نشرت مجلة "أفريك لاتريبين" الفرنسية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على المأزق الذي يواجهه البنك المركزي
المصري، على خلفية
التضخم الذي خرج عن السيطرة وطغى على الأسواق.
واقترح خبراء تخفيضا في "حجم تدخل" البنك المركزي المصري؛ بهدف الحد من التضخم.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المصريين لم يعد بمقدورهم تحمل الارتفاع الكبير في أسعار السلع، الأمر الذي لا يخفى عن البنك المركزي، الذي كان قرر تعويم الجنيه، بالتزامن مع خفض الدعم على عدة سلع، وذلك استجابة لشروط صندوق النقد الدولي.
وأضافت المجلة أن معدل التضخم واصل ارتفاعه في مصر إلى أن بلغ سقف 30 في المئة في الأشهر الأخيرة.
وفي الوقت نفسه، أتيحت لمصر فرصة الحصول على دعم مالي بقيمة 12 مليار دولار، وفضلت الحكومة المصرية استغلال هذا المورد المالي لرفع نسبة إعادة تمويل البنوك بحوالي 14.5 في المئة. وساهم هذا القرار في تعزيز معدل
القروض التي تقدمها البنوك التجارية في البلاد. ونظرا للمخلفات السلبية لهذه القرارات، تخطط الحكومة بالفعل لزيادة طرح السندات الدولارية بقيمة ملياري دولار في السوق العالمية، مع منح نسبة فوائد مرافعة.
وأوردت المجلة أن هذه الخطوة يُنظر إليها بعين الريبة من قبل العديد من الخبراء، الذين أشاروا إلى عدم الاستقرار في كلفة سداد الالتزامات الحكومية، التي تخضع بدورها إلى مقتضيات الوضع
الاقتصادي العالمي. وفي الأثناء، لم يفصح المسؤولون في صندوق النقد الدولي عن وجهة نظرهم بعد، علما أن السلطات المصرية تعتزم طرح مشروعها على الأطراف المعنية فيما يتعلق بسوق السندات العالمي.
ونقلت المجلة وجهة نظر أن أحد الخبراء في صندوق النقد الدولي، الذي أعرب عن تشككه في مخططات الحكومة المصرية. وقد أكد هذا الخبير أن حل معضلة "التضخم السريع يكمن في تعديل مستوى نسب الفائدة، وذلك من خلال الحد من حجم تدخل البنك المركزي". في المقابل، يُعد هذا الحل من وجهة نظر مراقبين آخرين غير مجد. وقد أشار مراقبون إلى التجربة النيجيرية، حيث تبنت الحكومة هذا المنهج، إلا أنه باء بالفشل.
وأوردت المجلة أن الوضع بات يتطلب إعلان حالة الطوارئ بالنسبة للبنك المركزي المصري. وفي الأثناء، من المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري اجتماعا، في 18 أيار/ مايو المقبل، حيث ستتم مناقشة جملة من القرارات المستقبلية، في أعقاب قرار تعويم الجنيه المصري.
ويبدو أن البنك المركزي لم يعد لديه القدرة على المناورة في مواجهة واقع التضخم المرير.
وبينت المجلة أن سياسة تحرير سعر الجنيه المصري، التي كانت من المفترض أن تقود البلاد إلى الاستقرار الاقتصادي، لاقت فشلا ذريعا، ولم تنجح على الأغلب سوى في زيادة تدهور الاقتصاد المصري. وفي هذا السياق، يبدو أن الخيارات المتاحة أمام البنك المركزي أصبحت محدودة، كما أنها لا تفي بالغرض. ووفقا للعديد من الخبراء الاقتصاديين، لا يمكن اللجوء إلى خيار خفض حجم تدخل البنك المركزي كحل دائم لمواجهة التضخم.
وأقرت المجلة بأن محاولة استعادة السيطرة، بصفة فجائية، على سعر الصرف، بغية الحد من التضخم، قد يترتب عنه القضاء بشكل نهائي على الاقتصاد المصري. وفي حال بقي معدل الإنتاج في مستواه الحالي، سيعتمد الاستهلاك في مصر على السلع المستوردة بدلا من المنتوج المحلي.
وأوردت المجلة أن البنك المركزي في حاجة ماسة إلى تقييم كافة الاحتمالات، والتأكد من اتباع الإجراء الأكثر اتزانا؛ لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، ما سيضمن تبعا إيجاد حل جذري للمعضلة التي تشهدها مصر.