حذرت مجلة "إيكونوميست" من محاولات
السعودية إسكات قناة "
الجزيرة"
القطرية، مشيرة إلى أن مطالب إغلاقها تشبه مطلب الصين مثلا من بريطانيا إغلاق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وتقول المجلة: "المفارقة الساخرة ليست ميتة في الشرق الأوسط، ففي نيسان/ أبريل انتخبت السعودية، البلاد التي لا تستطيع المرأة فيها قيادة السيارات، أو مغادرة البلد دون إذن مكتوب من (محرم)، أو الظهور في الأماكن العامة دون ارتداء عباءة تغطيها بالكامل، عضوا في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق المرأة".
وتضيف المجلة: "والآن فإن الملكية ذاتها، التي تمارس الحكومة فيها الرقابة على كل شيء، من المعارضة السياسية إلى رسم فاجر من رسومات روبنز، حيث حكم على مدون مؤيد للديمقراطية اسمه رائف بدوي بالجلد ألف جلدة وعشر سنوات سجن، تقوم بالأمر ذاته، وتحاول إغلاق القناة الكبيرة والمشاكسة في العالم العربي (الجزيرة)".
ويصف المقال، الذي ترجمته "
عربي21" الطلب بأنه "هجوم غير عادي وعابر للحدود على حرية التعبير، وهو يشبه طلب الصين من بريطانيا إغلاق (بي بي سي)، فقناة (الجزيرة) مقرها الدولة الصغيرة والثرية في الخليج، قطر، وهي الدولة التي تقوم السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر بفرض
حصار عليها".
وتفيد المجلة بأن "جرائم قطر في عين السعوديين كثيرة، فهي صديقة لإيران (مع أن عُمان ودبي تقيمان علاقة مع طهران ولم تتعرضا للقيود ذاتها)، ويعيش فيها عدد من السعوديين الذين لا تحبهم، بعضهم له علاقة مع جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة، وأخيرا أنها تملك قناة (الجزيرة)".
ويشير المقال إلى أن "الأخبار، التي طالبت السعودية فيها بإغلاق القناة ثمنا لرفع الحصار، تم تسريبها في الأسبوع الماضي، حيث لا يوجد أمام القطريين سوى عدة أيام للاستجابة للمطالب، أو مواجهة تحركات لم يعلن عنها".
وتعلق "إيكونوميست" قائلة: "أنت تعرف السبب الذي يريد السعوديون من أجله إسدال الستار على (الجزيرة)، فهي على خلاف القنوات الأخرى في الشرق الأوسط، تبث أخبارا بدلا من سيل الإعلانات المتعبة للحكومة، والصور المتزلفة للأمراء والرؤساء وهم يعانقون بعضهم".
ويلفت المقال إلى أن "(الجزيرة)، التي أنشئت عام 1996، تحاول إخبار المشاهدين بما يجري في الحقيقة، فإنها في أثناء الربيع العربي عام 2011، قدمت منبرا للمحتجين العرب، بمن فيهم الإخوان المسلمون، الذين وصلوا للحكومة لفترة قصيرة، وتحدت الأنظمة والدول الأخرى، وهو ما وجده المستبدون العرب مثار قلق وغضب".
وتنوه المجلة إلى أن "البعض في الغرب ربما لم يحبوا (الجزيرة)، فعندما قامت ببث أشرطة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن من أفغانستان، توصل الكثيرون إلى أنها لم تكن تبث قصة خبرية كبيرة، بقدر ما كانت تروج للإرهاب، وفي عام 2004 قامت الحكومة العراقية، التي كانت تحت سيطرة الأمريكيين، الذين أطاحوا بصدام حسين، بإغلاق مكتب القناة لمدة شهر، وأغلقتها مرة أخرى في عام 2016 لمدة عام؛ بتهمة إثارة الطائفية والعنف".
ويجد المقال أن "هذا الحظر يعد خطأ، فـ(الجزيرة) ليست منظمة أخبار تامة، لكنها تحاول تقديم آراء متعددة: معارضون للدولة ومحليون وأجانب، ولديها شعار واحد (الرأي والرأي الآخر)، رغم وجود نقطة معتمة تتعلق بقطر، التي لم تتعرض لها القناة بنقد، كما فعلت مع الآخرين".
وتدعو المجلة للتفريق بين "(الجزيرة) الإنجليزية، (التي بدأت بمساعدة من الفريق الذي جاء من بي بي سي)، والعربية، التي تعد متحيزة فيما يتعلق بالإسلام السياسي، وتتسامح مع المتطرفين، وصوت للحكومة القطرية، وتريد السعودية والإمارات إغلاق القناتين، وفي نظرة نزيهة، فإن (الجزيرة) تقدم خدمة لا تقدر بثمن من ناحية إضافتها للأخبار والآراء عن الشرق الأوسط".
وتختم "إيكونوميست" مقالها بالقول إنه "من المثير للغرابة الحديث بأن مشكلات الشرق الأوسط هي في كثرة المعلومات أو الأفكار الحرة المتدفقة، فالعكس هو الصحيح، وعلى السعودية التوقف عن مد نسختها القاسية للرقابة لجيرانها، ويجب عليها بالتأكيد التوقف، وبشكل كامل، عن ممارسة بلطجتها عليهم".