تمر في هذه الأيام الذكرى الثالثة على تولي قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي الرئاسة، الذي استلم السلطة رسميا يوم 8 حزيران/ يونيو 2014.
ومرت 1000 يوم ثقيلة على
المصريين، بحسب مراقبين، حيث شهدت انقساما مزق النسيج الاجتماعي للشعب، وموات شبه كامل للحياة السياسية، وعمليات عنف وإرهاب لم يتوقف، وإجراءات اقتصادية أثقلت كاهل المواطنين، مقابل وعود مستمرة من السيسي بالازدهار القريب، وتخفيض الأسعار التي فشل في كبح جماحها حتى الآن.
وبهذه المناسبة، استطلعت "
عربي21" آراء عدد من الخبراء عن تقيمهم للأوضاع في مصر منذ وصول السيسي للسلطة.
السيسي متوتر
وفي هذا السياق، كشف مؤيدون للانقلاب، منهم الصحفي عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة "الشروق"، أن البلاد تشهد تدهورا اقتصاديا غير مسبوق، وصل إلى حد أن بعض الوزارت لم تعد قادرة على دفع رواتب موظفيها، لافتا إلى أن هذا هو السبب الحقيقي وراء التوتر المتزايد لقائد الانقلاب في الفترة الأخيرة.
وفي مقال له الأسبوع الماضي، تحت عنوان "لماذا توتر الرئيس؟"، قال حسين: "صعوبة الوضع الاقتصادي الذي تمر به مصر هو سبب توتر السيسي أثناء حديثه مع أحد النواب في لقاء مذاع على الهواء"، مضيفا أن "حدة الأزمة داخل الهيئات الاقتصادية وصلت لمستوى غير مسبوق باستثناء هيئة قناة السويس، لدرجة أن بعض البنوك لا تريد إقراض هذه الهيئات، لأنها وصلت إلى الحد الأقصى في الاقتراض، وليس سرا أن هيئات بل وزارات كثيرة لم تعد قادرة على توفير كامل رواتب موظفيها".
وأكد أن الأوضاع الاقتصادية في غاية الصعوبة، وأن مصر لم تخرج بعد من مرحلة عنق الزجاجة، فيما "لا توجد بدائل كثيرة أمام الحكومة سوى رفع الأسعار عبر تخفيض الدعم وبيع بعض الأصول لتخفيض المديونية والتقشف؛ الذي يشمل إعادة هيكلة المؤسسات وتخفيض عمالتها، وإلا فالبديل سيناريوهات صعبة جدا".
وتابع: "إلى أن يحدث ذلك فسوف تظل الأعصاب مشدودة ومتوترة، لكن علينا الانطلاق والتحرك بسرعة حتى نقطع الطريق على الإرهابيين والمتطرفين ومن يدعمهم، ولكي يحدث ذلك فلا بد من إدارة الأزمة بصورة صحيحة".
بديل للسيسي
من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية؛ أن الأوضاع في مصر تزداد سوءا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي منذ وصول السيسي للحكم، مؤكدا أن قرارات قائد الانقلاب ساهمت كثيرا في هذا التدهور الكبير بسبب الإجراءات الكثيرة التي أخذها وأثبتت الأيام خطأها، ومن بينها تعويم الجنيه الذي أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.
وتوقع عطية، في حديث لـ"
عربي21" أن تستمر الأوضاع في التدهور في الشهور المقبلة، وأن من الممكن أن تشهد البلاد انهيارا اقتصاديا أكثر مما تعانيه الآن، موضحا أن "الجميع يعلم أن البلاد تعاني من كوارث حقيقية، وهو ما سيؤثر بالسلب على المستقبل السياسي للبلاد، ومن الممكن أن تظهر نتائج هذا الفشل بوضوح في الانتخابات الرئاسية المقبلة"، على حد قوله.
وذكر أن "هناك خشية حقيقية من حدوث ثورة جياع بعد أن أصبح ملايين الفقراء أكثر فقرا، وهذا مؤشر خطير لأنه في هذه الحالة لن تكون الثورة وقتئذ سياسية، بل ستشهد البلاد أعمال عنف وتخريب واسعة النطاق، ومن الممكن أن تودي بحياة عدد ضخم من المصريين، لكن من الممكن أن يتم منع حدوث هذا من خلال تغيير الوضع السياسي الراهن، حيث يتم الدفع بشخص آخر غير السيسي يكون محل ثقة من الناس ليخوض الانتخابات ممثلا للنظام"، ورأى أن القوات المسلحة قد تجد نفسها مضطرة للدفع ببديل للسيسي؛ نظرا للمشاكل التي تعاني منها البلاد الآن.
الأوضاع لن تتغير
لكن المحلل السياسي مصطفى كامل؛ قال إنه لا يعتقد أن الأوضاع السياسية في مصر ستتغير كثيرا في المستقبل القريب، متوقعا أن يظل الوضع كما هو مع بعذ التغييرات في استراتيجية النظام وإدارته للأوضاع الاقتصادية.
وأضاف كامل لـ"
عربي21": "نعم هناك مشاكل سياسية، وهناك كوارث اقتصادية تسبب فيها النظام الحالي لا شك في ذلك، لكن على الرغم من ذلك فمن الممكن أن يغير السيسي من استراتيجيته وطريقة حكمه وينتهج نهجا آخر غير الإجراءات المتبعة حاليا في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة الأوضاع الاقتصادية المتردية، والحالة السياسية المتوقفة تماما بحجة الحرب على الإرهاب"، وفق تقديره.
وأوضح كامل أن "احتمالية تغيير النظام أو خسارة السيسي في الانتخابات القادمة أمر صعب للغاية، بل شبه مستحيل لأنه على الرغم من حالة الغليان في الشارع وعدم الرضا عن النظام بسبب سياساته الاقتصادية وغلاء الأسعار، فإن الناس ليس لديها القدرة على إحداث التغيير أو الالتفاف حول شخص آخر لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية"، كما قال.