تراجعت استكشافات
النفط العالمية لمستويات قياسية خلال السنة الماضية، في الوقت الذي استمرت فيه الشركات في تقليص الإنفاق وانخفضت المصادقة على مشاريع النفط التقليدية لأدنى مستوى لها في أكثر من 70 عاما.
ووفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية، انخفضت استكشافات النفط بما يزيد على 2.4 مليار برميل خلال السنة الماضية، مقارنة بمتوسط قدره 9 مليارات برميل في السنة على مدى الخمس عشرة سنة الماضية.
وفي غضون ذلك، انخفض حجم الموارد المصادق عليها للتطوير في السنة الماضية إلى 4,7 مليارات برميل، بانخفاض قدره 30% عن العام الأسبق، حيث تراجع عدد المشاريع التي تلقت قرار استثمار نهائي لأدنى مستوى لها منذ أربعينيات القرن الماضي.
وهذا البطء الكبير في نشاط قطاع النفط التقليدي، هو نتاج لتقلص إنفاق الاستثمارات مدفوعا بتدني أسعار النفط. وجلب ذلك، أسبابا إضافية للاهتمام بأمن النفط العالمي، في الوقت الذي تفاقمت فيه المخاطر الجيوسياسية في بعض البلدان المنتجة الرئيسية مثل، فنزويلا.
ويتناقض التراجع الذي طال قطاع النفط التقليدي، مع الانتعاش الذي يتمتع به قطاع
النفط الصخري الأميركي، الذي شهد تعافيا قويا في استثماراته مصحوبا بارتفاع في الناتج، في ظل خفض تكاليف الإنتاج بنسبة وصلت إلى 50% منذ 2014. وتحول هذا النمو في إنتاج النفط الصخري الأميركي، لعامل أساسي في توازن تثاقل النشاط في قطاع النفط التقليدي.
ويمثل إنتاج 69 مليون برميل يوميا من النفط التقليدي، أكبر حصة من إنتاج النفط العالمي البالغ 85 مليون برميل يوميا. بالإضافة إلى ذلك، تأتي 6.5 ملايين برميل يوميا من المنتجات السائلة من النفط الصخري الأميركي، بينما تأتي البقية من سوائل الغاز الطبيعي ومصادر النفط غير التقليدية الأخرى مثل، الرمال النفطية والنفط الثقيل.
وبتوقعات نمو الطلب العالمي بنحو 1.2 مليون برميل يوميا في السنة على مدى الخمس سنوات المقبلة، حذرت الوكالة الدولية للطاقة، من احتمال أن ينتج عن زيادة فترة الانخفاض الكبير في استثمارات النفط، تقلص في الإمدادات. كما من المرجح أيضا، انخفاض الإنفاق على عمليات الاستكشاف مرة أخرى خلال العام الجاري للسنة الثالثة على التوالي لأقل من مستويات 2014، للدخول في سنة أخرى من تراجع نشاط الاستكشاف. ويظل مستوى المشاريع الجديدة المصادق عليها حتى الآن في 2017، على حاله من الانخفاض.
وقال المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة، فاتح بيرول، إن النشاطات الجديدة لأسواق النفط تسير ببطء شديد على صعيد النفط التقليدي، في حين يشهد النفط الصخري، نشاطا محموما. ويتمثل السؤال الرئيسي لمستقبل سوق النفط، في مدى إمكانية استمرار انتعاش إمدادات النفط الصخري، لتعوض عن بطء وتيرة النمو في مناح أخرى من قطاع النفط.
ونجح قطاع النفط الصخري الأميركي في خفض التكاليف للحد الذي جعله في كثير من الحالات، أكثر منافسة من المشاريع التقليدية. ويتراوح متوسط سعر التعادل في حوض بيرميان في تكساس، بين 40 إلى 45 دولارا لبرميل خام النفط. ومن المتوقع ارتفاع معدل إنتاج النفط الصخري الأميركي بنحو 2.3 مليون برميل يوميا بحلول 2022 بالسعر الجاري حالياً ويرتفع أكثر مع ارتفاع الأسعار.
وتعرض قطاع النفط البحري، الذي يشكل ما يقارب ثلث إنتاج خام النفط والذي يمثل مكونا هاما من الإمدادات المستقبلية، ضربة قوية جراء البطء الذي عانى منه القطاع. ولم تتعد نسبة الموارد التقليدية التي تمت المصادقة عليها في 2016، سوى 13% فقط، بالمقارنة مع ما يزيد على 40% في المتوسط، في الفترة بين 2000 إلى 2015.
وفي بحر الشمال على سبيل المثال، انخفضت استثمارات النفط لأقل من 25 مليار دولار خلال السنة الماضية، ما يقارب نصف مستوى استثمارات 2014. وللمصادفة، يقارب ذلك الآن، مستوى الإنفاق في مشاريع الرياح البحرية في بحر الشمال، التي تضاعفت لنحو 20 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.