أصدرت محكمة جنايات القاهرة، السبت الماضي، حكما بإحالة 31 متهما في قضية اغتيال النائب العام السابق المستشار
هشام بركات، إلى المفتي لاستطلاع رأيه الشرعي في إعدامهم، وحددت المحكمة جلسة 22 تموز/ يوليو المقبل للنطلق بالحكم.
ومع توالي أحكام
الإعدام على معارضي نظام عبدالفتاح
السيسي، وخاصة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ثارت تساؤلات حول الأسباب التي دفعت النظام إلى إصدار المزيد من هذه الأحكام القاسية خلال الشهور الأخيرة.
تزايد حاد في الإعدامات
وبحسب منظمة العفو الدولية؛ فإن
مصر تشهد زيادة حادة في استخدام عقوبة الإعدام منذ عام 2013، حيث ارتفعت حالات الإعدام من 15 في 2014 إلى 22 في 2015 وتضاعفت إلى 44 في 2016، فيما صدر 76 حكما في 2017 حتى الآن.
وكانت آخر حالات الإعدام؛ إحالة 31 متهما للمفتي في قضية اغتيال النائب العام هشام بركات، سبقها الحكم بإعدام ستة متهمين في السابع من الشهر الجاري، وذلك في قضية قتل حارس منزل القاضي حسين قنديل.
وفي أيار/ مايو الماضي؛ أحيلت أوراق ثمانية من أعضاء جماعة الإخوان بالبحيرة إلى المفتي؛ بتهمة الهجوم على مركز شرطة أبو المطامير، وتدمير أبراج الكهرباء.
وفي نيسان/ أبريل الماضي؛ تمت إحالة أوراق 20 متهما إلى المفتي؛ بتهمة اقتحام قسم شرطة كرداسة، وقتل 14 ضابطا عام 2013.
وفي شباط/ فبراير الماضي؛ صدر الحكم بإعدام 11 متهما في قضية مذبحة ستاد بورسعيد التي راح ضحيتها 74 مشجعا من جماهير النادي الأهلي.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2016؛ تم إعدام عادل حبارة في قضية مذبحة رفح الثانية، التي أسفرت عن مقتل 25 جنديا بالشرطة.
وتم في آب/ أغسطس 2015 إعدام محمود رمضان في القضية المعروفة إعلاميا بإلقاء أطفال من عقار سيدي جابر بالإسكندرية.
انتقادات حقوقية
وكانت العديد من المنظمات الحقوقية، المحلية والأجنبية، قد طالبت بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام في مصر، واتهمت القضاء بالتسييس، وعدم منح المتهمين محاكمة عادلة وفقا لمعايير العدالة الدولية.
وأطلق نشطاء مصريون حملة لجمع التوقيعات لوقف تنفيذ حكم الإعدام بحق ستة من شباب محافظة المنصورة بعد اتهامهم بقتل رجل شرطة.
وفي بيان لها في 8 يونيو/ حزيران الجاري؛ أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن "منظومة القضاء المصري تعاني من انهيار تام، وأصبحت أداة بيد النظام يستخدمها لإرهاب وقمع معارضيه، ما يعني قطع كافة السبل على المتهمين للتمتع بمحاكمة عادلة".
ودعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأسبوع الماضي السلطات المصرية إلى تعليق عقوبة الإعدام بشكل عام، كما أرسلت المنظمة في شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل الماضيين؛ برقيات إلى مؤسسات مصرية، منها رئاسة الانقلاب ووزارة دفاعه، أعربت فيها عن قلقها الشديد بشأن أحكام الإعدام الصادرة في المحاكم العسكرية، وحثّت قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، ووزير دفاعه صدقي صبحي، على عدم التصديق على أحكام الإعدام.
ضعف المعارضة وصفقة الجزيرتين
وتعليقا على هذه الأحكام؛ قال المحامي الحقوقي إسلام مصطفى إن "النظام يزداد فجورا كل يوم، ليس مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فقط، وإنما مع كل من يعارضه"، مضيفا أنه "حتى من التزم الصمت سابقا؛ يطوله الأذى الآن".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الحالة الأمنية الآن تشهد توترا شديدا بسبب استمرار العمليات الإرهابية، ولذلك أصبحنا نرى أحكام الإعدام تصدر بسرعة لأن المناخ يسمح بذلك، فلا يوجد من يعارض هذه الأحكام، ومن يتجرأ ويعارضها يكون مصيره السجن؛ مثلما فعلوا مع مئات النشطاء والمحامين والصحفيين خلال الشهور الماضية".
وأكد مصطفى أن "حالة حقوق الانسان في مصر أصبحت متردية للغاية، وتزداد سوءا كل يوم عن ذي قبل"، مشيرا إلى أن "أكثر من 100 شاب تم اعتقالهم في أقل من 24 ساعة؛ بسبب معارضتهم للنظام، وذلك في سياق حملة أمنية مسعورة هذه الأيام؛ لأن السيسي لا يريد لأحد أن يعطل صفقة تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية".
الفشل الأمني وغياب الضغط الدولي
من جانبها؛ قال المحامية والناشطة الحقوقية دعاء عباس، إن "النظام يريد أن يغطي على الفشل الأمني الذي يعاني منه عبر زيادة أحكام الإعدام".
وأضافت لـ"
عربي21" أن "السيسي يعتقد أن هذه الاحكام القاسية ستعطي انطباعا بأن الوضع الأمني في البلاد تحت السيطرة، وأن الأشخاص الذين قتلوا النائب العام نالوا عقابهم، لكن الحقيقة أن كل المتهمين في هذه القضية تم إجبارهم على الاعتراف بارتكاب الجريمة تحت التعذيب".
وأوضحت دعاء أن "نظام السيسي أصبح يسرّع إجراءات أي قضية لها علاقة بالإخوان المسلمين؛ لأنه لم يعد يخشى الضغوط الدولية كما كان في السابق"، مشيرة إلى أن "النظام يمارس قمعه الآن بكل أريحية؛ بسبب علاقة السيسي الجيدة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يعد رجلا عنصريا، وصرح أكثر من مرة بأن جماعة الإخوان هي منبع الاٍرهاب في العالم، فضلا عن ثقته في غياب أي انتقاد داخلي قوي بعدما أجهض النشاط الحقوقي في مصر بالكامل".