فاجأ رئيس تحرير صحيفة الجمهورية الأسبق في عهد حسني مبارك، محمد علي إبراهيم، الوسط الصحفي والسياسي بهجوم حاد على الصحفي والإعلامي الموالي للنظام العسكري، خالد صلاح.
وعبر مقال في موقع "
مصر العربية"، وصف الأول الأخير بأنه "عاهرة الصحافة".
كما يشهد الوسط الإعلامي المصري حالة من "الردح" بين أنصار قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، والصحفي عبد الرحيم علي، المؤيد للفريق أحمد
شفيق، على إثر هجوم صحيفة "البوابة نيوز" التي يترأس تحريرها عبد الرحيم علي؛ على النظام، واتهامه بالعجز عن توقيف وزير داخلية مبارك، حبيب العادلي، الهارب من حكم بالسجن، وهو ما تسبب في منع السلطات طباعة عدد الصحيفة ليوم الأحد.
ويقول مراقبون إن هذه الصراعات حقيقية وتأتي قبل
انتخابات الرئاسة في 2018، وهي بين المرشحين المحتملين: عبد الفتاح السيسي، والفريق أحمد شفيق، وجمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث يشحن كل طرف ضد الآخر في معركة اللاعودة و"حرق مراكب" الآخرين.
لكن آخرين يرون أن تلك "المعارك"؛ إنما هي لإلهاء المصريين عن معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية، وتدهور أوضاع الحقوق والحريات، وقضايا مثل تيران وصنافير.
صراع "جواري السلطان"
من جانبه، أكد الكاتب قطب العربي، الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة ورئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، أن "مقال الكاتب المباركي (نسبة لمبارك) محمد علي إبراهيم (..) الذي يمسح فيه الأرض بزميله الكاتب العسكرتاري خالد صلاح ويصفه بعاهرة الصحافة؛ هو نموذج لصراع الجواري في بلاط السلطان"، على حد وصفه.
وقال العربي في حديثه لـ"
عربي21"؛ إن "ما يجري بين بعض الإعلاميين الداعمين للانقلاب، وحتى بعض الصحف والمؤسسات، يعكس حالة تنافس بينها للوصول إلى قبول أكبر لدى النظام".
ورأى أن "بعض هذا الصراع هو تصفيات سياسية لبعض الأجنحة التي تمثل خطرا على السيسي، مثل الفريق شفيق؛ الذي يلوّح باحتمال ترشحه في 2018، وبالتالي تتحرك سلطة السيسي لتصفية الخلايا الداعمة له، مثل عبد الرحيم علي"، كما قال.
وأضاف: "هذه الصراعات الوهمية لا تقوم على قضية حيوية للشعب، وليس هناك من أطراف هذه الصراعات من يتبنى قضايا تشغل الناس مثل الحالة الاقتصادية أو قضايا الحريات مثلا، بل جميعهم كانوا ولا زالوا مع قمع هذه الحريات، وهم الآن يحترقون بهذا القمع".
هذا ما أشعل المعركة
ويرى المحلل السياسي والإعلامي، عماد البحيري، أن "هذه المعركة بين الإعلاميين لا تهم الشعب، فهي أداة إلهاء له عما يعانيه من سوء الأوضاع"، مؤكدا أنها "معركة حقيقية بين دولة مبارك ودولة الجنرالات وخصوصا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية 2018".
وأكد البحيري لـ"
عربي21"؛ أن "الصراع بين دولة مبارك ودولة الجنرالات بدأ بعد أن أفسد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ الخطة الرئيسية للسيسي، برفضه التعديلات الدستورية التي كان مقررا لبرلمان العار أن يمررها بمد فترة الرئاسة"، وفق قوله.
وأضاف البحيري: "رفض الإدارة الأمريكية للتعديلات الدستورية وبغض النظر أنه يطعن في سيادة الدولة المصرية المزعوم، إلا أنه أربك خطط نظام الانقلاب، وأصبح السيسي يشك في أن المجتمع الدولي والإقليمي يرغب في استبداله عبر جنرال آخر، وبالتأكيد سيكون هو أحمد شفيق"، وفق تقديره.
معارك..
وقال الخبير الإعلامي حازم غراب؛ إنه "بمناسبة حملة فضح صحف دار التحرير وجريدة الجمهورية للصحفي المخبر الانقلابي عبد الرحيم علي، تذكرت الرئيس أنور السادات، منتصف السبعينيات، وهو يطلق الصحفي موسى صبري ومؤسسة الأخبار على المغضوب عليه حينذاك محمد حسنين هيكل، ذراع جمال عبد الناصر، الأمهر تدليسا"، على حد وصفه.
وأضاف غراب لـ"
عربي21": "تذكرت من زمن السادات أيضا ما شهدته بأم العين؛ وهو أمر أجهزة مهمة جدا بالسلطة لقدامى الأذرع بألا يضيفوا كلمة أو عبارة لموضوعات كانت تسلم إليهم لينشروها بأسمائهم، ويعرف مخضرمو المهنة تبعات تجرؤ كبير مؤسسة (الأهرام) بمناقشة السادات بهذا الأمر، يومذاك غضب السادات أشد الغضب فشتم رئيس تحرير الأهرام، علي حمدي الجمال، بألفاظ بلغت في قسوتها على الرجل حد قتله كمدا".
وأوضح أن "السيسي شخصيا؛ لا يسمح لأي ذراع أن يتخيل، مجرد تخيل، أن له جميلا وفضلا صحفيا أو إعلاميا على الانقلاب، وبعض الأذرع الصحفية التي جندها النظام تتصور أن من حقها أحيانا تمثيل دور المعارض أو الصحفي الشريف، ويتخيل هذا الذراع أو ذاك أنه إذا فعل ذلك مرة أو مرات قليلة فقد يسترد قدرا ولو يسيرا من مصداقيته المفقودة، أو أن يرقع شرفه المهني المهتوك"، بحسب تعبيره.
واستدرك غراب بقوله: "لكن النظام الانقلابي يدرك يقينا أن أذرعه وأبواقه؛ إن تكلمت عنه بأي قدر من النقد الخفيف اليوم، فقد يوظف بعضهم غدا السلاح المعطى لهم ليطعن به أسياده الذين منحوه إياه فيصيبهم في مقتل"، مذكرا بـ"توفيق عكاشة وإفشائه سر لجوء الانقلاب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتوسط لدى السلطات الأمريكية".
وأوضح غراب أن "الانقلاب إذن لا ولن يتردد في إقصاء وإخفاء، بل وربما ذبح، أي ذراع يفتح فمه بكلمة يوظف فيها، دون إذن مسبق، المعلومات التي أتيحت له من الأجهزة الأمنية بغرض تشويه الخصوم واغتيالهم معنويا، وليس مسموحا لأي ذراع أو بوق صحفي وظفه الانقلاب وامتطاه أن يقول أو يكتب أي شيء لم يكتبه له الجهاز الذي يوظفه"، كما قال.