كثفت قوات الأمن المصرية ملاحقتها لمعارضي النظام مؤخرا، حيث قتلت 11 شخصا في ثلاثة أيام متتالية، قالت إنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين خططوا لارتكاب أعمال إرهابية.
وتزامنت هذه الاغتيالات مع أحكام قضائية بالإعدام صدرت بحق عشرات الشباب، بعضها أحكام نهائية، وبعضها الآخر قابل للنقض، بالإضافة إلى حملة اعتقالات واسعة النطاق شنتها داخلية الانقلاب ضد عشرات المنتمين لأحزاب وقوى
المعارضة خلال الأيام القليلة الماضية، أبرزهم المرشح الرئاسي السابق خالد علي، والناشط اليساري كمال خليل، اللذان أخلي سبيلهما بعد يوم واحد بكفالة مالية.
وكان قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي قد أصدر الخميس الماضي قرارا بتمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر إضافية اعتبارا من تموز/ يوليو المقبل، وسط توقعات باستغلالها في مواصلة قمع المعارضين.
11 قتيلا
وفي تصاعد ملحوظ لاستهداف معارضي نظام الانقلاب؛ قتلت قوات الأمن 11 شخصا في مداهمات بثلاث محافظات خلال أيام قليلة.
ففي يوم 19 حزيران/ يونيو الجاري؛ أعلنت داخلية الانقلاب مقتل سبعة أشخاص أثناء مداهمة وكر بمنطقة جبلية في أطراف محافظة أسيوط جنوب البلاد، زاعمة أنهم مسؤولون عن عمليات استهداف الأقباط مؤخرا، وأنهم كانوا يتلقون تدريبات استعدادا لتنفيذ عمليات إرهابية جديدة.
وبعد ذلك بيوم واحد؛ قتلت داخلية الانقلاب ثلاثة أشخاص في محافظة الإسكندرية شمال البلاد، بدعوى انتمائهم لحركة سواعد مصر "حسم" المسلحة.
والجمعة الماضي؛ أعلنت الوزارة ذاتها
تصفية "مطلوب إخواني" تابع لحركة "حسم" خلال مداهمة سيارتين في منطقة 6 أكتوبر بالجيزة، تبادلت خلالها إطلاق النار مع "الإرهابيين" فقتلت أحدهم، فيما تمكن قائد السيارة الأخرى ومرافقوه من الهرب.
وتواجه بيانات داخلية الانقلاب بكثير من التشكيك من قبل شخصيات سياسية وحقوقية، وذلك بسبب تكرار ذات الرواية في كل حادث، وعدم إصابة أي فرد من الشرطة في كل مرة، في حين يتم قتل جميع المتهمين في المكان بالكامل.
وفي معظم تلك الحالات؛ يقول حقوقيون وأهالي الضحايا إن من تمت تصفيتهم هم معتقلون تم إخفاؤهم قسريا، ثم قتلوا بدم بارد لاحقا؛ بعد تلفيق التهم بحقهم.
البطش يطال الجميع
وتعليقا على هذه الاغتيالات؛ قال المحامي الحقوقي إسلام مصطفى، إن هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها تصفية الخصوم السياسيين من قبل قوات الأمن بهذه الطريقة.
وأوضح لـ"
عربي21" أنه "سبق أن قامت بتصفية مجموعات من جماعة الإخوان المسلمين، مدعية أن أفرادها قاوموا القبض عليهم، وأطلقوا النار على رجال الأمن"، مشيرا إلى أن "الشرطة مستمرة أيضا في بطشها ضد كل معارضي النظام، سواء كانوا من الإخوان، أم من الليبراليين".
وأكد أن "التوتر المتزايد في المجتمع بسبب التدهور الاقتصادي وقضية تيران وصنافير؛ جعل الداخلية تشدد من إجراءاتها الأمنية، وتلقي القبض على أي شخص مشتبه فيه؛ خوفا من إثارة الرأي العام ضد النظام، كما أنه دفع قوات الأمن إلى التعامل بعنف زائد مع المعارضين في الفترة الأخيرة".
وأضاف مصطفى أن "الاختفاء القسري الذي يطال مئات الأشخاص؛ يعد بداية الطريق لحوادث القتل خارج إطار القانون، حيث تتم تصفية كثير منهم والادعاء بأنهم قتلوا خلال تبادل لإطلاق النار أثناء القبض عليهم"، مشيرا إلى أن "السيسي يخدع الناس بالإفراج عن بعض المعتقلين، كما حدث منذ عدة أيام عندما أصدر عفوا رئاسيا عن 502 من المعتقلين على ذمة قضايا تظاهر، معظمهم من الشباب، وفي الوقت ذاته تقوم شرطته بتصفية أبرياء آخرين".
الغضب الشعبي يتزايد
من جهته؛ قال أستاذ العلوم السياسية عبدالخبير عطية، إن الوضع الأمني الآن في مصر أصبح مضطربا بشكل كبير، وازداد سوءا خلال الشهرين الأخيرين بسبب كم الغضب الموجود من الشباب ضد النظام.
وأكد لـ"
عربي21" أن "الغضب الشعبي هو السبب وراء زيادة بطش الداخلية وارتفاع أعداد القتلى على أيدي الشرطة، خصوصا أن الأمن يعتمد على شماعة محاربة الاٍرهاب، والتي منحته صكا لقتل الناس دون محاسبة".
وحذر من أن "الأوضاع تزداد سوءا، والنظام يزداد تجبرا وقمعا، في ظل عدم وجود حريات عامة في البلاد، ووجود عشرات الآلاف في السجون، حتى إن قوات النظام اعتقلت الناشط اليساري ذا السبعين عاما، كمال خليل، ولفقت له قضية بسبب معارضته النظام، بل إن الشرطة اعتقلت سيدة تبحث عن زوجها المختفي قسريا وتطالب بمعرفة مصيره، فأصبحت هي الأخرى مختفية قسريا".
وأضاف عطية أن "السيسي لا يريد لأحد أن يعارضه، وخاصة بعد تسليمه تيران وصنافير للسعودية، لذلك فقد أعطى توجيهات للشرطة بسحق المعارضة، وأطلق يدها في ارتكاب ما تشاء من ممارسات قمعية للحفاظ على أمن النظام".