تستعد قوات من الجيش التركي لبدء عملية عسكرية في مدينة عفرين السورية شمال حلب، وذلك للقضاء على الخطر الذي تشكله الوحدات الكردية التي تسيطر على المدينة.
ويتوقع أن تركز العملية على فتح خط إمداد عسكري بين محافظتي إدلب وريف حلب الشمال دون الحاجة إلى اقتحام المدينة وريفيها الغربي والشمالي بالكامل، وتسعى القوات التركية أيضا إلى الوصول إلى منطقة مريمين الريفية، التي تبعد خمسة كيلومترات إلى الشرق من مدينة عفرين.
ويتطلب فتح طريق الإمداد، السيطرة على المناطق الشمالية المحاذية لبلدتي نبل والزهراء، الخاضعتين لسيطرة قوات الأسد والميليشيات الأجنبية، لضمان الوصول إلى بلدة دارة عزة في ريف حلب الغربي، ومحافظة إدلب.
وتسيطر منظمة "ب ي د" على عفرين في ريف حلب الشمالي منذ عام 2013، وأجرت تحالفات مع فصائل عربية في المنطقة، ضمن "قوات سوريا الديمقراطية".
اقرأ أيضا: إلى أين ستمتد المواجهة التركية الكردية شمال حلب؟
وانتزعت هذه القوات مساحات واسعة من فصائل المعارضة وتنظيم "الدولة" في ريف حلب الشمالي، خلال العام الماضي، في مسعى للتوغل شرقا.
قواعد الاشتباك
وهددت تركيا بالرد على أي مصدر للنيران قد تنطلق من عفرين تجاه الأراضي التركية، وقال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتلموش إن القوات المسلحة التركية سترد بالمثل وفق قواعد الاشتباك على جميع النيران التي يطلقها تنظيم" ب ي د" على تركيا من منطقة "عفرين" بريف حلب، مؤكدا أن بلاده لن تبقى متفرجة على اعتداءات التنظيمات الإرهابية في الأراضي التركية.
وعن الدعم الأمريكي للتنظيم قال قورتلموش: "إن الولايات المتحدة لا يمكنها الاستمرار على هذا النهج"، مشددا على ضرورة الأخذ بالحسبان حساسية تركيا في مسألة تنظيم "ب ي د" "الإرهابي" وأنشطته في المنطقة.
وفي الأسبوع الماضي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن تنظيم "ب ي د" وذراعه المسلح "ي ب ك"، لديهما مساع لتأسيس دولة شمالي سوريا.
وقال أردوغان مخاطبا التنظيمين: "لتعلموا أنتم ومن يقف بجانبكم ويساندكم، أن الدولة التركية وقواتها المسلحة، بكل إمكاناتها، لن تسمح أبدا بتأسيس دولة هناك (شمالي سوريا)".
اقرأ أيضا: الجيش الحر: "ب ي د" يريد كيانا كرديا مستقلا وسنفشل مخططه
وأضاف أردوغان أن بلاده أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية والدول المعنية الأخرى بذلك الموقف.
ويسيطر "ب ي د" (الامتداد السوري لتنظيم "بي كا كا")، على مناطق واسعة من الشمال السوري، تشمل معظم أجزاء محافظة الحسكة (شمال شرق) وتمتد إلى الريف الشمالي لمحافظة الرقة، وحتى مدينة منبج بريف حلب (غرب الفرات)، فضلا عن منطقة عفرين، (شمال غرب).
وتفصل بين المنطقتين قوات "درع الفرات" (المكونة من وحدات الجيش السوري الحر مدعومة من الجيش التركي) والتي تمكنت من تحرير مناطق واسعة من الريف الشمالي لحلب.
الخبير العسكري أحمد الحمادي قال لـ"عربي21" إن تركيا لا تريد إقامة كيان سياسي انفصالي على حدودها، ولذلك تسعى بكل السبل لإبعاد هذا الخطر عن حدودها عبر العمليات المتواصلة التي تنفذها ضد المليشيات الكردية المسلحة شمال سوريا، وآخرها العملية المرتقبة في عفرين.
سريعة ومركزة
ولفت الخبير إلى أن وحدات "ب ي د" استغلت قتال الثوار والمعارضة للنظام السوري ولتنظيم الدولة، وسيطرت على حوالي 43 مدينة وقرية وهجرت سكانها بدعم روسي.
وفي هذا الإطار أشار الحمادي إلى مفاوضات كانت قد جرت مع "ب ي د" لإعادة المهجرين وانسحاب الوحدات منها، لكنها فشلت، حيث لم يتبق إلا الحل العسكري لاسترجاع القرى وإعادة المهجرين وإنهاء اعتداءات هذه الوحدات.
ويتواجد في عفرين قوات روسية تتخذ من معسكر كفر جنة شرقي المدينة مقرا لها، ويتطلب أي تحرك تركي في المنطقة تنسيقا مع موسكو، رغم أن متابعين يستبعدون أن تكون العملية التركية المرتقبة شاملة بل "سريعة ومركزة في مناطق محددة".
من جهته استبعد الخبير بالشأن التركي، ناصر تركماني، أن تكون المدينة المكتظة بالمدنيين (عفرين) ضمن الأهداف العسكرية التركية في الوقت الحالي، لخطورة ذلك على المستوى الإنساني.
وقال في تصريحات لـ"
عربي21": "إن سقف أهداف المعركة، التي قد تنطلق بين لحظة وأخرى، ستكون استعادة مدينة تل رفعت وما حولها من المناطق العربية التي تسيطر عليها الوحدات الكردية".
واعتبر تركماني أن التصعيد بين
تركيا والوحدات الكردية "أمر طبيعي"، ويعود إلى تضرر تركيا من هشاشة وخطورة الوضع الأمني للحدود الغربية والجنوبية لمنطقة درع الفرات.
وقال: "هناك تأييد شعبي تركي واسع لحسم المعركة، ردا على استبعاد تركيا من المشاركة في معركة الرقة، والأتراك كذلك يحاولون حصد نتائج التنافس الروسي الأمريكي في الشمال السوري".