شجع الهدوء النسبي الذي شهدته المنطقة الجنوبية في
سوريا، منذ إعلان اتفاق خفض التصعيد، مئات العائلات للعودة من بلدان اللجوء خلال الأسابيع الماضية.
لكن في المقابل، فإن
النازحين من أهالي المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات النظام والمليشيات الداعمة له؛ حرموا حتى من إمكانية مشاهدة منازلهم.
من جهته، يشرح الناشط سعيد النابلسي، وهو أحد أبناء بلدة نامر الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، حجم المعاناة التي تكابدها كثير من العائلات التي تقع مناطقها تحت سيطرة قوات الأسد، قائلا: "واقع مرير يعيشه أبناء بعض مدن وبلدات الجنوب السوري بعد تحويلها من قبل قوات النظام لمناطق عسكرية، وحرمانهم من العودة إليها، فمنهم من نزح إلى أماكن مجاورة أملا بعودة مرتقبة، ومنهم من هاجر خارج الوطن بعد فقد الأمل بالعودة".
وأردف النابلسي، في حديث لـ"
عربي21": "تنقلت تلك العائلات خلال أعوام التهجير بين مدن وقرى المناطق المحررة، وحظي معظمها بإقامة مؤقتة في منازل
اللاجئين والمغتربين في دول الجوار أو المدارس والمنشآت العامة، لكن العودة التدريجية لأصحاب هذه المنازل لم تترك للنازحين خيارا سوى البحث عن مأوى جديد، أو السكن في المخيمات العشوائية في ظل احتلال بيوتهم (من قبل النظام) التي لم يروها منذ سنوات إلا من خلال الصور التذكارية".
وأشار النابلسي إلى الإجراءات التي اتخذتها في المناطق المشار إليها، قائلا: "حرص النظام الحاكم على تأمين المدن الكبرى والبلدات المجاورة لدرعا، خاصة تلك القريبة من الطرق الرئيسية، كمدن ازرع والصنمين والشيخ مسكين، وبلدات قرفا وخربة غرالة ونامر وعتمان، ليحافظ على الاتصال الإداري واللوجستي بين مركز مدينة
درعا والعاصمة دمشق، ويظهر للعالم أن ما يجري هو تمرد مسلح لجماعات ريفية متطرفة".
وتابع أنه "مع اقتراب الثوار من تلك المناطق، عمد النظام مدعوما بمليشيات طائفية؛ إلى تفريغ مدينة الشيخ مسكين وبلدات خربة غزالة ونامر ودير العدس وعتمان، بتهجير سكانها أو بتدمير بناها التحتية".
وعلى سبيل المثال، "أجبرت قوات النظام سكان بلدة نامر الأصليين، الذين وصل عددهم إلى 3500 شخص لتركها، وتم استقدام عناصر تابعة للواء الفاطميّين العراقي ولجان شعبية من بلدة قرفا للسكن فيها ونهب بيوتها، ثم تم قطع الأشجار المحيطة بها، وإقامة تحصينات متقدمة خوفا من أي هجوم محتمل من قبل الثوار"، وفق قوله.
وأشار النابلسي إلى أن أكثر من 50 ألف نسمة من أبناء مدينة الشيخ مسكين تهجروا بعد استعادة النظام للمدينة التي دمرت معظم بيوتها، بدعم من الطيران الروسي، بينما سيطرت قوات النظام ومليشيات لبنانية وإيرانية على بلدة خربة غزالة منذ أربع سنوات ومنعت دخول سكانها إليها.
ويعد حاجز اوتستراد خربة غزالة من أسوأ حواجز النظام في الجنوب السوري، حيث اعتاد عناصره التضييق على أصحاب السيارات العابرة، وتلقي الرشاوى مقابل تمرير البضائع والمواد الاستهلاكية، ناهيك عن الاعتقال العشوائي المتكرر. وفي آب/ أغسطس الماضي، اعتقل الحاجز أكثر من 12 امرأة، ليتم تحويلهن إلى الفروع الأمنية بدرعا، قبل المطالبة بمبالغ مالية طائلة مقابل إخلاء سبيلهن.
يذكر أن المجلس المحلي لمدينة طفس بريف درعا الغربي، أصدر قبل أيام بياناً دعا فيه عشرات العائلات المهجرة من بلدة عتمان لمغادرة المدارس التي لجأوا إليها بعد تهجيرهم أوائل العام الماضي، وبعث بنداء استغاثة للمنظمات الإغاثية لتأمين خيم لإيواء تلك العائلات بأسرع وقت ممكن.
هذا وتناقلت وسائل إعلام النظام أخبارا تروج لإمكانية عودة تلك العائلات، بعد اجتماع بين لجان المصالحة في المنطقة الجنوبية ومركز التنسيق الروسي في قاعدة حميميم بريف اللاذقية، عبر خدمة "سكايب"، لبحث آلية انضمام مناطق جديدة لعملية المصالحات الوطنية حسب وصفها، إلا أن الأهالي لا يعلقون آمالا كبيرة على تلك الأنباء.