تسببت تصريحات وزير الخارجية الليبي، محمد سيالة حول "شرعية" اللواء خليفة
حفتر، في إحداث بلبلة كبيرة وردود فعل غاضبة في طرابلس، وصلت إلى حد التهديدات العسكرية وقيام قوات أمنية بتجميد عملها في حراسة مبنى وزارة الخارجية التابعة لحكومة الوفاق.
من جهتها، طالبت الإدارة العامة للأمن المركزي - فرع شمال طرابلس (المعروفة بكتيبة النواصي) الوزير بالرحيل عن طرابلس، وقال إنه "أصبح شخصا غير مرغوب في وجوده من قبل الكتيبة ومن قبل الشارع الليبي، لعدم حنكته السياسية وإبداء رأيه الشخصي بصفته التي انبثقت من الاتفاق السياسي الذي لا يعترف به حفتر"، وختمت الكتيبة التابعة لوزارة الداخلية بيانا لها؛ بالقول: "ارحل بسلام".
انتقال إلى بنغازي
ولم تتوقف الردود عند حد التصعيد العسكري، لكن صاحبها تصعيد سياسي، تمثل في مطالبة المجلس الأعلى للدولة؛
حكومة الوفاق بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة حيال تصريحات سيالة، وطالب بإقالة الوزير من منصبه من قبل المجلس الرئاسي، كون تصريحاته حول شرعية حفتر "تتناقض ونصوص الاتفاق السياسي"، حسب بيان للمجلس الثلاثاء.
في سياق آخر، دعا عضو مجلس البرلمان الليبي في طبرق، يونس فنوش، رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج للحضور إلى مدينة بنغازي، من أجل الإعلان منها عن قيام حكومة الوفاق بالتوافق مع "مجلس النواب والقيادة العامة للجيش" (يقصد حفتر)، خاصة بعد الأحداث التي شهدتها طرابلس، كرد فعل على تصريحات سيالة، معتبرا أن "سكان بنغازي سوف يرحبون بالسراج أجمل ترحيب"، حسب قوله في تصريحات صحفية.
إقالة الوزير
وأثارت هذه الردود، سياسيا وعسكريا، عدة تساؤلات، منها: هل سيقيل السراج وزير الخارجية ترضية للموقف وتهدئة للأوضاع الأمنية في طرابلس؟ أم سيظهر السراج في مشهد المسيطر والغير راضخ لإملاءات هذه الكتائب التي حاصر بعضها مقر وزارة الخارجية في العاصمة؟ وهل ستمنع هذه المجموعات المسلحة الوزير من دخول العاصمة، كونه لا زال في خارج البلاد؟
من جهته، استبعد عضو المؤتمر الوطني السابق، محمد دومة، أن "يقدم السراج على خطوة إقالة سيالة، لأنه يعتمد عليه كثيرا من جهة، ومن جهة أخرى لا يريد أن يظهر في موقف الخاضع لابتزاز المليشيات"، كما قال.
وبخصوص إمكانية انتقال السراج إلى بنغازي كبديل عن طرابلس، قال دومة لـ"عربي21": "هذا أمر مستبعد جدا، ما لم يتلق السراج إيعازا من المجتمع الدولي بذلك"، وفق تقديره.
تونس ومالطا أفضل
لكن المحلل السياسي الليبي، وليد ماضي، رأى من جانبه؛ أن "تصريحات سيالة وما أحدثته من خلاف هي مؤشر على أن اتفاق الصخيرات لم يصنع أي ثوابت، خاصة فيما يتعلّق بالمفهوم الأمني، ولم يك إلا مجرد نقل للسلطة من مجموعة إلى مجموعة دون اعتبار لاستحقاق صناعة مفهوم أمني مشترك يؤسس حالة سلام ويقرّب وجهات النظر"، بحسب تعبيره.
وبخصوص إقالة الوزير أو استقالته، قال ماضي لـ"عربي21": "لا أتوقع ذلك، إنّما أتوقّع منه (الوزير) تحوير هذه التصريحات وتأويلها إن لم يتم التراجع عنها بشكل كامل".
وتابع: "السراج ومجموعته يفضلان العمل من تونس أو مالطا بدلا من أي مكان داخل الوطن، كما قال، في إشارة إلى دعوة السراج للانتقال إلى بنغازي.
دعوة غريبة
واعتبر الكاتب الصحفي الليبي، عبد الله الكبير، أن "الدعوة التي وجهت للسراج وحكومته للذهاب إلى بنغازي؛ دعوة غريبة وطريفة، كونها جاءت من النائب فنوش الذي لا يعترف أصلا بالاتفاق السياسي ونتائجه ويدعو صراحة إلى الحل العسكري".
وقال الكبير لـ"عربي21": "الموقف السليم في معالجة أزمة تصريحات سيالة هو تنبيه الوزير بعدم التدخل في الشأن العسكري. ومثلما السياسيون يرفضون أي دور للعسكر في السياسة، ينبغي للسياسيين عدم التصريح بأي شأن يخص المؤسسة العسكرية"، حسب رأيه.