صعد رجل الأعمال
المصري أحمد
أبو هشيمة، بسرعة الصاروخ، ليصبح في بضع سنوات أحد أهم رجال الأعمال المصريين.
وبعد انقلاب تموز/ يوليو 2013؛ اتجه أبو هشيمة، البالغ من العمر 42 عاما، والذي بدأ نشاطه الاقتصادي في تجارة حديد التسليح؛ إلى تكوين إمبراطورية إعلامية ضخمة سخرها للدفاع عن نظام عبدالفتاح
السيسي.
استحواذات بالجملة
وخلال السنوات الأربع الماضية؛ استحوذ أبو هشيمة على العديد من وسائل الإعلام المصرية في كافة المجالات، ليضمها إلى مؤسسته الإعلامية العملاقة "إعلام المصريين".
ففي 2014 استحوذ على صحيفة "اليوم السابع"، وفي أيار/ مايو الماضي استحوذ على صحيفة "صوت الأمة" الأسبوعية، وفي الشهر ذاته اشترى قنوات "أون تي في".
وفي حزيران/ يونيو الماضي؛ استحوذ على 50 بالمئة من أسهم شركة "مصر للسينما"، ثم أسس شركة "سينرجي وايت" للإنتاج الدرامي، والتي أنتجت الجزء الثاني من مسلسل "الجماعة" الذي يشوه تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، بحسب مراقبين.
وفي في تموز/ يوليو الماضي؛ استحوذ على 51 بالمئة من شركة "بريزنتيشن سبورت" صاحبة حق بث مباريات الدوري المصري لكرة القدم، وفي الشهر ذاته أيضا استحوذ على موقع "دوت مصر" من شركة "بلاك أند وايت" التي يملكها ضابط المخابرات ياسر سليم.
كل هذا بالإضافة إلى استحواذه على مواقع "انفراد" و"برلماني" و"عين المشاهير"، بالإضافة إلى موقع "إيجيبت توداي" الناطق بالإنجليزية.
المخابرات والجيش
ويقول مراقبون إن أحمد أبو هشيمة هو ذراع جهاز المخابرات العامة للسيطرة على الإعلام، وأنها هي التي تحركه من خلف الستار، لتنافس الذراع الإعلامية الأخرى المتمثلة في شبكة "دي إم سي" المملوكة للجيش.
ويضيف المراقبون أنه منذ وصول قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي للحكم؛ يشهد الإعلام المصري عملية إعادة هيكلة، تستهدف في النهاية التخلص من الإعلاميين المعارضين أو المحسوبين على ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، وتقليص عدد القنوات الفضائية، لتتبقى في النهاية شبكتا "أون تي في" و"دي إم سي"، فيما يشبه تأميم الإعلام وتقاسما للنفوذ.
وأكدت صحيفة "اليوم السابع" أن مؤسسات "إعلام المصريين" المملوكة لأبو هشيمة، تخوض صراعا حاميا مع الأذرع الإعلامية القطرية، مشيرة إلى أنها ستنافس القطريين في كل مجالات الإعلام، من الأخبار حتى الرياضة، ومرورا بالترفيه.
وأضافت الصحيفة السبت، أن "إعلام المصريين" قرأت المشهد الإعلامي العربي والمصري، وأيقنت أن تشتت الإعلام المصري منح القنوات العربية الفرصة لجذب المشاهد المصري، وأنها أنفقت استثمارات ضخمة لتستعيد هذا المشاهد مرة أخرى.
إدارة الصراع بالإعلام
من جهته؛ قال الباحث السياسي جمال مرعي، إن هناك توغلا وتدخلا مباشرا من السلطة الحاكمة في وسائل الإعلام منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، حتى إن هناك أشخاصا تابعين للجيش يقومون بإدارة هذه اللعبة بأنفسهم، مشيرا إلى أن قنوات "دي إم سي" خير دليل على ذلك.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "أبو هشيمة يفكر بشكل مختلف، فهو شخص يسيطر على الإعلام، ولكنه في الوقت ذاته ليس محسوبا على السلطة، فهو يستثمر أمواله، ويؤيد السلطة بهذه الاستثمارات، ويرسل رسالة للنظام مفادها (أنا أؤيدكم أكثر من المحسوبين عليكم كقنوات دي إم سي)".
وأشار مرعي إلى أن أبو هشيمة والنظام الحالي قررا أن يديرا صراعاتهما السياسية في المنطقة من خلال الإعلام، بعدما فطنا إلى الاستراتيجية التي اتبعتها قطر، حيث ظلت لسنوات طويلة تؤثر في المنطقة العربية من خلال قناة "الجزيرة"، فأرادوا أن يكرروا تجربة "الجزيرة" من خلال شركة "إعلام المصريين" وقنوات "دي إم سي".
السعي وراء الأرباح
من جانبه؛ أكد أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل، أن "أبو هشيمة كرجل أعمال في المقام الأول، أدرك مبكرا أن أي استثمار في مجال الإعلام سيحقق أرباحا طائلة؛ إذا كان صاحب هذا الاستثمار قريبا من النظام الحاكم، ومؤيدا للسلطة قلبا وقالبا".
وأضاف لـ"
عربي21" أن أبو هشيمة يستثمر في الإعلام لتحقيق مصالحه الشخصية، ولو وجد أن شركة "إعلام المصريين" غير مربحة فسيغلقها فورا، مؤكدا أن أبو هشيمة ضبط إيقاع قنوات "أون تي في" بعدما اشتراها من نجيب ساويرس، وجعل توجهاتها السياسية متفقة تماما مع مواقف السلطة الحالية، حتى يتجنب أي مضايقات بسبب المادة الإعلامية التي يقدمها، "على غرار ما كان يحدث للقنوات ذاتها حينما كانت تحت إدارة ساويرس، الذي واجه ضغوطا من السلطة في عهد المجلس العسكري عقب ثورة يناير، وحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي" على حد قوله.
وأكد كامل أن أبو هشيمة لديه قدر كبير من الذكاء؛ جعله يحقق نجاحا وانتشارا كبيرين لقنوات "أون تي في" مقارنة بقنوات "دي إم سي" التي أنفقت إدارتها أموالا هائلة، وتعاقدت مع إعلاميين وفنانين ومشاهير، ولكنها على الرغم من ذلك؛ لم تحقق النجاح المأمول حتى الآن.