نسبت صحيفة يني شفق التركية، لوزيرة الأسرة بتول سايان كايا، في إطار تعليقها على مجريات
محاكمات المتهمين بمحاولة الانقلاب في 15 تموز/ يوليو 2016، أن محاكمات المتهمين تحولت إلى "مسارح تمثيلية".
وجاء ذلك في مقال للكاتب حسن أوزتورك، وترجمته "
عربي21"، حيث أبدى الكاتب استغرابه من مجريات المحاكمات التركية، التي تسمح للمتهمين بالاستهزاء بالاتهامات الموجهة إليهم، رغم القبض عليهم بالجرم المشهود أثناء قيامهم بمحاولة الانقلاب، إلى جانب توفر شهادات ضباط الشرطة.
وأوضح الكاتب أن هدف هذا معروف، حيث يحاول المتهمون دفع مجريات المحاكمات إلى طريق آخر، عن طريق الاستخفاف بالقضايا المطروحة. وذكر الكاتب أمثلة عن ذلك، حيث قال إن هناك أحد العساكر المتهمين يرفض الاعتراف بأنه تلقى أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين الذين خرجوا للتنديد بمحاولة الانقلاب.
بالإضافة لذلك، رفض أحد المسؤولين عن الانقلاب الاتهامات الموجهة إليه بالمشاركة في التخطيط للانقلاب، بقوله: "لا أدري، لم أسمع، لم أرَ". وقد تمسك بأقواله رغم العثور على رقم هاتفه ضمن مجموعة "الإصلاح الوطني" المسؤولة عن إدارة عمليات الانقلاب العسكرية. والأمر كذلك بالنسبة لبقية المتهمين الذين يظنون أنهم يستطيعون التأثير على موقف الرأي العام من خلال تلك التصرفات. كما يأملون في إعادة سيناريو قضية "المطرقة" وقضية العمالة للجهات الأجنبية في إزمير.
وأوضح الكاتب أنه يجب على المحاكم التركية في هذه الفترة عدم إظهار التسامح مع أي متهم يحاول صرف القضية عن مسارها. وقال إن القبض بالجرم المشهود على شخص ما، لا يعطيه الحق بنفي ما ينسب إليه من تهم، خاصة في ظل توفر الدلائل القاطعة.
وأكد الكاتب ضرورة صدور الأحكام في حق المتهمين في أقرب أجل ممكن؛ لأن ذلك "سيبدد آمال منظمة غولن الإرهابية وسيجعل الشعب التركي الحر وعائلات الشهداء الذين سقطوا ليلة الانقلاب يتنفسون الصعداء"، كما يقول.
وفي مقال آخر نشرته "يني شفق"، سلط الكاتب كمال أوزتورك الضوء على التحقيقات الجارية المتعلقة بمحاولة الانقلاب الفاشلة، موضحا أن هناك أطرافا داخل هيئات التحقيق تحاول جعل الانقلاب يظهر في صورة "لعبة حكومية".
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن هناك أطرافا داخل هيئة التحقيق في عملية الانقلاب، والتي تضم النائب في البرلمان التركي عن حزب الشعب الجمهوري، زينل إيمري، بالإضافة لشخصيتين حقوقيتين، تحاول دفع التحقيقات الجارية إلى مجرى جديد يتم فيه اتهام الحكومة التركية بالوقوف خلف محاولة الانقلاب. وهذا ما دعمته مجريات محاكمات المتهمين العسكريين الذين قاموا بعملية الانقلاب، حيث يحاولون هم أيضاً إيهام الجميع بوقوف الحكومة التركية بجهاز استخباراتها ورئاسة أركانها؛ خلف عملية الانقلاب، عبر إفاداتهم التي يقدمونها للمحكمة.
وأضاف الكاتب أن الخطابات التي قدمها كل من رئيس وكالة الاستخبارات التركية، هاكان فيدان، ورئيس أركان الجيش التركي، خلوصي أكار، لهيئة التحقيق في عملية الانقلاب؛ شكلت مقومات رئيسية لتلك الاتهامات الرامية إلى ربط محاولة الانقلاب بالحكومة التركية. لكن تلك الخطابات تتضمن العديد من النقاط الغامضة؛ التي ولّدت بدورها شكوكا كثيرة لدى الرأي العام التركي. ولعل هذا ما ساعد أطرافا على طرح نظريتها ومحاولة توجيه التحقيقات تجاهها.
وفيما يتعلق بمستقبل هذا الجدل، ذكر الكاتب أن رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدارأوغلو، الذي يُعتبر أول من بدأ باتهام الحكومة بالوقوف خلف عملية الانقلاب عن طريق ما أسماها "لعبة حكومية"، سيقوم بتقديم شهادات خلوصي أكار وهاكان فيدان، ويوضح التناقضات التي يحويها تقرير هيئة التحقيق كدليل على صحة اتهاماته للحكومة. وبالتالي، سيدفع تنظيم غولن إلى بدء حملة لتبرئة ذمته أمام الرأي التركي والعالمي، ودعم الاتهامات الموجهة للحكومة بالوقوف خلف محاولة الانقلاب.
فضلا عن ذلك، قد تستخدم هذه الخطابات والتقارير والإفادات كحجة من أجل إلغاء الاتهامات الموجهة للعسكريين بشأن العملية الانقلابية. ليس هذا فقط، بل قد نسمع قريبا تصريحات من بعض الجهات بضرورة تقديم أطراف حكومية للمحاكمات في إطار تلك التحقيقات.
ونوّه الكاتب إلى أن هذا الجدل القائم حول التحقيقات الجارية سيضر بالجهود التي تقدمها الجهات الرسمية لمكافحة تنظيم فتح الله غولن، وسيعطل سير محاكمات المتهمين في محاولة الانقلاب. كما أنها ستضر بصورة
تركيا لدى الرأي العام العالمي؛ لأن استمرار الجدل حول هذه القضية سيولد قناعة لدى الرأي العام بحقيقة وقوف الحكومة خلف محاولة الانقلاب. وهذا ما سيظهر أن تنظيم غولن هو الطرف البريء والمظلوم في هذه القضية.
وتطرق الكاتب إلى مجريات المحاكمات التي يخضع لها المتهمون في محاولة الانقلاب. وفي إطار متابعته لتلك الجلسات القضائية، لفت انتباهه الراحة النفسية التي يبدو عليها المتهمون رغم مواجهتهم قضايا خطيرة وأحكاما عالية؛ يطالب بتنفيذها محامو عائلات الضحايا والادعاء العام التركي. كما أن المتهمين يتابعون الجدل الدائر حول التحقيقات الجارية حول عملية الانقلاب، ويحاولون المساهمة في تغيير مجرى المحاكمات بالاستفادة من إفاداتهم المتعلقة ببراءتهم، وادعائهم بمسألة تطبيق الأوامر العسكرية، التي جاءت عبر التسلسل الهرمي داخل المؤسسة العسكرية.