اشتعلت معركة كلامية بين شخصيات
تونسية وجهات
مصرية وتونسية من جانب، والأزهر من جانب آخر؛ بسبب رفض
الأزهر لمقترحات الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بتعديل القوانين، بما يؤدي للمساواة بين الرجل والمرأة في
الميراث، ويسمح بزواج المسلمة من غير المسلم.
ويقول مراقبون إن إصرار الأزهر على القيام بدور سياسي وديني عابر للحدود يعدّ من أبرز نقاط الخلاف بينه وبين معارضيه في الداخل والخارج، ففي حين يوجه النظام ومؤيدوه انتقادات شديدة للأزهر، يمارس الأزهر دورا عالميا بإبداء الرأي الشرعي في قضايا دينية وثقافية، ويتوسط في خلافات سياسية حول العالم، من ميانمار شرقا وحتى تونس غربا.
هجوم علماني مصري تونسي
وتعرض الأزهر لهجوم غير مسبوق من الأوساط التونسية العلمانية، بعد أن دخل على الخط في الجدل الدائر حول المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وإباحة زواج المسلمة بغير المسلم، حيث اعتبرت الحكومة التونسية أن هذه القوانين هي شأن داخلي لا علاقة للأزهر بها.
وأعلنت أحزاب تونسية، من بينها "نداء تونس" الحاكم و"حراك تونس الإرادة" المعارض، رفضها لما أسمته إقحام الأزهر نفسه في نقاش داخلي صرف".
وقال مفتي تونس عثمان بطيخ، المؤيد لدعوة السبسي، الأسبوع الماضي، ردا على تدخل الأزهر إن "أهل مكة أدرى بشعابها".
كما دشن نشطاء تونسيون هاشتاج #يا الأزهر خليك_في_العسكر، رفضوا فيه تدخل الأزهر في مسألة تونسية، وتجاهله قمع العسكر في مصر.
وفي مصر، هاجم
علمانيون وسياسيون مؤيدون للنظام الأزهر بسبب هذا الموقف، حيث قال الكاتب الشوباشي، عبر "فيسبوك"، إن الأزهر يبعث برسالة ترهيب للشعب المصري ولنظام السيسي، مفادها: نحن هنا، وإياكم أن تفكروا في تطبيق هذه الأفكار في مصر، وإلا سنقوم بتهييج الجماهير عليه باسم الدين".
كما عارضت صحيفة "اليوم السابع" المصرية موقف الأزهر، ووصفت مقترحات السبسي بأنها انتصار لنضال التونسيات".
دور الأزهر عابر للحدود
وأصدر الأزهر بيانا الثلاثاء الماضي، أعلن فيه رفضه القاطع لمقترحات السبسي، مؤكدا أنها مخالفة للشريعة الإسلامية.
وفي مواجهة هذا الهجوم على الأزهر، قال البيان إن "رسالةَ الأزهر، وبخاصة ما يتعلَّق بحراسة دين الله، هي رسالة عالمية لا تحدها حدود جغرافية، ولا توجهاتٌ سياسية، مؤكدا أن دور الأزهر لا يقتصر فقط على مصر، لكنه دور عالمي ومسؤولية تاريخية تجاه كافة المسلمين في العالم".
وشدد أن الأزهر يقوم بدوره الديني والوطني الذي ائتمنه عليه المسلمون، ويرفض المساس بعقائد المسلمين وأحكام شريعتهم، أو العبث بها، موضحا أن أحكام المواريث قطعية الثبوت والدلالة، ولا تحتمل الاجتهاد، ولا تقبل الخوض فيها بفكرة جامحة أو أطروحة لا تستند إلى قواعد علم صحيح، وتستفز الجماهير المسلمة المستمسكة بدينها، وتفتح الباب لضرب استقرار المجتمعات المسلمة".
"علمانيون كارهون للدين"
من جانبه، قال عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، سيف رجب، إن تدخل الأزهر في هذه القضية هو أمر طبيعي، بل وواجب على الأزهر الذي يتولى الدفاع عن الدين الإسلامي، على حد قوله، مؤكدا أن الأزهر لم يفعل سوى الدور المنوط به، فهو منارة العالم الإسلامي كله، والمسؤول عن ترسيخ تعاليم الإسلام.
وأوضح رجب، في تصريحات لـ "
عربي21"، أن "المقترحات التونسية هي مخالفة صريحة لتعاليم الدين الإسلامي التي أقرها القرآن بوضوح، مشيرا إلى أن المرأة لا يحق لها أن تتساوى في الميراث مع الرجل، لأنها مسؤولة من زوجها أو أبيها أو أخيها، كما أن الإسلام حرم زواج المسلمة من غير المسلم".
وحول ترحيب كثير من أنصار النظام في مصر بالقوانين التونسية الأخيرة، قال الشيخ سيف رجب إن من يؤيدون هذه الأفكار هم مجموعة من العلمانيين البعيدين عن الإسلام الكارهين لتعاليمه، أو من يتربصون بالأزهر؛ للنيل منه في كل مناسبة، حسب قوله.
خلاف ديني لا سياسي
لكن الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع رأى أن هذا الأمر لا علاقة له بالسياسة، موضحا أن القضية تتعلق في الأساس بدور الأزهر ورسالته؛ لأن مسألة الميراث أو الزواج هي مسائل دينية، وأن الأزهر يمارس دوره، وكان لزاما عليه أن يدلي بدلوه في توضيح أمور شرعية ينص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية.
وحول الانتقادات التي يوجهها أنصار النظام المصري للأزهر؛ بزعم تدخله في الشأن التونسي، قال ربيع لـ "
عربي21" إن "مؤيدي السيسي الذين يكرهون الأزهر ينقسمون لقسمين، الأول هم العلمانيون الذين يكرهون المؤسسات الدينية بشكل عام، ويعارضون توجهاتها الأيديولوجية والثقافية".
أما القسم الثاني، بحسب ربيع، فهم "مؤيدو السلطة الذين يعارضون الأزهر؛ تماشيا مع هجوم النظام عليه طوال الشهور الماضية"، مشيرا إلى أن "السيسي غاضب من وقوف الأزهر على الحياد في كثير من القضايا السياسية التي يتبناها، ويريد أن ينافقه الأزهر ويؤيده في كل شيء، وهو ما يرفضه الإمام أحمد الطيب".