في خطوة اعتبرها محللون، مفاجأة كبيرة، ولأول مرة، بعد نفي متكرر، أعلنت "الحركة الوطنية" الحزب الرسمي للمرشح الرئاسي الأسبق المقيم في الإمارات، أحمد
شفيق، ترشحه لانتخابات الرئاسة في 2018.
وقالت الحركة إن الفريق سيخوض الانتخابات الرئاسية وسيعود لمصر للإعداد لها، وسط تلميحات من
السيسي بخوض تلك الانتخابات.
ويرى محللون أنه يتم إعداد الفريق، آخر رئيس وزراء لعهد مبارك، للقيام بدور "المُحلل" لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالانتخابات المقبلة، وأن قبول الفريق لعب دور المنافس الصوري (الاستبن) يأتي مقابل تبرئته من اتهامات الفساد والكسب غير المشروع كباقي رجال عهد المخلوع مبارك، والسماح له بالعودة للبلاد.
وأكدوا أن نظام السيسي يسعى لتجميل وجهه بانتخابات ديمقراطية، وقطع الطريق على أي مرشح آخر لتظل المنافسة شكلا وموضوعا بين أبناء
المؤسسة العسكرية فقط.
فيما يرى آخرون أن منافسة شفيق للسيسي قد تكون حقيقية، وأنه قد يكون مكلفا بدور جديد من قبل المؤسسة العسكرية، والأجهزة الأمنية، وبعض الأجهزة المخابراتية الإقليمية والدولية.
عمرة 5 سنوات
شفيق الذي يعيش في دولة الإمارات منذ 5 سنوات، كان قد غادر القاهرة في تموز/ يونيو 2012، عقب خسارته الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس محمد مرسي، لأداء العمرة بمكة المكرمة، لكنه غير وجهته إلى أبوظبي إثر توجيه النيابة
المصرية له اتهامات بالكسب غير المشروع.
وتوترت علاقة شفيق بالسيسي، على خلفية انتقاد الأول لطريقة حكم وإدارة البلاد. وإثر رفع اسم شفيق من قوائم الوصول والترقب، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، تحدث بعض الخارجين من معسكر السيسي عن شفيق كبديل للسيسي مدعوم من الإمارات التي يشغل بها منصب المستشار السياسي لرئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
لعب بالنار
ويرى الكاتب الصحفي، قطب العربي، أن إعلان حزب شفيق عن ترشحه للانتخابات "غير كاف لتأكيد الخبر"، متوقعا أن "تكون مناورة سياسية بهدف دفع السيسي للتصالح مع شفيق دون السماح له بالترشح".
وأضاف لـ
"عربي 21": "السيسي لن يسمح لشفيق بالترشح لأنه يمثل خطورة حقيقية عليه مثل اللعب بالنار"، مؤكدا أن "السيسي يخاف من خياله، ولا يمكن أن يغامر بفتح الباب لترشح شفيق حتى من باب الديكور لأنه لن يأمن النتيجة".
وأكد العربي أن "ترشح شفيق يشجع أطرافا نافذة ومهمة في الدولة والجيش؛ على الوقوف معه للتخلص من السيسي بطريقة ديمقراطية سلمية، ولا أظن السيسي يقبل ذلك".
وتابع العربي: "فِي تقديري؛ لن يترشح شفيق إلا إذا حدث توافق على ذلك بين أطراف عدة، سواء داخل المؤسسة العسكرية، والأجهزة الأمنية، ودولة الإمارات، وبعض الأجهزة المخابراتية الإقليمية والدولية".
وأضاف العربي: "لن يحرم السيسي من وجود أكثر من (استبَن) يمرر فوزه مثل حمدين صباحي، فقد أعلن محمد السادات أنه سيترشح، وقد ألمح خالد علي لاحتمال ترشحه، ومع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي سنجد آخرين يعلنون نيتهم الترشح"، مشيرا لاحتمال توافق القوى الليبرالية على مرشح وهكذا سنجد أكثر من "محلل".
