تنطلق أعمال
القمة العربية الإسلامية الأميركية التي ستنعقد في
الرياض يومي 20- 21 أيار/ مايو الجاري، وفي داخلها أيضا تنضوي قمتان "سعودية- أميركية" و"خليجية- أميركية" في ظل تباينات حول سقوف التوقعات المرجوة من هذه القمم الثلاث.
وتشارك "50" دولة عربية وإسلامية، تتمثل أغراضها في مجابهة تخوفات المنطقة المتمثلة بالإرهاب وإيران، وتبيّن اتجاهات السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية، وباقي الملفات المفتوحة.
لكن الولايات المتحدة الأميركية بحسب باحثين يرون أن لها أغراضا أخرى تتمثل بتجديد خطابها وتجاوز آثار خطابها السابق الذي كان تحت عنوان "الإرهاب الإسلامي"، تماما كما بدأ الرئيس السابق باراك أوباما عهده بخطاب مفوه من القاهرة لتلميع الصورة الأميركية، يبدأ
ترامب عهده -خارجيا أيضا- بخطاب من الرياض، يصفه البعض بأنه سيكون مفوها ومهما.
اقرأ أيضا: قمة العرب مع ترامب.. البشير يرحب بالحضور وواشنطن تفاجئه
ويشير محللون إلى أن الأهداف الأميركية الأخرى تنصبّ على توظيف القمة لتحقيق صفقات اقتصادية وتجارية، يرغب ترامب من خلالها في إثبات جدارته داخليا، بتطبيق خطابه أمام الكونغرس الأمريكي يوم 28 من شباط/ فبراير الماضي على أرض الواقع، والذي قال فيه، إن "أمريكا أنفقت زهاء 6 تريليونات دولار في الشرق الأوسط.. كان بإمكاننا إعادة بناء بلدنا مرتين وحتى ثلاث مرات، لو كان لدينا زعماء يملكون القدرة على التفاوض".
تجديد الحلف وجلب دول جديدة
ولفت الباحث الدكتور عامر السبايلة في حديث لـ"
عربي21" إلى أن فكرة القمة – أميركيا - هي بالأساس إعلان سياسة ترامب في المنطقة من بوابة خلق علاقات جديدة، معتبرا، أن إدارة ترامب أولا معنية بعلاقات من نوع العلاقات "التجارية أو الاقتصادية العسكرية".
ويضيف السبايلة أن البوابة الأخرى التي يدخل منها ترامب للمنطقة هي مكافحة الإرهاب واجتثاث الإرهاب الذي كان سابقا يتمثل بداعش، إلا أنه كما تنظر إليه المصطلحات الجديدة أصبح إرهابا أكبر من "داعش".
وقال السبايلة إن "الولايات المتحدة تستغل هذه النقطة للعودة لتجديد محورها السابق وترميمه، وأن ترامب يسعى للتخلص من أعباء وضع نفسه أمامها من خلال البروباغاندا الإعلامية التي كرسته باعتباره عدوا للإسلام والمسلمين، وهذا ربما – كما يقول السبايلة – ما يفسر الحضور الكثيف للدول الإسلامية لتكون شريكة له في حربه على الإرهاب".
وأشار إلى أن أية قراءة لأوراق "قمة الرياض" يجب أن تركز حتما على فكرة "العداء لإيران"، التي من الواضح كما يقول السبايلة، أن إدارة ترامب تأخذها بعين الاعتبار ضمن تحركاتها.
وأكد السبايلة أن إدارة ترامب تسعى بقوة لاعتبار هذا الأمر مدخلا توافقيا لجلب دول نحو فكرة الحلف السني الأميركي العسكري الجديد.
ويرى إلى أن مثل هذا العداء وتوظيفاته السياسية تأتي في سياق خلق قاسم مشترك أكبر في موضوع بناء المواقف تجاه إسرائيل، وبالتالي – بحسب السبايلة – فإن هناك في إدارة ترامب من يعتقد أن هذا يؤسس لفكرة تطبيع كامل مع إسرائيل من بوابة مكافحة الإرهاب والعداء لإيران.
قمة العموميات وغياب الاستراتيجيات
في المقابل، يعتبر المحلل السياسي ورئيس قسم الدراسات في صحيفة السبيل، حازم عياد، أن المقاربة الأميركية تجاه المنطقة لم تنضج بعد، وأن جولات ترامب ما زالت في إطار العموميات دون معالم واضحة تحدد استراتيجية الإدارة الجديدة أو آليات تنفيذ تلك الاستراتيجية والأهداف المعلنة وعلى رأسها الحرب على الإرهاب.
اقرأ أيضا: السيسي: سأشارك في قمة الرياض.. وهذا ما سأحققه بمصر
وفي ما يتعلق بالملف الإيراني قال عياد في حديث لـ"
عربي21" إن موقف الإدارة الأميركية لم يحسم بعد من الملف النووي الإيراني خصوصا في ظل التوجهات المتعارضة للقوى الدولية تجاه الملف النووي أو المواقف الغربية الأوربية المتعارضة مع السياسة الأميركية تجاه طهران خصوصا ان إيران مقبلة على انتخابات رئاسية.
وذهب عياد بخصوص ملف الإرهاب إلى القول بأن الولايات المتحدة الأميركية لم تتجاوز بعد إشكالاتها، ولم تتجاوز أيضا الخلافات مع الحلفاء في المنطقة خصوصا تركيا، حول الموقف من وحدات حماية الشعب الكردية والقوى الانفصالية الممثلة بـ "قسد" ودورها في معركة الرقة.
وإزاء كل ذلك، ينظر "حازم عياد" إلى "قمة الرياض" بوصفها قمة شكلية، قائلا "نستطيع أن نقول بأن المقاربة الوحيدة التي يقدمها ترامب الآن هي السعي لتقديم الولايات المتحدة كقوة قادرة على جمع الدول المتنافسة ومخاطبة العالم الإسلامي في موازاة قدرات محدودة تملكها الصين وروسيا في المنطقة.
وأضاف أن "القمة" لا تخلو من الاستعراض أكثر منه مقاربة لرسم معالم سياسية جديدة للإدارة الأميركية، وأن الحديث عن استراتيجية أميركية أو مقاربة ما زال يعيق إنضاجه الخلافات داخل التحالف الغربي ومع أصدقاء الولايات المتحدة.
وألمح إلى أن هناك الكثير من التفاصيل التي لا يمكن معالجتها باجتماع قمة، معتبرا أن الدول المشاركة فيها تتعارض مصالحها في كثير من الملفات وعلى رأسها الإمارات ومصر وتركيا وباكستان.