كشفت رسائل أرسلها صحفيون معتقلون بالسجون
المصرية، أو تلك التي أطلقها ذووهم؛ عن مأساة مهنة
الصحافة بمصر، حيث الاستهداف المستمر للباحثين عن الحقيقة وعقابهم على ذلك عبر الاعتقال والقمع، وربما القتل أحيانا.
وتشير الرسائل المسربة من السجون؛ إلى تعرض
الصحفيين المعتقلين للضرب وحرق المتعلقات ومنع الأدوية والعلاج، إلى جانب منع الزيارة.
الزعيم والنقيب
وأولى هذه الرسائل أرسلها حمدي الزعيم، المصور الصحفي بجريدة الحياة المصرية، والذي أمضى حتى الآن أكثر من عام داخل محبسه. وانتقدت الرسالة موقف نقيب الصحفيين المصريين عبد المحسن سلامة؛ الذي رد على تقرير لهيومن رايتس ووتش بأنه لا يوجد صحفي محبوس بمصر على ذمة قضية نشر أو بسبب عمله الصحفي.
وجاء في الرسالة التي نقلتها زوجته: "السيد النقيب يعلم تمام العلم أنه يتواجد الآن عدد كبير من الصحفيين رهن الحبس علي ذمة قضايا نشر، وتوجد ملفات لهم عن الوضع القانوني لهم داخل نقابته".
شوكان.. والحق في الاتصال
أما الصحفي محمود أبو زيد، الشهير بـ"شوكان"، والمعتقل على ذمة قضية "فض رابعة" منذ أربع سنوات، فقد أرسل رسالة يعبر فيها عن فقدان السجين لحقوقه البسيطة، ومن بينها حق التواصل مع ذويه عبر الاتصال بهم عبر الهاتف دون قيود أو مراقبة للخطوط، مطالبا بضرورة حماية حق الاتصال بالأهل، باعتباره حقا دستوريا.
الشاعر.. واقتحام الزنازين
أما محمد الشاعر، المصور الصحفي المعتقل منذ ما يزيد على العام، فقد أشار في رسالة من محبسه إلى اقتحام قوات الأمن، بقيادة رئيس مباحث سجن "طرة تحقيق"، محمد البابلي؛ السجن الذي يضم 15 صحفيا، وتجريد السجناء من ملابسهم ومصادرة جميع متعلقاتهم الشخصية، من ملابس وأغطية وطعام، والاعتداء بالضرب على سبعة سجناء، من بينهم الصحفي بوكالة أنباء "بلدي"، أسامة البشبيشي.
صلاح الدين.. وخطر الأورام
ولم تقتصر الرسائل على الصحفيين السجناء داخل السجون، ولكن أيضا كانت هناك رسائل استغاثة ومناشدات من عائلاتهم.
فمن جانبها، أصدرت أسرة الصحفي المعتقل هاني صلاح الدين؛ بيان استغاثة تؤكد فيه تدهور حالته الصحية داخل محبسه بمحافظة بني سويف "جنوب القاهرة"، حيث تم نقله إلى مستشفى الجامعة ببني سويف، ومن ثم إحالته إلى قسم الأورام، ومع ذلك لم تتخذ معه أية إجراءات لعلاجه، بل تم ترحيله إلى سجن الفيوم رغم سوء حالته الصحية.
وناشدت الأسرة نقابة الصحفيين للتدخل العاجل للإفراج عنه حفاظا على حياته.
الاعتداء على هشام جعفر
وأعربت أسرة الصحفي والباحث، هشام جعفر، في بيان لها، عن بالغ استيائها من حادثة الاعتداء الذي قامت عناصر وزارة الداخلية؛ عليه، أثناء عودته من جلسه تجديد حبسه، مشيرة إلى أنه فقد ما تبقى له من البصر داخل محبسه، وتمكن منه ورم البروستاتا نتيجة منع العلاج عنه في أحيان كثيرة.
رفض واستياء
وتعليقا على هذه الرسائل، قال المتحدث باسم "المرصد لعربي لحرية الإعلام"، سيد أمين، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21" إن هذه الرسائل، سواء من الصحفيين السجناء أو أسرهم، "تعكس الوضع المتردي للصحفيين المصريين، بل والصحافة المصرية بشكل عام، حيث الاعتقالات مستمرة، ولا تكاد تتوقف، وهو ما نلمسه من خلال رصدنا اليومي لهذه
الانتهاكات عبر المرصد".
استهداف ممنهج
ومن جهته، عبّر الباحث الحقوقي في "التنسيقية المصرية للحقوق"، أسامة ناصف، في حديث لـ"
عربي21"، عن استنكاره لكل هذه الممارسات التي يتعرض لها الصحفيون المصريون، سواء داخل السجون او خارجها، مشيرا إلى المرضى منهم على وجه الخصوص، والذين يحضر جلسات محاكمة عدد منهم.
وكشف ناصف عن المعاناة التي يعاني منها الصحفيون السجناء، حيث منع الأدوية، وعدم توقيع الكشف الطبي، وسوء المعاملة اليومية بشكل ممنهج، وهو ما يعرض الكثير منهم للمخاطر التي ربما تصل إلى فقدان الحياة، أو فقدان البصر، كما هو الحال لهشام جعفر، مشيرا للتحرك القانوني الذي لم يتم التجاوب معه.
تعنت سلطات الأمن
وفي هذا السياق، أشار عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين، إلى التجربة التي مر بها أثناء اعتقاله العام الماضي، مؤكدا أن الصحفيين يتم اعتقالهم والتعامل معهم بطريقة "مخالفة لأبسط القواعد الحقوقية بل ولائحة السجون المصرية".
وكشف بدر عن تعنت الداخلية في مطالبات النقابة بالإفراج عن الصحفيين السجناء، أو على الأقل تحسين معاملتهم وتوفير الأدوية وعلاج المرضى منهم، مشيرا إلى أن "هذا يحدث بشكل مستمر، سواء في فترة النقيب والمجلس السابق أو النقيب الحالي ومجلسه".