فوجئت عشرات الأسر
المغربية بتحول لون أضاحي العيد إلى اللونين الأخضر والأزرق مع رائحة كريهة، وكان جواب المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (حكومة)، الذي حمل المواطنين مسؤولية ذلك، دافعا إلى مزيد من غضب الناس.
لم يتوقف الأمر عند الغضب بل طال
وزير الفلاحة والصيد البحري، الوزير النافذ وصديق الملك، الذي أصبح عرضة للقصف باعتباره المسؤول الأول عن القطاع.
الحكومة: المواطن هو السبب
حمل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) في بلاغ له، المواطنين مسؤولية فساد أضاحي العيد، معتبرا أن "الحالات التي تمت إثارتها سببها عدم احترام الشروط الصحية للذبح والسلخ".
واستبعد المكتب ضمن بلاغه، "ربط فساد الأضاحي بتناول الأكباش لأعلاف غير صالحة أو بسبب تلقيحها أو معالجتها بأدوية غير مرخصة".
وأكد أنه "فيما يتعلق باخضرار لون السقيطة أو تعفنها، فإن هذه الحالات لها علاقة مباشرة بعدم احترام الشروط الصحية للذبح والسلخ والحفاظ على السقيطة في ظروف جيدة قبل تقطيعها وتخزينها عبر التبريد أو التجميد، ولا علاقة لها بحملات التلقيح التي يستفيد منها قطيع الأغنام عدة شهور قبل يوم العيد".
وسجل أن "سبب ظهور اللون الأخضر في السقيطة يرجع إلى تلوثها ببعض البكتيريا التي تتكاثر بسرعة مع ارتفاع درجة الحرارة كما هو الحال في أغلب مناطق المملكة خلال هذه الأيام".
وأوضح المكتب أن "الظروف التي مر فيها العيد لهذه السنة كانت بمجملها جيدة باستثناء بعض الشكايات التي توصلت بها مصالح المكتب، والتي همت بالخصوص ظهور أعراض التهاب الغدد اللمفاوية وإصابة بعض الأعضاء بالطفيليات الباطنية وتغير لون السقيطة في بعض الحالات".
التلاعب والاستخفاف بالمواطن
من جهته قال أحد أشهر الخبراء والباحثين في التغذية بالمغرب، والأستاذ بالمعهد العالي للزراعة والبيطرية بالرباط، محمد الفايد: "في انتظار التفسير النهائي والعلمي لحادث فساد لحوم الأضحية، ننهي إلى علم كافة المواطنين الذين لاحظوا ظهور روائح كريهة أو لون أخضر أو أزرق أو أسود، أن يصبوا ماء جافيل على اللحم وأن يطرحوه".
وتابع محمد الفايد في تدوينة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "نحذر من استهلاك هذه اللحوم ونوصي الأمهات أن ينتبهن للأطفال في حالة وقوع تسمم أو التهاب".
وتابع: "نعتذر لكل المواطنين والأوساط الصحفية الذين اتصلوا بنا لفك لغز هذا الحادث عن التأخير لأننا لم نكن ننوي نشر أي خبر حول الكارثة".
وأضاف الفايد: "لكن لما رأينا التلاعب بالموضوع وكأنه حالة طارئة لشخص، والاستخفاف بالمواطن والتهور مع كارثة لو وقعت في الدول المتقدمة لقامت القيامة ولم تقعد، رأينا أن المواطن من حقه معرفة الحقيقة. وهناك حالات توصلنا بها تفوق اللون والرائحة".
الوزير هو المسؤول
وقال نائب عمدة مدينة سلا، عبد اللطيف سودو: "لم أقتنع بما قاله مكتب السلامة الصحية وأكملت البحث فاكتشفت أن هناك فرضية تقول إن أغلبية ازرقاق واخضرار لحم العيد راجع لكون "الكسابة" (مربو الأغنام) يحقنون الأكباش بمادة Méga Max التي تستعمل لدى لاعبي رياضة كمال الأجسام ممزوجة بحبوب منع الحمل من نوع Minidril، مع إضافة مأكولات الدجاج والملح".