كارت ضمان
أما المحلل السياسي، أسامة الهتيمي، فيعتقد "أن السماح بعودة شفيق وترشحه للانتخابات الرئاسية؛ هو أحد السيناريوهات المطروحة من المؤسسة العسكرية التي تتحسب لأية مفاجآت، خاصة وأن مؤسسات الدولة كلها تدرك إلى أي حد وصلت حالة الاحتقان الشعبي جراء الآداء السياسي للسيسي".
وأضاف الهتيمي، لـ
"عربي 21": "ومن ثم فإن الرهان على فوز السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة في حال تمت في أجواء من النزاهة، غير مضمون بالمرة، وعليه فلا بد أن يكون البديل جاهزا على ألا يكون خارج الدائرة المسموح بها، إذ ليس مقبولا أن تنتقل السلطة لشخص مدني".
3 احتمالات
وتوقع الكاتب الصحفي محمد منير، أكثر من احتمال حول ترشح شفيق، وذكر أن "الاحتمال الأول هو أن يكون دور شفيق في الانتخابات الرئاسية في 2018، هو دور (المحلل) للسيسي؛ مقابل عودته لمصر وتبرئته كباقي رجال نظام مبارك".
وقال منير لـ
"عربي 21" إن هناك احتمالا آخر؛ وهو "أن يكون شفيق هو البديل ما بين نظام السيسي، ونظام مبارك، وأن يكون ترشحه للمنصب حقيقي وتنفيذ دور جديد أقره له الجيش".
وترأس شفيق رئاسة وزراء مصر إثر ثورة كانون الثاني/يناير 2011، بتكليف من مبارك ثم كلفته المؤسسة العسكرية التي تولت السلطة بتسيير أمور البلاد، وأطاحت به انتقادات الثوار الذين اعتبروه امتدادا لنظام مبارك، كما تم ترشيحه لانتخابات الرئاسة التي خسرها أمام الرئيس محمد مرسي، منتصف 2012، واعتبره النشطاء حينها مرشحا عن نظام مبارك.
ويرى منير، أن الاحتمال الثالث هو ترشيح شفيق مقابل السيسي ضمن خطة للخروج من الأزمة السياسية الحالية بالبلاد، مشيرا لاحتمالات فوز شفيق بالرئاسة، مؤكدا أنه "في النهاية يعد ابنا للمؤسسة العسكرية ولن يخرج عما هو معد له".
وأضاف منير أن "ترشح شفيق للرئاسة قد يقطع الطريق على أي مرشح من خارج المؤسسة العسكرية"، متوقعا "عدم توافق أو إجماع المعارضة المصرية على مرشح واحد"، مضيفا: "لن يحدث إجماع للمعارضة لأنه لو كان هناك مناخ للتوافق لقامت ثورة ضد النظام".
لا يملكان قرارهما
وحول احتمال لعب الفريق شفيق دور "المحلل" للسيسي وهو الدور الذي قام به السياسي المصري حمدين صباحي بانتخابات 2014، يرى الكاتب والمحلل السياسي، صلاح الإمام، أن الأمر وارد في ظل حرص المؤسسة العسكرية على أن يكون الرئيس من بين رجالاتها.
وأكد الإمام لـ
"عربي 21"، أنه "لا شفيق ولا السيسي أصحاب قرار، حول الترشح لرئاسة مصر"، موضحا: "هذا القرار يأتي من تل أبيب ويصدر عن واشنطن عبر أبوظبي".
وأضاف الإمام: "يصعب الآن الوصول إلى نتائج مباشرة للأحداث؛ لأن كل شيء يسير خارج المنطق"، مؤكدا أنه لا مجال للتوقعات والتخمينات لأنك ستجد كل يوم جديد على الساحة السياسية، وقد تحدث أمور عجيبة؛ حيث نعيش حقبة اللامعقول.