أكدت مراسلات بين القنصلية الليبية في جدة ووزارة الخارجية
السعودية، قيام السلطات السعودية بتسليم ليبيين موقوفين لديها إلى "الحكومة الليبية" بتنسيق من الديوان الملكي، دون أن تذكر وزارة الداخلية السعودية أي حكومة تقصد.
وأفادت الرسائل بين الطرفين، والتي نشرتها قناة النبأ المحلية، أن وزارة الخارجية بحكومة الوفاق الليبية، المعترف بها دوليا، نفت قطعا علمها بهذا التسليم أو إجراء أي تنسيق مع الديوان الملكي السعودي، وهو ما دفع القنصلية بطلب توضيح من قبل الجانب السعودي.
اقرأ أيضا: هل ستسلم السعودية "ثوارا ليبيين" اعتقلتهم مؤخرا إلى حفتر؟
ويبدو أن السلطات السعودية قد قامت بتسليم الموقوفين المحسوبين على تيار الثورة والإسلاميين، وتم القبض عليهم لدى دخولهم السعودية لتأدية
العمرة، إلى الحكومة الموالية للواء خليفة
حفتر في الشرق الليبي.
أين الشباب؟
وأوضحت المراسلات أن الموقوفين وضعوا في سجن انفرادي في السعودية، وتمت معاملتهم معاملة سيئة دون توجيه تهم إليهم، وهو ما دفع القنصلية الليبية في جدة، والتابعة لحكومة الوفاق في طرابلس، لمطالبة الخارجية السعودية بسرعة الكشف عن مصير الموقوفين، والسماح للقنصل الليبي بزيارتهم للتأكد من عدم تسليمهم، بحسب المراسلات.
وأثارت هذه المراسلات وعدم الرد عليها من قبل السلطات السعودية، عدة تساؤلات من قبيل: هل تم التحايل فعليا على السعودية من قبل حكومة حفتر؟ أم أن المملكة تعمدت تسليمهم لها؟ وماذا ستفعل
حكومة الوفاق والتي تعترف بها السعودية حال ثبت تسليمهم لحفتر؟ كما ثار تساؤل عن احتمال تعرض معتمرين أو حجاج آخرين للاحتجاز في السعودية لأسباب سياسية.
إعدام أو موت بطيء
من جهته، أكد الناشط والصحفي الليبي، مختار محمد، أنه "في حال تأكد تسليمهم إلى حفتر، فهذا يؤكد أن الأماكن المقدسة لم تعد في أيد أمينة وأصبحت مسيسة ويتلاعب بها النظام السعودي لخدمة أجنداته"، حسب تعبيره.
اقرأ أيضا: "الوفاق" تطلب توضيحا من السعودية حول اعتقال معتمرين ليبيين
وأضاف لـ"
عربي21": "مصير هؤلاء الإخوة والمحسوبين على التوجه الإسلامي سيكون السجن والتعذيب، وبعد فترة يمكن أن يكون الإعدام أو الموت البطيء؛ لأن الموقوفين ثوار، وأحدهم ضابط في الشرطة، وبخصوص حكومة الوفاق فلن يكون لها أي رد فعل قوي".
لكن المحلل السياسي الليبي، وليد ماضي، رأى من جانبه؛ أن "تسليم الموقوفين إلى حكومة الثني (الحكومة المؤقتة الموالية لحفتر) تم بحكم التعامل الرسمي معها من قبل الجانب السعودي"، مضيفا لـ"
عربي21": "وبذلك تكون هذه الحكومة ملزمة باستلام الموقوفين دون تصنيفهم سياسيا بل كمواطنين ليبيين"، وفق قوله.
خطأ دبلوماسي
من جهته، استبعد الباحث الليبي، أحمد الشركسي، "قيام السلطات السعودية بتسليم الموقوفين إلى حكومة الشرق الليبي غير المعترف بها أصلا".
لكنه استدرك بقوله: "لكن إن ثبت تسليمهم، فسيبقى خطأ دبلوماسيا فادحا انتهكت فيه الرياض المواثيق الدولية والقرارات الأممية التي تحذر من التعامل مع الحكومات المتوازية"، كما قال لـ"
عربي21".
وقال الناشط السياسي الليبي في كندا، خالد الغول، لـ"
عربي21": "حتى لو تم تسليمهم، فإن حفتر لن يفتح جبهة جديدة ضده بقتلهم، كونهم جميعا من الغرب الليبي، ولهذا كان خيار القبض وهم عن بعد كأسهل الطرق"، وفق تقديره.
حكومة الوفاق
ورأت رئيسة منظمة "معها" لحقوق المرأة الليبية، غالية بن ساسي، أنه "أقصى ما ستقوم به حكومة الوفاق حال تم التسليم (لحكومة حفتر)، هو إصدار بيان إدانة لا غير؛ لأنها لا تملك سلطة على حكومة الثني التي ترفض الاعتراف بها أصلا"، وفق قوله.
اقرأ أيضا: السعودية تعتقل اثنين من قادة ثوار ليبيا أثناء تأديتهما العمرة
وأوضحت في حديثها لـ"
عربي21"، أنه "مع انتشار ظاهرة الإعدامات في الشرق الليبي، ورمي الجثث مكبلة اليدين في مكبات القمامة، فإن ذلك سيكون أيضا مصير هؤلاء الموقوفين حال تأكد تسليمهم"، وفق تقديرها.
وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت كلا من محمود بن رجب ومحمد حسين الخذرواي، بناء على معلومات عن صلتهما بجماعات "إرهابية" وفق اللوائح الصادرة عن مجلس النواب الليبي في طبر ق، فيما لجأ مرافق لهما يدعى حسين زعيط، وهو أحد قادة غرفة عمليات ثوار
ليبيا (المناوئة لحفتر)، للقنصلية الليبية بجدة تفاديا للاعتقال.
ونشرت "
عربي21" تقريرا منتصف الشهر الماضي، توقعت فيه قيام السلطات السعودية بتسليم "ثوارا ليبيين" موقوفين لديها إلى قوات حفتر، كون هؤلاء الموقوفين من المناوئين والرافضين لمشروع الأخير أو عودة حكم العسكر من جديد.