وتابع عبد اللطيف سودو في تدوينة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "هذه الحقن تجعل الكبش يأكل ويشرب بشراسة ويتحرك كثيرا، ما يوهم الزبون أن الكبش في أحسن حال، لكن فور ذبحه تتحلل تلك المواد تدريجيا وتخرج في شكل بقع خضراء زرقاء ثم تصبح سوداء مع انتشار رائحة كريهة".
وأضاف سودو أنه يجب "على أخنوش أن يعلم أنه كان يستوجب على المصالح الفلاحية التابعة له التدخل في الوقت اللازم بتسخير عدد كبير من البياطرة وذوي الاختصاص لتكثيف المراقبة قبل دخول الأضاحي للأسواق، وأن لا يترك المواطنين دون حماية".
وطالب سودو من الفرق البرلمانية ومن فريق العدالة والتنمية بالذات، تكوين لجنة تقصي الحقائق بخصوص هذه الواقعة، مشددا على أنه “لا يمكن أن تعبث بمصلحة وسلامة المواطنين".
من جهته حمل الفاعل الجمعوي عبد العالي الرامي، "كلا من وزارة الفلاحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، المسؤولية المباشرة عن هذا الوضع".
وتابع عبد العالي الرامي في تصرح لجريدة "العمق المغربي"، أن "مكتب الـ ONSSA له ارتباط صريح بالملف لأنه هو من يعطي رخص العلف المقدم للماشية، كما أن الوزارة الوصية لها مسؤولية أيضا لأنها هي من طمأنت الرأي العام بأن حالة الماشية جيدة".
البرلمان يدخل على الخط
ووجه البرلماني عن المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية (يسار أغلبية) بمجلس النواب جمال بنشقرون سؤالا كتابيا لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات حول فساد وتعفن وتغير لون لحوم الأضاحي بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
وقال بنشقرون إن "المجموعة النيابية لـ PPS تتبعت بمعية العديد من الأسر المغربية موضوع تعفن وتغير لون لحوم الأضاحي بشكل غير طبيعي إلى الأزرق والأخضر وكذا انبعاث روائح كريهة ونتنة منها، بعد مرور أقل من 24 ساعة من ذبحها، وذلك رغم الاحتياطات التي اتخذتها هذه الأسر بوضع هذه اللحوم في الثلاجات، والمجمدات، مما جعلها مضطرة إلى التخلص منها كليا لكونها أصبحت أمام هذا الوضع الكارثي، غير صالحة للاستهلاك".
وزاد السؤال: "أغلب اتجاهات الرأي التي تم تداولها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، تؤكد أن الأسباب الرئيسية لتعفّن هذه اللحوم، والذي لا يعتبر الأول من نوعه قد يكون ناتجا عن استعمال مواد علفية مغشوشة تناولتها هذه الأضاحي، إلى جانب استخدام أدوية ومواد كيماوية، تستعمل خلال فترة تسمينها من لدن مربي الماشية، قبل بيعها".
وطالب بنشقرون وزير الفلاحة بـ"الكشف عن الإجراءات التي قامت بها مصالح وزارته حتى الآن، والتي تعتزم القيام بها لتفعيل المراقبة القبلية لنوعية الأعلاف التي تقدم لرؤوس الأغنام، خاصة وكل المواشي عامة، قصد ضمان جودتها بما يحفظ ويؤمن السلامة الصحية للمواطنات والمواطنين، علاوة على محاسبة الغشاشين والمتورطين في هذا الصدد".
أصل الحكاية
وجد عدد من المغاربة في مدن مختلفة أنفسهم أمام ظاهرة غريبة، تمثلت في تغير لون لحوم
أضحية العيد وذلك بعد حوالي 24 ساعة على ذبحها، كما انبعثت من تلك الأضاحي روائح كريهة.
واضطر عدد من المواطنين إلى رمي أضحية العيد بشكل جزئي أو كامل بعدما وجدوا أن اللحم لم يعد صالحا للأكل، كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور تبرز المشكل ذاته.