تكبد متعاملون في السوق المالية الثانوية والسوق السوداء بالمغرب خسائر كبيرة بسبب المضاربة على
الدرهم، عقب إعلان
تعويم جزء من قيمة صرفه مع العملات الدولية الأخرى، وخاصة
اليورو والدولار.
وقالت مصادر مطلعة إن إرجاء تحرير الدرهم في اللحظة الأخيرة من قبل الحكومة، تسبب بخسائر مادية فادحة لتجار العملات الدولية في السوق السوداء.
وتحدث صرافون عن تكبد خسائر في نشاطهم خلال الأسبوع الجاري، بعدما اعتقد بعضهم أن تعويم سعر صرف الدرهم سيرفع قيمة
الدولار واليورو في السوق الثانوية.
وحافظ المركزي على السعر المعتمد سلفا لمبادلة العملتين الأميركية والأوروبية، أي أقل من 10 دراهم للدولار ونحو 11 درهما لليورو، وهما العملتان اللتان تستند إليهما العملة
المغربية بنسبة 40 و60 في المائة على التوالي.
وكان مضاربون توقعوا ارتفاع اليورو إلى 13 درهما أو أكثر، ما تسبب بخسارتهم بعد تدخل المركزي للإبقاء على السعر المحدد لصرف العملات.
وكشفت مصادر مطلعة وفقا لصحيفة "الحياة"، أن وزير الاقتصاد والمال محمد بو سعيد تدخل في اللحظة الأخيرة لدى المصرف المركزي، لوقف تنفيذ قرار تعويم جزء من صرف الدرهم، بعد بروز مؤشرات إلى حدوث مضاربات كبيرة على العملة المغربية من قبل وسطاء وتجار عملة غير مرخصين، كانوا يراهنون على انخفاض محتمل في قيمة صرف الدرهم.
وطلب بوسعيد إرجاء التحرير إلى وقت لاحق، في انتظار استكمال إجراءات إضافية مصاحبة قد يُكشف عنها لاحقا.
وأوضحت المصادر أن بعض الوسطاء كانوا يرغبون في تحقيق أرباح كبيرة من المضاربة على العملة في زمن قياسي. ثم انقلب السحر على الساحر، وبات المضاربون يقترحون تصريف أوراقهم النقدية بأقل من سعر شرائها قبل المضاربة بعد تدخل المركزي.
واعتبر محللون أن تزامن تحرير العملة مع مطلع فصل الصيف غير مفيد للعملة الوطنية، بسبب انتشار حركة الوسطاء في هذه الفترة التي يرتفع فيها الطلب على العملات الأجنبية بسبب السفر أو الدراسة أو العمرة والحج. وأعرب آخرون عن مخاوف من ارتفاع التضخم وتأثيراته الاجتماعية، على غرار ما حدث في دول أخرى مثل مصر والأرجنتين والبرازيل.
وقال المندوب السامي في التخطيط أحمد الحليمي العلمي، إن المضاربة على العملة وتدخل الوسطاء غير المهنيين وتجار السوق السوداء، وصرف العملات الأجنبية في أسواق غير مرخص لها وغير مهيكلة، كانت وراء تأجيل تطبيق التعويم الجزئي لصرف الدرهم، بسبب ما وصفه بالتهديدات المحتملة للمالية العامة.
ولفت إلى أن تحرير العملة لا يخلو من الأخطار ويحتاج إلى مزيد من اليقظة وتوفير شروط التحكم في العجز الهيكل. وتوقع أن يواصل الاقتصاد المغربي نموه بمعدل نحو 4 في المائة خلال العامين الحالي والمقبل.
واستبعدت مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني، وجود أخطار كبيرة على الاقتصاد المغربي جراء تحرير جزئي لسعر صرف الدرهم، بفضل التحسن الماكرو اقتصادي وصلابة النظام المالي والمصرفي.
وأكدت أن المصارف المغربية تتميّز بالخبرة والكفاءة لإنجاح التجربة. كما يتمتع المغرب بنظام مالي يعتمد مواصفات دولية. وتتكتم السلطات المالية والنقدية عن الإفصاح عن تاريخ إطلاق العمل مجددا بتحرير العملة، خوفا من مضاربات محتملة.