركها هؤلاء الجنود خلفهم ليرتاحوا قليلا من الحرب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن تضييق الخناق بدأ على الجهاديين في المدينة الواقعة في جزيرة منداناو جنوب
الفلبين، مستدركا بأن مجموعة الماوتي، التي أخذت اسمها من عمر وعبد الله الماعوط، اللذين قاداها، أثبتت أنها عصية، حيث كان الأخوان ماوتي بايعا
تنظيم الدولة، ويستخدمان التكتيك الذي طوره التنظيم على مدى السنوات في العراق وسوريا ذاته.
ويستدرك الموقع بأنه بالرغم من العداء الشديد تجاه الولايات المتحدة وجيشها، الذي عبر عنه رئيس الفلبين رودريغو دوتيرتي في شهر كانون الأول/ ديسمبر، إلا أنه بعد أن تحرك الأخوان ماوتي إلى مراوي في أيار/ مايو، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا جاء فيه أن قوات أمريكية خاصة تقدم الاستشارة للقوات الفلبينية، مشيرا إلى أنه "إن كان ذلك صحيحا، فإن الأمريكيين اختفوا عن الأنظار؛ لأننا لم نر أي أثر لهم".
ويلفت التقرير إلى أن الجيش الفليبني، الذي يقاتل في منطقة مكتظة بالمواقع المحصنة وأعشاش القناصين والمفخخات، نجح باستعادة معظم المدينة، ويحاصر المتطرفين إلى جيب يتقلص من المقاومة في مركز المدينة، مستدركا بأن التقدم كان مكلفا، حيث خسر الجيش والبحرية والشرطة العسكرية والقوات الخاصة، التي نشرت في مراوي، حوالي 150 رجلا، في الوقت الذي اعتاد فيه الجنود على حرب المدن.
ويفيد الكاتب بأن الجيش الفلبيني أثبت على مدى السنوات نجاعته في محاربة المتمردين الإسلاميين، الذين نشطوا في المناطق النائية من مينداناو، والمجموعات التي نشطت في جزر جنوب الفلبين، مستدركا بأن البحث عن متمردين في الجبال المشجرة ليس بصعوبة إخراج عدو قد أعد جيدا في المدينة، من خلال قتال تنتقل فيه من بيت إلى بيت.
وينقل الموقع عن الرقيب ميشيل بونيلا، الذي خدم 16 عاما في البحرية، قوله: "من الصعب دخول هذه البنايات.. إنه ليس كما هو القتال في الجبال"، لافتا إلى أنه في الوقت الذي كان يستريح فيه في الجزء الخلفي من بناية، قال الجندي في وحدة النخبة من قيادة العمليات الخاصة في القوات البحرية، إن القتال في مراوي ليس مثل الغارات السريعة على معاقل المتمردين في أرخبيل سولو، حيث كانت وحدته قبل أن يتم نشرها في مدينة مراوي قبل شهرين.
وأضاف لـ"ديلي بيست": "هنا يعرف العدو أننا قادمون، لكن في سولو يستيقظون من النوم ويجدون نفسهم في الجحيم".
وينوه التقرير إلى أن قيادة العمليات الخاصة حددت أوقات عملياتها في الليل، حيث تستطيع القوات الخاصة الاعتماد على إمكانياتها المتطورة، مثل أجهزة الرؤية الليلية، ما يعطيها تفوقا على مقاتلي ماوتي، مشيرا إلى أن "الجيش التقليدي ليس لديه لا التدريب ولا المعدات الخاصة، إنهم يقاتلون بطريقة صعبة، حيث يدخلون البيوت من خلال إحداث ثغرات في الجدران بالمتفجرات، ثم ينظفون الغرف بالقنابل اليدوية".
ويذكر نيوهوف أن الجهاديين استخدموا الأسلوب ذاته من خلال فتح ثغرات في جدران البيوت المتلاصقة؛ للتحرك بسرعة من بيت إلى آخر، وقام المتخصصون بالمتفجرات بإبطال مفعول أكثر من ألف عبوة ناسفة قام المتمردون بزراعتها في المدينة.
ويقول الموقع إن الجيش يعترف بأن التقدم في المدينة بطيء، حيث تستولي عناصره على حوالي 12 بناية في اليوم، ويأخذ الأمر أسابيع لكسر خطوط الدفاع التي أقامها الماوتي على شكل دوائر متحدة المركز حول مركز المدينة، مشيرا إلى أن ما يزيد من تعقيد القتال هو الرهائن الذين أخذتهم مجموعة ماوتي عندما سيطرت على المدينة في أيار/ مايو، حيث يجبر هؤلاء على إعداد الدفاعات وتشكيل دروع بشرية في الجبهات، و"قد يكون بعضهم أكره على حمل السلاح لمحاربة الجيش الذي يحاول إنقاذهم".
