نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للخبير في شؤون الجماعات الجهادية جيسون بيرك، يقول فيه إن الطبيعة البدائية لهجوم يوم الأربعاء الإرهابي، الذي استهدف البرلمان البريطاني، يشير إلى وجود شبكة محدودة لتنظيم الدولة في
بريطانيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن لجوء الجهاديين والمتعاطفين معهم للسيارات والسكاكين يظهر أن التنظيم لم تعد لديه القدرة على تنظيم هجمات واسعة، خاصة أنه يتعرض لحصار وملاحقة في مناطق نفوذه في كل من العراق وسوريا.
ويقول بيرك إن الهجوم على البرلمان البريطاني هو الأخير في سلسلة من الهجمات الإرهابية، التي استخدم فيها المهاجمون عربات قادوها بسرعة واستهدفت المشاة، مشيرا إلى أنه أسلوب استخدمه
تنظيم الدولة بشكل واسع، ففي كانون الأول/ ديسمبر 2016، قام لاجئ في ألمانيا بقيادة شاحنة في سوق في برلين وقتل 12 شخصا، وفي تموز/ يوليو 2016 قام شخص آخر بقيادة شاحنة ودهس العشرات الذين كانوا يحتفلون بيوم الباستيل في مدينة نيس الفرنسية، وكانت حصيلة القتلى 86 شخصا.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم أن التنظيم لم يخطط لهذه الهجمات أو يوجهها، إلا أنه ألهم المنفذين، حيث قام طالب في تشرين الثاني/ نوفمبر، باستخدام شاحنة وسكينا، وجرح 13 شخصا في أوهايو في الولايات المتحدة، ولم تعرف دوافعه، ولم يكشف عن ولائه.
وبحسب التقرير فإنه "مع أن هذه الهجمات ليست مسبوقة أو غريبة، إلا أنها زادت في السنوات القليلة الماضية، ويبدو أن المهاجمين يقومون بتلبية نداء المتحدث باسم التنظيم أبي محمد
العدناني، الذي قتل في غارة جوية على بلدة الباب السورية العام الماضي، حيث دعا العدناني في عام 2014 المتعاطفين مع تنظيمه في الغرب للهجوم على (الكفار)، خاصة عناصر الشرطة والجنود في أي مكان كانوا، بدلا من السفر إلى الشرق الأوسط".
ويورد الكاتب نقلا عن العدناني قوله في خطابه: "لو لم تعثروا على القنبلة أو الرصاصة فهشموا رؤوسهم بحجر، واذبحوهم بسكين، أو ادهسوهم بسياراتكم، أو ارموهم من مكان مرتفع، واخنقوهم، أو سمموهم"، لافتا إلى أنه رغم أن العدناني أشار تحديدا إلى فرنسا حيث شهدت هجومين كبيرين، إلا أنه أشار إلى بريطانيا أيضا.
وتلفت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي بدأ فيه التنظيم يواجه تراجعا وهجوما في العام الماضي، فإنه أعاد النداء لأتباعه والمتعاطفين معه حول العالم، مشيرة إلى أن التنظيم كان يأمل بضرب بريطانيا بأسلحة أكثر تقدما، كما فعل في هجوم باريس في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وهجوم بروكسل العام الماضي، وفي اليوم ذاته الذي هوجمت فيه لندن من جديد.
ويستدرك التقرير بأنه رغم العدد الكبير من المتطوعين البريطانيين الذين انضموا للتنظيم في العراق وسوريا، إلا أنهم لم يكونوا قادرين على تنفيذ هجمات في بلادهم؛ بسبب ما يصفه المسؤولون الأمنيون بأنه نقص الكفاءة والتماسك.
وينوه بيرك إلى أن الولايات المتحدة شهدت هجمات من هذا النوع، قام بها أفراد أو زوجان، كما حدث في هجوم سان برناندينو، حيث أعلن المنفذان عن ولائهما لتنظيم الدولة قبل القيام بهجماتهما القاتلة.
وتفيد الصحيفة بأن المسؤولين الأمنيين يرون أن قوانين التحكم بالسلاح المعمول بها في بريطانيا، وعدم وجود سوق سوداء للسلاح، كما هو الحال في بلجيكا، كانا عاملين لمنع الهجمات على بريطانيا.
ويذكر التقرير أن المهاجمين استخدموا في العراق وأفغانستان والغرب خلال الـ15 عاما الماضية السلاح في معظم الهجمات، حيث كان من السهل الحصول عليه، وتم تنفيذ الهجمات بعد ساعات من وصول المهاجم إلى البلد، على الرغم من الميول لوصف المهاجم بأنه "ذئب متوحد".
ويكشف الكاتب عن أن الأبحاث تظهر أن ما بين نصف أو ثلثي المهاجمين عادة ما يعبروا عن رغباتهم بالقيام بهجوم لأقاربهم أو أصدقائهم، بالإضافة إلى أن معظمهم لديهم علاقة بشبكات أوسع أو ناشطين في جماعات إسلامية.
وتشير الصحيفة إلى استخدام أسلوب الدهس ضد الاحتلال الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية، الذي أدى إلى سلسلة من الرسوم الكرتونية والأغاني "انتفاضة الدهس"، لافتة إلى أن المحتجين الإيغور ضد الحكم الصيني في مناطق شمال الصين استخدموا الأسلوب ذاته.
ويقول التقرير إن المسؤولين الأمنيين أكدوا أن الهجوم على بريطانيا هو مسألة وقت، فالمستوى الأمني رفع إلى مستوى "خطير"، وقال مدير وحدة مكافحة الإرهاب السابق في الشرطة البريطانية ريتشارد والتون، في كانون الثاني/ يناير، إن هناك تنوعا كبيرا ومعقدا في الخطر الإرهابي لم نشهد مثله.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إن "الدعوة إلى العنف لدعم قضية الجهاد ليست جديدة، فهي تعود بجذورها إلى الثمانينيات من القرن الماضي".