تسبب قرار
الحكومة الفلسطينية بتقليص رواتب موظفي قطاع
غزة التي يتقاضونها من وزارة المالية في رام الله، بحالة من الغضب الشديد بين صفوف الموظفين والقيادات الفتحاوية؛ دفعت بعضهم إلى تقديم استقالاتهم من الحركة.
وقررت الحكومة الفلسطينية التي يرأسها رامي
الحمدالله، الثلاثاء، خصم 30 بالمئة من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة لشهر آذار/ مارس الماضي، في حين لم يشمل القرار موظفي الضفة الغربية المحتلة.
مبررات واهية
وعلق القيادي المفصول من
حركة فتح النائب
محمد دحلان، على قرار الحكومة بقوله: "بعيدا عن كل القواعد والقيم الأخلاقية؛ يرتكب عباس (رئيس السلطة الفلسطينية) وزمرته جريمة كبرى، مستهدفا لقمة عيش أهلنا في قطاع غزة؛ بخصم ما يوازي 30 بالمئة من رواتب موظفي السلطة، دون أي مسوغات قانونية، وبمبررات واهية".
وأضاف في منشور له على صفحته الرسمية في موقع "فيسبوك" إن "هذه الجريمة لن تمر، وسنتصدى لها بكل الوسائل القانونية والسياسية والجماهيرية، لنجبر هذا الطاغية الفاسد على التراجع"، مشددا على أهمية "أن نعد أنفسنا لحراك واسع ومتواصل ليس بالقطاع وحده، بل في كل مكان من الوطن والشتات".
وأشار دحلان إلى أن هذا القرار "مشبوه، ويهدف إلى تعميق الانقسام وتوسيع الانفصال بين شقي الوطن"، متابعا بأنه "منذ هذه الليلة أمامنا واجبات ومسؤوليات كبيرة، وليفهم عباس وزمرته أن لا أحد يستطيع كسر ذراع شعبنا عبر التلاعب بلقمة العيش، وسنعرف كيف ننتزع حقوق أبناء شعبنا من فسدة المقاطعة".
ونشر "منتدى أبناء حركة فتح" على صفحته في "فيسبوك" صورة منشور للصحفي زياد النيرب؛ جاء فيه: "احتجاجا على مجزرة الرواتب؛ أعلن استقالتي من المكتب الحركي المركزي للصحفيين".
بعض التهديدات
وكتب القيادي في "فتح" بإقليم المنطقة الشرقية في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، رمزي النجار، على صفحته في "فيسبوك": "زملائي في قيادة إقليم الشرقية لحركة فتح، في إطار موقفهم الرافض للمسّ بحقوق الموظفين؛ وضعوا استقالتهم الجماعية من العمل التنظيمي لدي القيادة، وهذا كان موقفي الشخصي منذ البداية.. كل الاحترام".
وأضاف: "بصراحة؛ إلى حد هنا وكفى، وأي إجراء مؤقت من الحكومة يجب أن يطبق على الجميع، في إطار المساواة في الحقوق والواجبات والالتزامات، وبدون استهبال على العقول!".
أما الناشط الفتحاوي ساهر السلطان؛ فقد خاطب عبر صفحته في "فيسبوك" الموظفين الغاضبين بقوله: "روحوا شوفوا غيركم يأخذ 1000 شيكل (يقصد موظفي غزة الذين تمتنع الحكومة الفلسطينية عن صرف رواتبهم) وهو على رأس عمله، وينفذ كل مهامه الوظيفية أمرا وطاعة".
وأضاف: "إذا كان انتماؤكم لحركة فتح من أجل الراتب؛ فهذه اسمها نذالة" وفق تعبيره.
ثم ما لبث السلطان أن قام بحذف هذا المنشور، مستدركا بقوله: "تم حذف المنشورات بناء على طلب من بعض الأصدقاء والإخوة، وذلك احتراما لشعور الآخرين، وليس خوفا من بعض التهديدات التي وصلتني على الخاص".
من جانبه؛ شكك الخبير الاقتصادي عمر أبو شعبان بدوافع قرار الحكومة الذي "يمس عشرات آلاف العائلات التي تعتمد على الراتب كمصدر دخل لمواجهة متطلبات المعيشة في ظل الأوضاع الاقتصادية القاسية".
وقال في منشور له على موقع "فيسبوك" إن "القرار جاء مفاجئا ودون توضيح مسبق، وهو مقتصر على موظفي قطاع غزة، ما يضع القرار موضع شك كبير حول مصداقيته وأسبابه".
مصروفات الترفيه
وأكد أن هذا القرار "سيكون له تداعيات خطيرة على علاقة السلطة وهياكلها التنفيذية والتشريعية والسياسية بقطاع غزة (...) وسيعزز الشعور المتنامي بأن قطاع غزة لم يعد على سلم أولويات السلطة الوطنية، رغم كل التصريحات التي تزعم غير ذلك، وهو يتناقض كليا مع تصريحات الرئيس ورئيس الوزراء بأن السلطة والحكومة لن تتخليا عن قطاع غزة".
ورجح أبو شعبان وجود "حالة من عدم الانسجام داخل أروقة الحكومة الفلسطينية في كيفية التعاطي مع قطاع غزة"، متسائلا: "لماذا تسارع الحكومة إلى الاقتصاص من موظفيها، وتطبق خطط التقشف عليهم، تاركة بنود صرف أخرى تقع ضمن المصروفات الترفيهية وغير الضرورية؟".
وتعليقا على الغضب الذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي؛ قال الناطق الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، إن الخصومات "طالت العلاوات فقط وجزءا من علاوة طبيعة العمل، دون المساس بالراتب الأساسي"، مرجعا ذلك إلى فرض "حصار مالي" على السلطة الفلسطينية.
وأكد في تصريح له نقلته وكالة "وفا" الرسمية، الثلاثاء، أن "هذا الإجراء مؤقت، ولن يطال تحويلات الشؤون الاجتماعية والمعونات الإنسانية"، لافتا إلى أن هناك "ضغوطا مالية متمثلة بتقليص مستوى الدعم الخارجي إلى ما يفوق الـ70 بالمئة عن معدلاته مقارنة بالسنوات الماضية، وهذا أجبر الحكومة على اتخاذ مثل هذه الخطوة".