قال مقاتلون من المعارضة السورية مدعومون من الغرب، يسيطرون على قطاع استراتيجي من الصحراء الواقعة في جنوب شرق البلاد وتمتد إلى الحدود
العراقية، إنهم تعرضوا لهجوم كبير الثلاثاء نفذته القوات الحكومية وفصائل متحالفة معها مدعومة من إيران، بمساندة من سلاح الجو الروسي.
وأضافوا أن مئات الجنود في عشرات المركبات المدرعة، بينها دبابات، تدفقوا على منطقة بير قصب على بعد نحو 75 كيلومترا جنوب شرقي دمشق صوب منطقة البادية القريبة من الحدود مع الأردن والعراق.
وتقع بير قصب على جانبي الطريق إلى ضواحي دمشق الشرقية قرب قاعدة الضمير الجوية، وهي أيضا خط إمداد رئيسي للمناطق التي يسيطرون عليها في أقصى الجنوب الشرقي.
وسقطت بير قصب في قبضة مقاتلي الجيش السوري الحر، بعد أن انسحب منها تنظيم الدولة قبل بضعة أشهر؛ لتعزيز الدفاع عن معقله في مدينة الرقة في مواجهة حملة ينفذها
التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وعن محافظة دير الزور ضد تقدم القوات الحكومية السورية.
ووفرت بير قصب لتنظيم الدولة نقطة انطلاق للهجمات على أراض إلى الشرق من دمشق مباشرة، وقاعدة للاحتفاظ بسيطرته على أجزاء كبيرة من منطقة البادية.
وقال سعد الحاج، المتحدث باسم جماعة أسود الشرقية، وهي واحدة من أكبر جماعات المعارضة المسلحة في المنطقة: "بدأ هجوم النظام والمليشيات الإيرانية من الفجر، والثوار مثبتون في مواقعهم".
وأضاف: "بدعم كثيف من الطيران الروسي، يحاول النظام والمليشيات التقدم والسيطرة على هذه الأماكن".
وتسابق القوات الحكومية السورية، تساندها الفصائل التي تدعمها إيران، مقاتلي الجيش السوري الحر في الأسابيع الأخيرة؛ للسيطرة على مناطق في الصحراء الواقعة بالجنوب الشرقي خلت بانسحاب تنظيم الدولة.
وهجوم القوات الحكومية جزء من حملة كبيرة لاستعادة السيطرة على أراض إلى الجنوب من بلدة تدمر بوسط
سوريا، وهو ما يجعل القوات السورية على مقربة من الحدود العراقية للمرة الأولى منذ سنوات.
كما أن هذه الخطوة أدت أيضا إلى تطويق أراض صحراوية يسيطر عليها الجيش السوري الحر، تمتد إلى الحدود الأردنية والعراقية، وتقع قريبا من قاعدة
التنف العسكرية التي تتمركز بها القوات الأمريكية.
وتحاول الفصائل المدعومة من إيران التقدم صوب القاعدة، على الرغم من أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة قصفها أكثر من مرة.
وقالت القوات الأمريكية الثلاثاء إنها أسقطت طائرة دون طيار "موالية للنظام السوري" قرب القاعدة. وقال مصدر بأحد أجهزة المخابرات الغربية إن الطائرة إيرانية.
من جهة أخرى، أعلنت دمشق أن الجيش السوري استطاع التواصل مع قوات
الحشد الشعبي العراقي، رغم أن واشنطن سعت لمنع ذلك.
وأوضح الإعلام الحربي المركزي للجيش السوري، في بيان خاص أصدره لتسليط الضوء على التطورات الأخيرة على الحدود بين سوريا والعراق: "في الثالث والعشرين من شهر أيار/ مايو 2017، انطلقت عمليات "الفجر الكبرى" ضد تنظيم داعش في البادية السورية (الصحراء الشرقية)... وبعد أسبوع، استطاع الجيش السوري وحلفاؤه السيطرة على مساحات شاسعة من البادية في أرياف حمص ودمشق، بالإضافة إلى التمدّد في ريف السويداء الشمالي الشرقي".
وأشار البيان إلى أن الجيش حدد بذلك هدف عمليات البادية بـ"منع قوات واشنطن من التمدد داخل البادية، ثم إمساك الحدود وتحقيق التواصل البري مع "الحشد الشعبي" العراقي.
وحاولت الولايات المتحدة، حسب رواية الجيش السوري، "تحذير القوات المتقدمة"، حيث شنت "3 غارات متفاوتة على قوات الجيش السوري والحلفاء، بعد فشل الفصائل المسلحة الموجودة في هذا القطاع، مثل جيش سوريا الجديد، ومغاوير الثورة، وأسود الشرقية، التي أطلقت معركة بركان البادية لمحاولة إيقاف تقدم القوات السورية".
ومع إنجاز المرحلة الأولى من العملية، تمكنت القوات السورية من الوصول إلى الحدود مع العراق شمال شرق بلدة التنف، التي تسيطر عليها القوات الأمريكية.
وتابع البيان موضحا أن الولايات المتحدة قامت، "في محاولة للتخفيف من زخم التقدم للجيش السوري والحلفاء، بنقل منظومات راجمات صواريخ من طراز "HIMARS" إلى جنوب سوريا، ليتم نصبها قرب معبر التنف الحدودي، وذلك "في رد واضح على إنجاز الجيش السوري والقوات الحليفة" في هذه المنطقة.
وفي التطورات اللاحقة، التي وصفها الجيش السوري بـ"المفاجأة القادمة من العراق"، كان "الحشد الشعبي" العراقي "يحث الخطى باتجاه الحدود"، لكن "واشنطن لم توافق على وصول الحشد إلى الحدود ومعبر الوليد"، الذي سيطر عليه تنظيم "داعش" في مايو/ أيار من العام 2015.
وقال البيان إنه، بسبب الضغط من الولايات المتحدة، "اتخذ القرار عراقيا بأن ينفذ الجيش (العراقي) ومقاتلو العشائر المهمة (الخاصة بانتزاع معبر الوليد العراقي)".
وتابع البيان مشددا: "ومع وصولهم إلى معبر الوليد كانت الصدمة، تقدم الحشد بمحاور موازية للمحاور التي تقدمت، وبموازاة الحدود التقى مع القوات السورية التي كانت تقدمت شمال معبر الوليد".
واعتبر الجيش السوري أن هذه الانتصارات أدت إلى إقامة "الوصل الاستراتيجي بين العراق وسوريا بعدما جهدت الولايات المتحدة منذ العام 2011 لإحداث خلل فيه".
كما أسفرت هذه التطورات، حسب البيان، عن منع المجموعات المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة "من التقدم باتجاه منطقة البوكمال (الحدودية مع العراق) بعد تطويق التنف من الحدود العراقية والتقاء القوات (السورية والعراقية)"، فيما أوضح أنه "بالتالي أصبح الهجوم باتجاه الشمال مستحيلا في ظل هذا الواقع".