خصصت صحيفة "الغارديان" افتتاحيتها الأربعاء للحديث عن أول جولة خارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ انتخابه، وسلطت الضوء على ما اعتبرتها جوانب الإخفاق، موجهة سلسلة من الانتقادات والسخرية لما تضمنته الزيارة.
وتقول الصحيفة في الافتتاحية التي ترجمتها "عربي21" إن الجولة الخارجية التي قام بها ترامب "أظهرت مدى عجزه في فن إبرام الصفقات عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين الدول"، معتبرة ما تحدث عنه كحصاد لزيارته "مجرد فتات".
وتستعرض الصحيفة تغريدة لترامب تحدث فيها عن جولته الخارجية بالقول إنها "اشتملت على تقييم متواضع كالعادة لإنجازه"، مضيفة أنه "ما من شك في أن الصور الجماعية والعبارات المقتضبة شكلت (لترامب) انصرافا مفيدا عن المشاكل المحلية".
وتشير الغارديان إلى أن ثمة "تساؤلات متراكمة حول علاقة حملته الانتخابية بروسيا، والميزانية التي تعتبر قاسية وعقابية في حق الأمريكيين الأشد فقرا وقد طغى عليها أسلوبه المحاسبي المثير للتساؤل والشكوك".
وتلفت الصحيفة إلى أن ترامب "تجنب الوقوع في أخطاء جسيمة خلال الجزء الأول من رحلته، رغم أن رأيه في متحف الهولوكوست "ياد فاشيم" (مدهش للغاية) كان في غاية الغرابة، كما أنه استبدل بتصويره السيئ للإسلام على أنه دين الكراهية، الإشادة به على أنه واحد من الأديان العظيمة في العالم".
"مجرد فتات"
وترى الصحيفة أن ظهور ترامب في السعودية و إسرائيل "مجرد فتات"، و"لا يعتبر تصفيق قادة المملكة العربية السعودية وإسرائيل وإشادتهم به معيارا للنجاح: وإنما يعني أنه أعطاهم كل ما أرادوه".
وتتابع الصحيفة بأنه "في الرياض حث الزعماء العرب على محاربة الجماعات الإرهابية وعلى قطع التمويل عنها – ولكنه لم يقل إن الدعم الأمريكي لهم مشروط. كما أنه صور المملكة العربية
السعودية كشريك غير معقد في الحرب ضد التطرف (ولم يمر سوى عام على صدور التقرير الرسمي عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر أخيرا، والذي يحتوي قسم منه على مزاعم بوجود ارتباطات للمهاجمين بالحكومة السعودية)".
ووفقا لـ"الغادريان" فإن
ترامب "أشاد بما اعتبره العمل القوي ضد المتشددين الحوثيين في اليمن، بل أثنى على الرياض لما تقدمه من مساعدات إنسانية للشعب اليمني علما بأن كثيرا منهم ماتوا بسبب القصف الجوي الذي تقوده السعودية وتتساقط قنابله في كثير من الأحيان فوق رؤوس المدنيين".
وتتحدث الصحيفة عن الصفقات التي حصدها ترامب من السعودية بالقول: "في مقابل صفقة تسليح مهولة قيمتها 110 مليارات دولار -من شأنها أن تمهد الطريق أمام مزيد من القتل والتدمير في اليمن- أبرمها مع بلد يتجه لقليص رواتب الموظفين".
إيران والسعودية
وبينما "يعرض السيد ترامب دعما وافرا ضد إيران الخصم اللدود لهذا البلد (السعودية)" -كما تقول "الغارديان"- فإنه "لم يهمس أحد ببنت شفة من النقد تجاه ما يرتكب من انتهاكات داخل هذه الدولة السلطوية ذات السجل الصادم بانعدام التسامح".
وفي هذا الموضوع تضيف "الغارديان": "نال إيران هجوم مطول، بما في ذلك حول سجلها في مجال حقوق الإنسان (..) كان النفاق صارخا فاضحا إذ ترافق الهجوم على إيران بتدفق أربعين مليون إيراني على صناديق الاقتراع لاختيار رئيس لهم، وتصويتهم بأغلبية كبيرة لصالح المعتدل حسن روحاني، مخيبين بذلك ظن من افترضوا أن النتيجة ستكون مختلفة".
وتتطرق افتتاحية الغارديان للقاءات ترامب في إسرائيل، حيث تشير إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو "استمتع بهذه الجولة أيضا.. فقد أكد له ترامب على ضرورة السلام ولكن دون أن يطالبه بأي تنازلات".
"انعدام أهلية"
وتقول الصحيفة إن ترامب "تنعدم لديه الأهلية لمعالجة الشؤون الدولية"، وهذا تأكد من خلال "ما تسرب من نص مكالمته الهاتفية مع الرئيس الفلبيني، وإشادته بأسلوبه في مكافحة المخدرات، رغم أن حملته تلك شهدت مقتل الآلاف خارج نطاق القانون، بل إنه كشف له أن واشنطن أرسلت غواصات نووية إلى شبه الجزيرة الكورية، الأمر الذي يثير تساؤلات إضافية حول تعامله مع المعلومات ذات الحساسية البالغة".
وتختم "الغارديان" افتتاحياتها بوصف ترامب بأنه "رجل يجيد الرقص بالسيف والتبختر على السجاد الأحمر، لكنه لا يملك القدرة على استيعاب شؤون العالم المعقدة ناهيك عن أن يتمكن من الاشتباك معها بشكل مجد وفعال".
وتختار الصحيفة مشهد مشاركة ترامب في افتتاح المركز العالمي لمكافحة التطرف في الرياض للسخرية منه بالقول: "قد تكون مشاهد هذه الرحلة أفضل مما كان يتوقع، إلا أن صورته وهو يتعامل مع الكرة المضيئة في الرياض كانت معبرة جدا، ودون قصد منه، لا يوجد الكثير خلف الأضواء اللامعة، وما هو موجود خلفها ليس جيدا على الإطلاق".