ويورد التقرير نقلا عن العقيد روميو براونر من الجيش الفلبيني، قوله إن المتمردين يضغطون على المدنيين المختطفين، ويكرهونهم على حمل السلاح، ليقاتلوا إلى جانبهم؛ في محاولة لتجنب الهزيمة.
ويبين الكاتب أن الجيش الفلبيني يستخدم الغارات الجوية للحد من الخسائر قدر الإمكان، حيث تمهد الطائرات بغاراتها للعمليات البرية، منوها إلى أنه بعد حوالي أربعة أشهر من الهجمات البرية والجوية، فإن مساحة كبيرة من مراوي تحولت إلى أنقاض، وأصبح كثير من سكانها البالغ عددهم 200 ألف نازحين، بعد أن سيطرت عليها مجموعة ماوتي، ولا يزال معظمهم نازحين.
وبحسب الموقع، فإن العائلات تعيش في تجمعات من الخيام بين الأشجار على امتداد الشوارع الخارجة من المدينة، ولجأ البعض الآخر إلى مدارس في المدن المجاورة.
ويشير التقرير إلى أن مراوي تقع في منتصف المنطقة المستقلة ذاتيا التي أوجدتها الفلبين للأقلية المسلمة، التي تتركز في منداناو، وهي معروفة رسميا باسم "مدينة مراوي الإسلامية"، خاصة أنها المدينة الوحيدة في بلد كاثوليكي التي تتميز بأكثرية من السكان المسلمين.
وينقل نيوهوف عن نازحين، قولهم إن المصاعب التي واجهوها على مدى الأشهر الماضية ليست لها علاقة بمجموعة ماوتي وحدها، فالكثيرون يلومون الحكومة بسبب عدم اهتمامها بالأزمة الإنسانية، ويشعرون بأنه يتم التمييز ضدهم بسبب دينهم.
ويورد الموقع نقلا عن إسلامي مونتيلا، وهو من سكان مراوي، ويعمل مع منظمة إغاثة غير حكومية، قوله: "لو عانى المجتمع المسيحي، فإنهم دائما يحصلون على المساعدات، لكن هنا الأمر ليس كذلك، وأقول إن ذلك شكل من أشكال التمييز"، ويضيف مونتيلا أن الحكومة وزعت 50 ألف سلة غذائية للنازحين، وهو أقل بكثير من 220 ألف سلة هناك حاجة لها.
ويشير مونتيلا إلى بناية اسمنتية خالية على حدود مدينة إليغان، حيث تعيش حوالي 200 عائلة، لكن البناية، التي كانت معهد تعليم ديني، تخلو اليوم من الماء والكهرباء والأثاث وحتى الزجاج في نوافذه، بالإضافة إلى أن عدة عائلات تعيش في قطع صغيرة من الأرض تقوم بتقسيمها بتعليق ستائر قماشية على حبال، حيث يعيش في هذا الموقع حوالي 160 طفلا لا يستطيعون تحمل كلفة الذهاب للمدرسة.
ويفيد التقرير بأن النازحين غاضبون بسبب تدمير بيوتهم، ومع أنهم يعترفون بأن مقاتلي ماوتي هم من بدأوا الصراع، إلا أن مدينتهم تدمر لحمايتها، حيث يقول أغا خان شريف، وهو زعيم ديني محلي ويدير عدة مدارس إسلامية: "الناس غاضبون من ماوتي، لكنهم الآن غاضبون من الحكومة أيضا".
ويلفت الكاتب إلى أن السكان يخشون من خطط الحكومة لإعادة بناء المدينة، التي لم يفصح عنها بعد، لكنهم يتوقعون أنه سيعاد بناؤها مع الأخذ بعين الاعتبار البعد السياحي للمدينة، خاصة لقربها من بحيرة لاناو الجميلة، وهي إحدى أكبر البحيرات في الفلبين، وتمتاز بمناخ ألطف من رطوبة المناطق المنخفضة الساحلية.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن شائعات تنتشر هناك بأن الجيش استولى على جزء من الأرض في محيط المدينة؛ للاستفادة من تطوير مراوي، أما الجيش فينكر وجود مثل هذه النوايا، لكن السكان يشعرون بأنهم خدعوا، ويقول عطار إن الانتفاضة المسلحة القادمة مضمونة إن ثبتت تلك المخاوف، "فهناك ألف شاب من المرانوس مستعدون للقتال إن تم تطبيق هذه الخطط".