بلغ السعر المعروض للريال
القطري مستوى أضعف من سعر ربطه بالدولار الأمريكي، في الوقت الذي تكابد فيه الدوحة صعوبات جراء
أزمة دبلوماسية، لكن مصرفيين عزوا ذلك إلى شح السيولة في سوق
العملة وليس إلى خطر حقيقي يتهدد الربط.
وعُرض الريال، المثبت رسميا عند 3.64 ريال للدولار منذ 2001، بسعر3.6680 منذ قطعت السعودية ودول عربية أخرى علاقاتها الدبلوماسية وخطوط النقل مع الدوحة في الخامس من حزيران/ يونيو، متهمة إياها بدعم الإرهاب.
وأظهرت بيانات حديثة، أن ذلك التحرك، الذي لا يصل إلى واحد بالمائة، ليس كبيرا بالأرقام المطلقة، لكنه أضعف سعر صرف في السوق الفورية منذ تموز/ يوليو 2005.
وعلاوة على ذلك، فإن الانخفاضات السابقة للريال كانت لا تستمر لأكثر من يوم واحد عادة، ولكن في هذه المرة، سجلت العملة القطرية ضعفا كبيرا عن سعر الربط لأسبوعين.
ورغم ذلك، قال مصرفيون خليجيون من داخل قطر وخارجها إن أسعار السوق الفورية لا تظهر أي تغير في استعداد قطر أو قدرتها على الدفاع عن سعر الربط.
وأضافوا أن التقلبات تبدو ناتجة عن الطريقة التي أثرت بها الإجراءات
الاقتصادية ضد قطر على تعاملات بين البنوك.
فقد قلصت كثير من البنوك في السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين المعاملات مع المؤسسات القطرية أو جمدتها خشية إغضاب حكوماتها. وأصبحت البنوك الأجنبية أكثر حذرا نظرا للمخاطر السياسية.
وكبح ذلك تداول النقد الأجنبي، وبصفة خاصة بين البنوك التي تعمل في الداخل والخارج، وتسبب في اختناقات بسلسلة إمدادات الدولار المتجهة إلى المؤسسات الخارجية، وهو ما دفع الريال للتراجع.
وقال مدير خزانة في بنك سعودي طالبا عدم الكشف عن هويته نظرا للحساسية السياسية: "يرجع هبوط الريال في السوق الفورية عن سعر الربط إلى ضعف السيولة، وليس إلى تغير في سياسة قطر".
وأشار إلى أنه في الماضي تذبذب الريال السعودي أيضا بهوامش كبيرة عن سعر ربطه بالدولار بفعل انخفاضات مؤقتة في السيولة، ورغم ذلك أبقى البنك المركزي السعودي على الربط.
وقال مدير محفظة لأدوات الدخل الثابت بدبي، إنه لا يرى في هذه الحركة ما يبعث على القلق.
وتابع: "قد يكون علامة على ضغوط مضاربة طفيفة، يصعب قول ذلك. لا يبدو أن البنوك تعاني من ضغط نزوح كبير عن قطر".
ويقول المرسوم الأميري المتعلق بإنشاء آلية الربط عام 2011 إن مصرف قطر المركزي سيشتري الدولار بسعر لا يزيد على 3.6384 ريال، ويبيعه بما لا يتجاوز 3.6415 ريال إلى البنوك العاملة في دولة قطر.
وقال مصرفيون إن البنك المركزي يقوم بذلك. وقال مصرفي خزانة لدى بنك في الدوحة إن بنكه لا يزال قادرا على الحصول على الدولارات التي يحتاجها من البنك المركزي.
وتابع، "نستطيع شراء الدولارات من البنك المركزي.. نبيع الدولارات في السوق عند 3.6415 ريال".
ونظرا لتضرر العلاقات بين البنوك داخل قطر والبنوك الخارجية في مراكز مثل البحرين ولندن جراء الإجراءات، فإن تلك الإمدادات لا تصل إلى جميع أنحاء السوق بسرعة.
وقال بعض المتعاملين إنهم فوجئوا من عدم اتخاذ البنك المركزي إجراء فوريا للقضاء على أي تكهنات بتغيير في سياسية الربط، من خلال ضخ كميات ضخمة من الدولارات في السوق.
وفي أول بيان علني له منذ اندلاع الأزمة، أعلن محافظ البنك المركزي الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني، أن لدى الدوحة احتياطيات كافية من النقد الأجنبي لتلبية جميع المتطلبات، لكنه لم يذكر الربط صراحة.
ورغم ذلك، أشار مصرفيون في الخليج إلى أن المرسوم الأميري لم يلزم البنك المركزي بالتدخل بقوة فور تحرك السعر في السوق الفورية منخفضا عن مستوى الربط، لكنه قال إن للبنك الحق في تحديد حجم وتوقيت مبيعات الدولار.
ونادرا ما تحدث الشيخ عبد الله علانية عن الربط في الماضي، وربما يحجم عن ذلك الآن حتى لا يجذب اهتمام سوق العملة ويزيد الضغوط على الريال.
ولعل استراتيجيته تلك تؤتي ثمارها، فبعد هبوط حاد في سوق العقود الآجلة الخارجية، التي تستخدمها البنوك للتحوط في أسعار الصرف لأجل 12 شهرا، تعافى الريال من مستوياته المنخفضة في الأيام القليلة الماضية.
ولدى البنك المركزي احتياطيات صافية من النقد الأجنبي قدرها 34.5 مليار دولار، وربما تحوز الحكومة أصولا سائلة أخرى بما يزيد على 200 مليار دولار في صندوقها السيادي. ولا يبدو أن قطر تواجه حتى الآن أي مخاطر بنفاد الأموال اللازمة لحماية الريال.
وقال مصرفي قطري: "لا يوجد ما يدعو لفك ربط الريال في الأمد القصير.. لديهم موارد كافية".